أمن الشهود على ضوء القانون

تحقيق العدالة الجنائية التي لا غنى عنها في مسار التقدم بمختلف تجلياته2-2 إن استقراء المادة 82- 6 من ق.م.ج والتي تؤسس للحماية المقيدة المخولة للشهود في جميع الجرائم، والإجراءات الحمائية لا تتأتى إلا بناء على طلب لوكيل الملك أو الوكيل العام للملك أو قاضي التحقيق بتطبيق الإجراءات الحمائية بعد بيان وجود أسباب جدية من شـأنها تعريض حياته أو سلامته الجسدية أو مصالحه الأساسية أو حياة أفراد أسرته أو سلامتهم الجسدية أو مصالحهم الأساسية للخطر أو لضرر مادي أو معنوي نتيجة الإدلاء بشهادته أو إفادته، ومن بين هذه الإجراءات ما يلي : -تمكين الشاهد من رقم هاتفي خاص بالشرطة القضائية قصد إشعارها فورا بأي فعل يهدد سلامته أو سلامة اسرته أو اقربائه. -إخضاع الهواتف التي يستعملها الشاهد لرقابة السلطة المختصة بعد موافقته كتابة. -توفير حماية جسدية من قبل القوة العمومية. بالنظر إلى هذه الإجراءات الأمنية الثلاثة والتي لا يمكن تطبيق إلا إجراء واحد منها بناء على طلب عكس الحماية المطلقة في جرائم المال العام والجرائم الواردة في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية والتي يمكن تلقائيا أو بناء على طلب لوكيل الملك أو الوكيل العام للملك أو قاضي التحقيق تطبيق واحد أو أكثر من التدابير الواردة في المادة 6-82 من ق.م.ج، كما أنه لا يمكن اتخاذ تدبير آخر دون الإجراءات المذكورة والتي تكتسي طابعا امنيا (حماية أمنية مقيدة). تجليات الحماية المطلقة في المادة 82- 7 : إن القانون 37.10 المتعلق بحماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين يكفل حماية مطلقة للشهود في جرائم المال العام والجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية (المس بأمن الدولة، أو جريمة إرهابية، أو تكوين عصابات إجرامية، أو القتل أو التسميم، أو الاختطاف و أخد الرهائن، أو تزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام، أو المخدرات والمؤثرات العقلية، أو الأسلحة و الذخيرة و المتفجرات، أو حماية الصحة)، وكونها حماية مطلقة على أساس أنه يحق لوكيل الملك او الوكيل العام للملك أو قاضي التحقيق إذا كانت تدابير الحماية الواردة في المادة 82- 7 من ق.م.ج - على سبيل المثال لا الحصر -غير كافية أن يتخذ تدبيرا آخر ضمانة فعلية لمستحق الحماية، شريطة أن يكون بقرار معلل، ومن بين جملة التدابير المنصوص عليها في المادة 82- 7 من ق.م.ج : -الاستماع شخصيا إلى الشاهد -إخفاء هوية الشاهد في المحاضر و الوثائق التي ستقدم للمحكمة المتعلقة بالقضية بشكل يحول دون تعرف الغير على هويته الحقيقية. -تضمين هوية مستعارة أو غير صحيحة للشاهد في المحاضر والوثائق التي ستقدم للمحكمة المتعلقة بالقضية بشكل يحول دون تعرف الغير على هويته الحقيقية. -عدم الإشارة إلى العنوان الحقيقي للشاهد ضمن المحاضر والوثائق المتعلقة بالقضية المطلوب فيها شهادته بشكل يصعب معه التعرف على عنوانه. - الإشارة في عنوان إقامة الشاهد إلى مقر الشرطة القضائية التي تم الاستماع فيها إليه أو المحكمة المختصة للنظر في القضية إذا كان قد استدعي لأول مرة أمام قاضي التحقيق أو المحكمة. -تمكين الشاهد الذي أدلى بشهادته أو إفادته من رقم هاتفي خاص بالشرطة القضائية وذلك لإشعارها بأي فعل قد يهدد سلامته أو سلامة أسرته أو أقاربه. -إخضاع الهواتف التي يستعملها الشاهد لرقابة السلطات المختصة بعد موافقته كتابة ضمانا لحياته. -توفير الحماية الجسدية للشاهد أو أحد أفراد أسرته أو أقاربه من قبل القوة العمومية للحيلولة دون تعرضهم للخطر. ناهيك عن اتخاذ واحد أو أكثر من هذه التدابير فإنه يتعين الاحتفاظ بالهوية الحقيقية للشاهد (المادة 82- 8 من ق.م.ج) في ملف خاص يوضع رهن إشارة المحكمة للاطلاع عليه كلما اقتضى الأمر ذلك، ويجوز للمحكمة السماح بالكشف عن هوية الشاهد الحقيقية بعد موافقته، شريطة توفير الحماية اللازمة له، إذا كان الكشف ضروريا لممارسة حق الدفاع و اعتبرت الشهادة وسيلة الإثبات الوحيدة في القضية، أما في حال ما إذا قررت المحكمة عدم الكشف عن هويته فإن الشهادة تعتبر مجرد معلومات لا تقوم بها حجة بمفردها. تجدر الإشارة أيضا إلى أنه يمكن تغيير تدابير الحماية المتخذة أو إضافة تدبير آخر أو أكثر إليها أو إلغاؤها (المادة 82- 10 من ق.م.ج) من السلطات القضائية تلقائيا أو بناء على طلب، كما أن هذه التدابير تستمر ولو بعد صدور الحكم إذا اقتضت الضرورة ذلك. وصفوة القول فإن ترسيخ دولة الحق والقانون وتعزيز صرح البناء الديمقراطي وتكريس سيادة القانون يمر حتما عبر إقامة أسس قضاء مستقل و محايد هدفه الحفاظ على الحقوق و الحريات و تحقيق العدالة الجنائية التي لا غنى عنها في مسار التقدم بمختلف تجلياته، ولا يتأتى هذا الهدف دون تمكين الأفراد من حقوقهم والضمانات المكفولة لهم قانونا، فالشاهد ماهو إلا جزء من هذا الكل فقد خصه المشرع المغربي بمجموعة من التدابير الحمائية التي تحول دون تعرضه لضرر مادي أو معنوي، و ذلك من خلال القانون 37.10 المتعلق بحماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين، إلا أن الإشكال الذي يطرح نفسه يتعلق دائما بالممارسة العملية التي جعلت من بعض القوانين قوانين جامدة وميتة إن صح التعببر، ولا يعدو أن يكون قانون 37.10 إلا نموذجا لهذه القوانين، والمفروض على السلطات القضائية تفعيل هذه التدابير الحمائية وتوعية المواطنين بذلك خاصة إذا استحضرنا غيابا تاما للثقافة القانونية في أوساط العامة، كل هذا في إطار التوفيق بين حماية الشاهد من جهة، و ضمان حقوق الدفاع و شروط المحاكمة العادلة من جهة أخرى و هي معادلة ليست صعبة كما هو معروف بقدر ما تحتاج إلى حنكة وجرأة كبيرتين. * باحث بماستر العلوم الجنائية و الأمنية

أمن الشهود على ضوء القانون

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أخبار الصباح

برلماني من "المصباح" يتسول تأشيرات الحج

مقالات ذات صلة