فتحت قضية استفادة والي الرباط من تجزئة في العاصمة الإدارية، توجد ضمن الملك الخاص للدولة بثمن بخس، النقاش في الأوساط السياسية والمدنية وهيآت الدفاع عن المال العام ومحاربة الرشوة، حول مدى قانونية هذه الامتيازات، التي استفادت منها مئات الأسماء من عالم السياسة والسلطة والمال.
وما أثار المزيد من بيانات وتصريحات الاستنكار، اللغة التي حملها بلاغ وزارتي الداخلية والاقتصاد والمالية، والذي أكد أن استفادة الوالي من بقعة، جزء من تجزئة سكنية، مخصصة لمن أسماهم “موظفي وخدام الدولة”.
وأعاد ملف التجزئة والأسماء التي استفادت منها، والتي نشرتها العديد من المواقع والصحف الالكترونية، النقاش حول اقتصاد الريع والامتيازات، وشعارات محاربة الفساد التي رددتها حكومة بنكيران، منذ تولي مسؤولية تدبير الشأن العام، قبل خمس سنوات، خاصة أمام التزام حزب رئيس الحكومة الصمت تجاه هذه القضية.
وإذا أثارت القضية في أوساط الرأي العام سخطا عكسته بيانات الإدانة والاستنكار، فإن النخب السياسية سارت في اتجاه مناقشة القضية في علاقتها بالسياق السياسي، وباستحقاق الانتخابات التشريعية، وعلاقتها بمطلب محاربة الفساد، ما جعل العديد من الملاحظين والمتتبعين يتساءلون عن الجهة التي تقف وراء تحريك الملف، في هذه اللحظة، والمصلحة السياسية من إثارتها.
وفي هذا الصدد، أوضح حسن طارق، أستاذ العلوم السياسية، والقيادي في الاتحاد الاشتراكي، أن واقعة تفويت أراضي طريق زعير إلى “خدام الدولة”، تنتمي إلى نمط للحكم من الماضي السلطوي للبلاد.
وأكد طارق، في تدوينة نشرها على حسابه الرسمي بموقع “فيسبوك”، أن فكرة “خدام الدولة” التي تنتمي إلى منطق النخبة المخزنية، لا مكان لها في ثقافة سياسية تتعزز يوما بعد يوم داخل أوساط الشباب، الذي فتح أعينه على أفكار المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص، والذي عايش محمد السادس، وهو يعلن أنه ملك مواطن، “في تمثلات الأجيال الجديدة لا يمكن بتاتا الجمع بين الملك المواطن، وبين المواطنة الامتيازية للنخب”.
وأكد أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري أن منطق العطايا والريع، ليس تفصيلا منفلتا في النظام السياسي، موضحا أنه “شكل في السابق جوهر نمط للحكم، مبنيا على اقتصاد سياسي لتوزيع المنافع والجاه والسلطة، وبذلك كان جزءا من إستراتيجية التنخيب الضرورية لتأسيس منظومة من الولاءات وشبكات الزبونية السياسية.”
وبالعودة إلى ردود الأفعال المدنية، أدانت حركة “أنفاس” ما أسمته استمرار ممارسات تبديد المال العام عبر استحواذ مسؤولين كبار على عقارات الدولة بمقابل هزيل، مضيفة أنه “بغض النظر عن “قانونية عملية التفويت”، فهي مرفوضة أخلاقيا وسياسيا”.
وأكدت الحركة المدنية ذات التوجه اليساري، في بيان لها أن “استمرار “طبقة المنتفعين” في الحصول على امتيازات يكرس الاستبداد والظلم والتمييز بين أفراد الشعب الواحد”، وهو ما يدل على أن الطريق ما يزال بعيدا عن إرساء دولة ديمقراطية قوية من حيث قدرتها على الاشتغال بمؤسسات قوية وفرض قوة القانون بصفة عادلة واحترامه من قبل الجميع، دولة قوية بمعنى دولة الحق التي تمثل جوهر الديمقراطية الحقة… وتتوفر على إستراتيجية واضحة وملموسة لمحاربة الرشوة و الزبونية”.
وأكدت الحركة في بيان لها أن “دفاع وزارتي الداخلية والمالية عن قانونية صفقات التفويت لفائدة من أسمتهم “خدام الدولة”، يعتبر تكريسا لمنطق المخزن التقليدي”.
واستغربت الحركة بشدة ما أسمته صمت رئيس الحكومة، في حين أن له من الصلاحيات ما يكفي لإصدار مرسوم يلغي المرسوم المشار إليه في بلاغ وزارتي الداخلية والمالية، متمنية ألا يستعمل هذا الملف مطية لجعل الحملة الانتخابية حلبة لتراشق التصريحات والاتهامات عوض الرقي بمستوى النقاش السياسي وتقارع المشاريع والأفكار.
ب . ب
حسن طارق: ريع مكتسب لنخبة المخزن
