وقـود الإضرابـات

أشهر قليلة تفصل عن نهاية ولاية حكومة بنكيران، دون أن يتمكن من تمرير مشروع إصلاح نظام الصندوق المغربي للتقاعد، الذي سبق لمديره محمد العلوي العبدلاوي، أن صرح بأن عجز الصندوق سيصل خلال السنة الجارية إلى 6 ملايير درهم، أي ضعف المستوى المسجل، خلال السنة الماضية، وأن احتياطات الصندوق ستنفد بحلول 2020 إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، ليتحول بذلك ملف التقاعد إلى ساحة حرب بين الحكومة والنقابات أفرزت إلى حدود الساعة إضرابين وطنيين عامين في القطاعين الخاص والعام، ومسيرات احتجاجية وطنية رفعت شعار "ارحل" في وجه رئيس الحكومة، فيما كل المعطيات الراهنة، تؤشر عن قرب الإعلان عن إضراب وطني عام ثالث، ينضاف إلى برنامج نضالي سطرته النقابات وأرادت أن يكون تصعيديا، بدءا من اليوم، ويستمر إلى عشية الانتخابات. "إذا لم تصغ الحكومة إلى مطالبنا، سنواصل احتجاجاتنا، وسنتخذ كافة الأشكال النضالية، وأكيد لن نقف عند البرنامج الممتد إلى أكتوبر المقبل"، يقول زعيم الاتحاد المغربي للشغل الذي أكد "نحن كنقابيين، ليس لدينا إلا النضال بكل الأشكال المتاحة، هذه المرة، أعد الحكومة أنها ستواجه إضرابا وطنيا عاما لمدة 48 ساعة، وفي كافة القطاعات المعنية، بما فيها القطاعات الإستراتيجية، بالقطاع العام وبالجماعات المحلية، وبالقطاع الخاص والمؤسسات العمومية، وأكيد سيكون أشد ضراوة لأنه لحد الآن، كحركة نقابية مسؤولة "تكايسنا" على بلادنا في القطاعات الإستراتيجية التي أعفيناها من الإضراب، لكن اليوم لم يعد لدينا أي اختيار، ما دامت الحكومة هي التي تدفعنا إلى مثل هذه الأمور".في المقابل، يبدو أن التصعيد الذي تعلن عنه النقابات لا يعني الحكومة في شيء، ولا تلتفت إليه، بل على العكس، تتناسل تصريحات العديد من أعضائها، بعد كل محطة نضالية للتقليل من حجم الإضراب أو المسيرة المنظمة، بل تعتبرها مؤشرا وضوءا أخضر لاستئناف مخططات تقول إنها الأقرب إلى التفعيل، ووحدها الكفيلة بتجنيب الصندوق أزمة تعصف به وتهدد بحرمان الآلاف من معاشاتهم. موقف تعتبره النقابات منبثقا من قلة خبرة الحكومة في تدبير العلاقات المهنية، والتعامل مع تلك الفئة التي جهرت برفضها لقرار أو إجراء حكومي. النقابات تطالب بهيأة عليا لتوجيه التقاعد تصر المركزيات النقابية على أنها مع إصلاح التقاعد، إلا أنها تضع شروطا خاصة تحدد معالم وصفتها التي تزعم أنها ستمنع العجز لمدة لا تقل عن عشر سنوات، أول مقوماتها، أن يشمل الإصلاح القطب العمومي، ولا يقتصر على الصندوق المغربي للتقاعد، "فهناك صندوق النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، الذي يرمي بآلاف المتعاقدين شهريا إلى الفقر والفاقة والبؤس بطريقة احتساب تجعل المتقاعد يحصل على معاش يناهز ثلث راتبه، وهذا الصندوق سيعرف أول عجز له بحلول 2052، وجب من الآن التفكير في إصلاحه لأنه من غير المعقول أن يتقاضى متقاعدو الجماعات المحلية وبعض الوزارات معاشات تناهز 600 درهم"، يقول المخارق.وفي ما يخص سن التقاعد، تقترح النقابات أن يكون الرفع اختياريا، وليس إجباريا، يوزع على ثلاث خانات، تهم 62 و63 و65 سنة، الموظف، قبل أن يصل إلى سن التقاعد، يختار، عبر ملء استمارة خاصة، الخانة التي تهمه، استنادا إلى وضعه الصحي، وقدراته ووضعه الاجتماعي. وبخصوص الزيادة في الاشتراكات، النقابات متفقة على هذه النقطة، إلا أنها وضعت شرطين، أولهما أن تساهم الدولة أي المشغل بالثلثين والموظف بالثلث، عوض الوضع الراهن، الذي يتحمل فيه الموظف نصف كلفة الاشتراك، والمخالف لكل القواعد المعتمدة في جميع الدول، والثاني، أن تكشف الدولة عن مصير هذه الاشتراكات، فيما تعتبر المقياس الثالث القاضي بتخفيض معاشات التقاعد خطا أحمر.وفيما اعتبر الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل هذه الوصفة ناجعة وقابلة للتنفيذ، نبه إلى أنه "عندما نقول بها، فنحن لا ندعو إلى اتخاذ هذه القرارات وإهمالها إلى حين تسجيل عجز جديد، بل يجب إحداث الهيأة العليا لتوجيه التقاعد، كما هو الحال في دول من قبيل فرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا، وغيرهما، ستضم ممثلين عن الحكومة وأرباب العمل، والنقابات والمجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، سيتتبعون تطور هذا الإصلاح لمدة سنتين، إذا كانت نتائجه إيجابية، فذلك ما نرجوه، ويعملون على اتخاذ قرارات أخرى في حال فشل الإجراءات الأولى.

وقـود الإضرابـات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الخلفي: ماضون في الإصلاح

إصلاح التقاعد... الحرب المفتوحة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات