خطرالأخونة… مسؤولية الدولة

الصراع حول السلطة وخلق تيارات الإسلام السياسي شكلا رافدا لتنامي المخاوف أخونة الدولة هي نتيجة وليست سببا في حد ذاته، فقد نهجت الدولة، بالمعنى الوظيفي، مجموعة من الإجراءات التي سارت نحو تقوية نفوذ حركات الإسلام السياسي، وفتح الباب أمامها لتنويع روافدها من الجامعات والمؤسسات التعليمية والحركات الجمعوية الدعوية وغيرها. بالمقابل، ساهمت الدولة أيضا في إضعاف الأحزاب الوطنية، اليسارية منها، بحثا عن توازنات سياسية من أجل استقرار النظام والتمكين له، وهي استراتيجية نهجتها السلطة من أجل احتكار السلطة. أخونة المناهج العلاقة بين المناهج التعليمية وصناعة التطرف ليست وليدة اليوم، فقد تفجر هذا الجدل منذ سنوات داخل الجامعات المغربية، بعد أن نبهت بعض التيارات اليسارية إلى مخاطر المغامرة بالعملية التربوية لأجل محاصرة النفوذ اليساري بتقوية النفوذ الديني داخل هذه المؤسسات. في البداية سعت الدولة إلى محاصرة اليسار، داخل الجامعات بسبب مواقفه السياسية الجذرية ومعاكساته الدائمة للنظام، فوجدت السلطة أن الطريقة المثلى لوقف هذا الزحف هو البحث عن بدائل متعارضة تماما، ومساعدتها على النمو والتطور لضرب التيار اليساري، سواء من خلال تقويتها والسماح لها لممارسة العنف داخل الجامعات، أو من خلال توفير مناهج دراسية قادرة على صناعة نخبة طلابية لفائدة هذه التيارات الإسلامية، والنتيجة أن تحولت الجامعة إلى مكان للصراع بين التيارين وعاشت سنوات من العنف الذي ولد أجيالا من الطلبة خرجوا، تكوينا وتفكيرا من رحم هذه المرحلة المتصارعة. في الوقت الراهن، تجدد الخلاف حول مضامين مادة التربية الإسلامية مع اتساع مساحة التطرف، إذ وجهت أصابع الاتهام إلى بعض المناهج التعليمية وإلى سياسة الدولة التي راهنت قبل سنوات على إقصاء مادة الفلسفة مقابل حضور قوي لبرامج الدراسات الإسلامية في مختلف مستويات التعليم بالمغرب، إذ نهجت الوزارة الوصية على القطاع تطويق الفلسفة بدعوى أنها مسؤولة عن إنتاج فكر وحراك سياسي معارض للحكم، وتعزيز مادة التربية والدراسات الإسلامية لضرب المعارضين وتكفيرهم في الجامعات ومحاكماتهم في الساحات الطلابية، إلا أن عودة النقاش حول المناهج التعليمية يفيد وجود رغبة في إصلاح ما أفسدته حسابات السياسة. أخونة المشهد الحزبي في الشأن الحزبي، يستمر إضعاف الأحزاب الديمقراطية إلى يومنا هذا، وكشف حالة الثنائية القطبية التي تشتكي منها معظم الأحزاب السياسية، بداية تشكل تيارين قويين، الأول يقوده الأصالة والمعاصرة ومن يدور في فلكه، والثاني يديره حزب العدالة والتنمية ومن يتحالف معه. أما باقي الأحزاب فرغم أنها تحاول البحث عن موقع لها خارج دائرة الاصطفاف السياسي الثنائي إلا أنها بقوة الأشياء تجد نفسها تدور في فلك أحد الحزبين، وبذلك فقد فقدت الكثير من بريقها ونخبها السياسية وتأثيرها على المجتمع لفائدة هذه الثنائية القوية. لقد شكلت الأحزاب السياسية، على الدوام، حاجزا يقي الدولة من تنامي التيارات الفكرية المناقضة لقيم الديمقراطية والحرية، وقديما قاومت بعض الأحزاب، كما هو الحال بالنسبة إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تنامي تيار الإخوان المسلمين بعد أن أعلن عنه نفسه باغتيال واحد من رموز الحزب الشهيد عمر بنجلون، يومها نبهت الأحزاب التقدمية إلى مخاطر اللعبة التي تحركها أطراف داخل الدولة، وكيف أن السوط الذي يضرب به النظام خصومه السياسيين قد يلتف يوما على النظام نفسه، وهو ما تعكسه المخاوف اليوم من "أخونة الدولة". لم يقف الأمر عند توظيف تيار الإسلام السياسي في تصفية وإضعاف خصوم الدولة، رغم أن الصراع كان أساسا حول بناء الديمقراطية بما يخدم استقرار النظام نفسه وليس العكس، غير أن الدولة كان لها توجه آخر، يقوم على خلق تيار محافظ داخل المجتمع السياسي، أخذ أكثر تمثلاتها التنظيمية قوة بعد إعلان حزب العدالة والتنمية، كامتداد طبيعي ضم مختلف مكونات تيار الإسلام السياسي، الذي مارس بعض أطراف العنف والتقتيل داخل الجامعات. عملية الاحتواء التي حضرت لها الدولة، بإقحام مجموعة من أعضاء الشبيبة الإسلامية داخل حزب حركة الراحل الخطيب، انتهت بميلاد حزب سياسي تتهمه جهات داخل الدولة بالسعي إلى أخونة المجتمع، بعد أن فاز بالانتخابات ديمقراطيا. تيارات من أجل الأخونة الحديث عن أخونة المجتمع يثير مسؤولية حزب العدالة والتنمية، تحديدا، لكن هذا التيار تدعمه حركات أخرى تبنت الاختيار نفسه تنتظر مشاركتها في العملية السياسية لتكتمل العملية. من بين هذه التيارات نجد جماعة العدل والإحسان، التي لا تزال تبحث عن مشروعية العمل والتأسيس بحثا عن موقع سياسي قانوني. وهناك التيار السلفي الذي أخذ يتنامى بشكل ملحوظ داخل المجتمع، وهو يتوزع ين تيارات منها ما يعلن براءته من العنف ويبتغي الدعوة والتبليغ، ومنها من أعلن عنه نفسه بتفجيرات وعمليات إرهابية انتهت بمقتل العشرات من المغاربة الأبرياء. بعض أقطاب هذا التيار يقبعون في السجن بمسؤوليته عن القتل وتخريب الممتلكات وبعضهم الآخر يبحث له عن موقع جديد يجعل منه فاعلا سياسيا من موقع حزبي غير دعوي هذه المرة. من هذا المنظور، تجد الدولة نفسها مجبرة على تدبير هذه التيارات برمتها، دون المغامرة بإعادة لعبة ضرب طرف بآخر والتي مارستها في سنوات السبعينات، وذلك حتى لا يتقوى طرف على آخر. إحسان الحافظي

خطرالأخونة… مسؤولية الدولة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الركراكي يخشى مرتدات بجاية

إلياس: المغرب يواجه خطر التمكين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات