بعد فترة من الذهول تلتها موجة من الغليان بدأ المجتمع المدني بإقليم القنيطرة وتحديدا بمركز مهدية يوحد صفوفه لمواجهة شركة جرف الرمال "درابور" التي حصلت منذ سنوات على امتياز استغلال مقلع بحري بشاطئ المهدية، تسبب في إتلاف جزء كبير من هذا الشاطئ الجميل التي يعتبره سكان مهدية مصدر عيشهم الوحيد كما أنه يشكل المتنفس الوحيد لسكان القنيطرة.وفي هذا الإطار شهدت قاعة ابتسامة تنظيم تظاهرة تحسيسية بمبادرة من عدد من الجمعيات تتقدمها الهيأة الوطنية لحماية المال العام والجمعية المغربية لحماية الساحل للتنمية المستدامة وجمعية حماية وتوجيه المستهلك وجمعية المهدية لرياضة ركوب الموج أطلنتيك. وأشرف على تأطير هذا اللقاء أساتذة جامعيون وباحثون في علوم المحيطات. وتحول هذا اللقاء الذي حضره عدد كبير من ممثلي المجتمع المدني ومن مهنيي الصيد البحري وممارسي الرياضات البحرية إلى محاكمة حقيقية لشركة جرف الرمال "درابور" التي حولت شاطئ المهدية والساحل المجاور إلى مقبرة بيئية بسبب الاستغلال المفرط لرمال البحر بواسطة سفن عملاقة تقوم، منذ سنوات، بشفط قعر البحر بطريقة عشوائية أدت إلى القضاء التام على كل مكونات الحياة البحرية، وأضرت بشكل كبير بالتوازنات البيئية، وغيرت من حركات التيارات المائية البحرية، ما أجهز على الثروة السمكية وحول شاطئ المهدية إلى مصيدة للمصطافين، إذ أصبح منذ سنوات على رأس قائمة الشواطئ الخطيرة بعد أن تجاوز عدد الغرقى في الصيف فقط أكثر من 100 ضحية وهو رقم اعتبره أحد المتدخلين مهولا ومخيفا يتعدى حتى عدد ضحايا حرب الطرقات. وخلال العرض، استمع الحضور إلى توضيحات ارتكزت على أبحاث علمية، تجزم كلها أن عملية جرف الرمال بمنطقة المهدية لم تحترم الشروط التقنية المعمول بها وأنها تتم بطريقة عشوائية ولا تبالي بالتوازنات البيئية، وأن الأضرار التي لحقت بالمجال البيئي وبالثروة السمكية بلغت مستويات يصعب جبرها، وخير دليل على ذلك انقراض عدد كبير من الأحياء المائية وانجراف جزء كبير من شاطئ المهدية، الذي أصبحت فيه السباحة مجازفة محفوفة بالمخاطر. وقد صبت كل التدخلات في اتجاه واحد هو المطالبة بالتوقيف الفوري لنشاط هذه الشركة وقيام القطاعات الحكومية المعنية كقطاع الصيد البحري وقطاع البيئة بإجراء دراسات تقنية "جادة" لتحديد طبيعة وحجم الأضرار التي لحقت بشاطئ مهدية ومحاسبة الشركة المعنية. وأكد عدد من المتدخلين أنه في انتظار خروج الإدارة من سباتها، فإن المجتمع المدني بالمهدية مدعوما بعدد من الهيئات المآزرة له سيبدأ حملة تحسيسية تشمل كل مكونات سكان إقليم القنيطرة لإطلاعهم على الوضعية الكارثية التي أصبح عليها شاطئ المهدية، والإعداد لبرنامج نضالي سينطلق قريبا، لمواجهة تعنت الشركة وصمت القطاعات الحكومية المعنية وعلى رأسها وزارة التجهيز والنقل. عبد الله الكوزي