زين الدين: الوكلاءيعوضون البرامج

< الملاحظ أن أغلب الأحزاب لا تولي البرنامج الانتخابي أهمية، وتركز على المرشحين الذين يتوفرون على حظوظ الفوز بالمقعد فقط. في نظركم، لماذا لم تتطور التجربة المغربية في اتجاه مناقشة البرامج أمام الناخبين؟< هناك أسباب متعددة وراء محدودية تعاطي الأحزاب مع مسألة البرنامج الانتخابي، في الحملات، أولها التساؤل حول مدى نفعية البرنامج في بلورة السياسات العمومية، مادام الحزب، عند تسلم زمام تدبير الشأن العام، يشتغل بعيدا عن البرنامج الانتخابي الذي وعد به الناخبين.والملاحظ أن هامش تطبيق البرنامج يظل ضعيفا جدا، أمام تشكيل حكومة من العديد من الأحزاب المختلفة التوجهات، مثل حكومة بنكيران الحالية. وأمام هذه الوضعية، غالبا ما نجد الحكومة تتعاطى مع القضايا الظرفية وتحدياتها، بعيدا عن التصورات التي سبق أن وضعتها برنامجا انتخابيا.ثانيا، بعض الأحزاب بل وأغلبها لا يمتلك رؤية وتصورا مجتمعيا متكاملا، يجيب على القضايا المجتمعية الملحة، وبالتالي يصعب عليها وضع برنامج انتخابي، لأن البرنامج له ارتباط أيضا بهوية الحزب واختباراته الفكرية والإيديولوجية، فالبرنامج يشترط التشخيص الدقيق أولا قبل وضع البدائل والمقترحات، انطلاقا من تحددي الأولويات، وهذه الوضعية قلما نجدها عند أغلب الأحزاب، باستثناء الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، اللذين راكما تجربة في مسألة إعداد البرنامج.< بالعودة إلى البرامج السابقة، يلاحظ تشابه إن لم نقل استنساخا لمطالب أكثر منها برامج تحدد الأولويات القابلة للتطبيق. ما هي أسباب هذا العجز في أداء الأحزاب؟ < تركز الأحزاب على اختيار وكلاء لوائح ومنتخبين لهم القدرة على جلب الأصوات، أكثر من البحث عن برنامج، وقد لاحظنا في الانتخابات الماضية تراشقا بين عدد من الأحزاب بسبب اتهامات بسرقة البرنامج الانتخابي، الذي يبقى خطابا عموميا، ومتشابها. فظاهرة الاستنساخ، عرفتها الانتخابات منذ الثمانينات، إذ لا تعالج انتظارات الشارع، ولا تحدد أولويات دقيقة لقضايا الراهن السياسي، بما يتجاوب مع انتظارات الناخبين. والحال أن الأحزاب في النظم السياسية الديمقراطية، تولي أهمية كبرى للبرنامج، وتركز على قضايا محددة بعينها، من قبيل الأمن أو البطالة، وهي برامج تحشد لها كل الخبرات والأطر التي تتوفر عليها، لصياغة برامج قادرة على وضع مشاريع قوانين وسياسات عمومية، عند تحمل المسؤولية.وفي حالة الأحزاب الغربية، نجد دورا كبيرا للمفكرين والنخب التي تساهم في صياغة البرامج انطلاقا من انتظارات تقدمها مختلف مؤسسات الحزب ومنظماته الجماهيرية.< تلجأ بعض الأحزاب إلى مراكز دراسات أو جامعيين لإعداد البرنامج، لعدم امتلاكها مشروعا مجتمعيا واضحا. هل يمكن الرهان على تطور الممارسة الديمقراطية بأحزاب من هذا النوع؟< صحيح، نجد أن العديد من الأحزاب لجأت في الانتخابات السابقة إلى مراكز دراسات من أجل اقتراح برنامج، وهي تجربة سلبية لم تعط مقترحات واقعية ودقيقة. ويبدو أن النظام الانتخابي المعمول به في المغرب لا يساعد على الانتقال إلى تجربة مناقشة البرامج، ما دام النظام اللائحي المعمول به، يعتبر في العمق نظاما فرديا يكرس التركيز على المرشح وقوته أكثر من الحاجة إلى برنامج الحزب. ويمكن القول، إن الغائب الأكبر في الانتخابات المغربية، هو البرنامج الحقيقي، الذي يعتبر من ركائز العملية الانتخابية في التنافس بين الأحزاب، التي يجب أن تعكس فعلا توجهات مذهبية وبرنامجية موجودة في الواقع. والحال أن 35 حزبا في الحالة المغربية، لا تعكس التعددية، بل حالة تفريخ لأحزاب لا تحمل مشاريع مجتمعية واضحة، ولا ينتظر منها تقديم برامج في الانتخابات.أجرى الحوار: ب . ب أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بالمحمدية

زين الدين: الوكلاءيعوضون البرامج

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"بيجيدي" والتقدم والاشتراكية... الدفاع عن الحصيلة

الاتحاد الاشتراكي...التشخيص قبل البدائل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات