تنبيه وزير العدل… فعل ماض ناقص

مرضى ومسنون وذوو ضمانات في السجون لغياب سياسة جنائية واضحة تنبيه وزير العدل والحريات، حول الاعتقال الاحتياطي، الذي سجل نسبا مرتفعة، فعل ماض، استمر مع مختلف الوزراء السابقين، فالراحل بوزبع، سبق له أن وضع الخطوط العريضة للسياسة الجنائية، ووقف على الداء، كما وصف الدواء، وبعده حل الراضي، الذي أكمل المسيرة، في الوزارة التي كانت تتحكم في السجون والعدل آنذاك، قبل أن يتم فصلهما عن بعضهما. وبعد ذلك شغل النقيب الناصري المنصب نفسه، وحمل مشعل الإصلاح وترشيد الاعتقال الاحتياطي بتفعيل مسطرة الصلح والكفالات المالية. إلا أن "الربيع المغربي"، عجل بصعود حكومة جديدة، استبدلت فيها تسمية وزارة العدل، بأن أصبحت "وزارة العدل والحريات" في إشارة قوية لانتظارات الحقوقيين وتنزيل المضامين التي جاء بها الدستور الجديد، إلا أن الحريات ظلت مسلوبة في العديد من الحالات، التي كان يمكن تجاوز الاعتقال الاحتياطي فيها، وإعمال التدابير القانونية الأخرى، سيما بالنسبة إلى المرضى والعجزة، وإلى من تنتهي "خطورة أفعالهم" بعزلهم من مناصبهم أو توقيفهم، كالقضاة والقياد والموظفين وغيرهم ممن تكون لهم ضمانات تكفي لعدم اعتقالهم وبقائهم رهن إشارة المحكمة إلى حين البت.تغيرت الأسماء واختلفت التسميات، وظل الاعتقال الاحتياطي العقبة التي تؤرق الساهرين على السجون، وتسائل عن سلطة ملاءمة ودواعي الاعتقال وتجميد نصوص العقوبات البديلة والضمانات، وغيرها من الآليات القانونية، التي تساهم في ترشيد الاعتقال من جهة، ومن جهة أخرى في دمقرطة العمل القضائي، الشيء الذي تجددت معه مقولات المغالاة في التوجه نحو الاعتقال.دورية وزير العدل والحريات إلى الوكلاء العامين ووكلاء الملك، التي تثير الانتباه، إلى الطبيعة الاستثنائية للاعتقال الاحتياطي في منظور القانون المغربي، صيحة في واد، فالوزير نفسه، منذ أن تولى شؤون العدل ومعه الحريات، أشرف شخصيا عن عمليات زج في السجون على سبيل الاعتقال الاحتياطي، بل وشهر ببعضها في برامج وحوارات، مثل قضية القاضي نجيب بقاش، المتهم بالإرتشاء، ألم يكن كافيا توقيف القاضي عن مزاولة عمله وتمتيعه بالسراح مع إغلاق الحدود في وجه إلى حين البت في قضيته!مندوب الأوقاف المتهم بتسلم رشاو من الأئمة الراغبين في التعيين بالمساجد، ألم يكن كافيا أن يمتع بالسراح مادام توقيفه من الوظيفة التي يرتكب بواسطتها الجرائم، أوقف "خطورة" أعماله الإجرامية.رجال الجمارك والأمنيون، الذين زج بهم في السجون بعد حملة 2012، والذين استفاد العديد من البراءة، ألم يكن كافيا متابعتهم في حالة سراح، فخطورة أفعالهم انتهت بعد قرارات الإعفاء التي صدرت في حقهم، قبل البحث معهم، أم أنه كان ضروريا اعتقالهم احتياطيا، مع ما يترتب عن ذلك من مآس اجتماعية واقتصادية، سيما بالنسبة إلى الأبرياء. أكثر من هذا أن مرضى أمراضا خطيرة ومعطوبون ومسنون، يقبعون في السجون، دون أن يمتعوا بالسراح إعمالا للظروف الإنسانية.رغم كل الخطابات التي تصب في اتجاه ترشيد الاعتقال الاحتياطي، تظل السجون شاهدا على أن الكلام والدوريات شيء، والواقع شيء مخالف تماما.فأمام غياب سياسة جنائية واضحة ومعايير مضبوطة للاعتقال الاحتياطي وتغييب الضمانات وباقي التدابير الأخرى، تظل وزارة العدل بدون حريات إلى إشعار آخر.المصطفى صفر

تنبيه وزير العدل… فعل ماض ناقص

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قضاة التحقيق يساهمون في الاكتظاظ

الاعتقال الاحتياطي... البعبع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات