يمر القطاع العقاري من ظروف صعبة، خلال السنتين الأخيرتين، يعكسها تراجع المبادلات العقارية، خلال الفصل الأول من السنة الجارية، بناقص 8.5 % مقارنة مع الرابع من السنة الماضية، كما أن البنوك ما تزال تغلق صنابير التمويلات في وجوه المنعشين العقاريين، إذ تفيد المعطيات الأخيرة لبنك المغرب أن القروض الممنوحة للمنعشين العقاريين تراجعت بناقص 9 في المائة، خلال ثلاثة أشهر الأولى من السنة الجارية، مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية. لكن الوضعية تختلف حسب فروع القطاع، إذ أن السكن الاجتماعي يعرف رواجا، خاصة في المدن الكبرى، حيث يسجل عجز كبير في هذا المجال، ويعرف السكن المتوسط ركودا، بل تراجعا مقارنة بالسنتين الأخيرتين، وذلك رغم الإجراءات التي اعتمدتها الحكومة لفائدة هذا الصنف من السكن. وتأثر فرع آخر من النشاط العقاري بالأزمة العالمية ويتعلق الأمر بالسكن الثانوي أو الصيفي، الذي يعتبر المغاربة المقيمون بالخارج من أبرز زبنائه، وعرف هذا السوق تراجعا خلال السنتين الأخيرتين بفعل تدهور القدرة الشرائية لمغاربة العالم. ويظل السكن الراقي الصنف الذي لا يعرف الأزمة، إذ هناك دائما طلب يوازي أو يتجاوز العرض الموجود. ومن بين المؤشرات التي تعكس الصعوبات التي يمر بها القطاع أن الشركات الكبرى تعيش وضعية مالية صعبة، وذلك في ظل رؤية مستقبلية واضحة. ويطالب الفاعلون في القطاع بضرورة تسريع المساطر الإدارية، التي ما تزال تشكل عائقا أمام الاستثمار في القطاع. فهناك، من جهة، طلب هام على السكن، ومن جهة أخرى، توفر رغبة قوية لدى المنعشين العقاريين من أجل إطلاق مشاريعهم، لكن ينعدم التوافق والانسجام بين العرض والطلب بسبب اختلاف الأهداف على أرض الواقع وعدم تحقيق رغبة الأطراف، ما يتطلب تدخل الحكومة بهدف توفير الحوار وتحفيز الطلب والعرض وتقريبهما كما وكيفا، وإذا ما تم تسهيل المساطر الإدارية المعقدة وغير المنسجمة مع روح المنافسة والظروف الاقتصادية الحالية، فإن القطاع سيعرف انطلاقة حقيقية. عبد الواحد كنفاوي