مبارك احترف في عاصمة الأنوار وتخصص في تسجيل الأهداف من ضربات الزوايا في محفل جنائزي مهيب، شيعت الأوساط الرياضية بمكناس، عصر أول أمس(السبت)، الدولي السابق محمد مبارك، المعروف بـ"امبيري"، أحد أبرز الأسماء الكروية التي أنجبتها العاصمة الإسماعيلية خلال خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي، طاويا برحيله صفحات سجل لاعب من طينة الكبار بصم مساره بمداد من ذهب لاعبا هاويا ومحترفا ومدربا، كان له الفضل في إبراز العديد من المواهب الكروية أمثال الهداف الدولي السابق "كاماتشو". محمد مبارك، الذي ووري جثمانه الثرى بمقبرة"مولاي مليانة" بحي الرياض(الملاح الجديد)، لفظ آخر أنفاسه، في الساعات الأولى من صباح أول أمس(السبت)، بالمستشفى الإقليمي محمد الخامس بمكناس، الذي نقل إليه يومين من قبل، في وضعية صحية جد حرجة نتيجة معاناته مرضا عضالا ألزمه الفراش منذ حوالي عشرة أشهر. ويحفل مسار "الجوهرة السوداء"لمكناس بالعديد من الإنجازات لاعبا هاويا ومحترفا ومدربا، حيث بدأ حياته الكروية مع فريق الرشاد المكناسي، الذي تدرج عبر جميع فئاته إلى أن حقق معه حلم مجاورة قسم الأضواء موسم 1957، قبل أن تقوده رغبته في تغيير الأجواء لتعزيز صفوف المغرب الفاسي لفترة زمنية لم تتعد أربعة أشهر، لينتقل بعدها إلى الديار الفرنسية التي دافع بعاصمتها عن ألوان ناديي الراسينغ (58-59) والأتلتيك (59-61). وفي 1962، التي أرخت لتأسيس النادي المكناسي، بعد انصهار فرق "لوسديام"و"طنجة-فاس"و"الشرف"و"الرشاد"، عاد محمد مبارك، الذي كان متخصصا في تسجيل الأهداف من ضربات الزوايا، إلى مسقط رأسه بمكناس، إذ ساهم في صعود "الكوديم" إلى القسم الوطني الأول، بعد الفوز التاريخي على اتحاد الخميسات بعقر داره، بفضل الهدف الوحيد الذي سجله في الوقت بدل الضائع في مرمى الحارس الزموري العملاق بوخريص. وفي هذا الصدد، يحفظ سجله الذهبي بحدث فقدانه لجل أسنانه الأمامية، بفعل تلقيه رأسية بوخريص، مباشرة بعد الصافرة النهائية للمباراة، التي امتزجت عنده فيها أفراح تحقيق حلم الصعود بأقراح تكسير الأسنان. وتأبى الأقدار إلا أن يعيش امبارك عام 1966 حدثين متناقضين تماما، امتزجت فيهما دموع توديع قسم الصفوة، بعد الهزيمة المرة أمام المغرب الفاسي، بابتسامة الظفر بلقب الكأس الفضية الغالية بعد الفوز على الفريق نفسه بهدفين لصفر، سجلهما بوعزة واحميدوش، لحساب نهائي كأس العرش، الذي حضره آنذاك الملكان الراحلان الحسن الثاني ومحمد بهلوي"شاه" إيران. ولم تقتصر مداعبة "امبيري" للكرة عند هذا الحد، بل تجاوزتها إلى شرف حمل القميص الوطني في العديد من المناسات، من خلال خوضه موسم 1958 بالعاصمة التونسية غمار دوري مغاربي، شاركت فيه منتخبات الجزائر وليبيا والمغرب فضلا عن البلد المنظم. وفي موسم 1961 خاض الراحل مباراة الإياب أمام المنتخب التونسي في إطار تصفيات كأس العالم الخاصة بالمنطقة الإفريقية، قبل أن يدافع عن العالم الوطني في دوري دولي، احتضنته الجماهيرية الليبية سنة 1964، بمشاركة منتخبات مالطا وليبيا ولبنان والسودان. ولأنه ظل عاشقا ومهووسا بالجلدة الملعونة، أبى الراحل مبارك إلا أن يدخل عالم التدريب، حيث أشرف على تدريب شباب أطلس خنيفرة والنادي المكناسي والنادي القصري وإسمنت مكناس واتحاد بلدية تولال... الراحل مبارك، الذي جايل أسماء وازنة في عالم المستديرة من حجم وقيمة التيباري وطاطوم والعربي شيشا وحسن أقصبي وبلمحجوب والزهر وحميدوش والولد...، وكرس حياته لكرة القدم لم تمنحه الأخيرة غير عبارات الامتنان والإعجاب من أناس معدودين على رؤوس الأصابع.. كما أنها لم تمنحه أكثر من شرف الحلول ضيفا على برنامج «سمر رياضي»، الذي كان يعده ويقدمه الزميل سعيد زدوق، فضلا عن اقتياته من فتات راتب معاش لا يتعدى 1600 درهم. خليل المنوني (مكناس)