قد يكون البروفيسور، الحسين الوردي، راضيا عن حصيلته ومنجزاته في قطاع الصحة، إلى درجة التغزل فيها أحيانا، خاصة عندما يتحدث عن استفادة حوالي تسعة ملايين مغربي من نظام المساعدة الطبية "راميد"، وهم النظام نفسه الذي مكن ما يقارب ثلاثة ملايين و400 ألف أسرة من الاستفادة من عمليات جراحية كبرى والتطبيب والأشعة والخدمات البيولوجية. كما رصدت وزارته مليار درهم لتحسين وضعية المراكز الاستشفائية العمومية والمراكز الاستشفائية الجامعية، إضافة إلى إحداث عشرات المؤسسات الطبية للقرب عبارة عن وحدات متنقلة، وغيرها من المنجزات التي تشكل بالنسبة إلى الوردي وإلى حكومة بنكيران موضوع مفاخرة في كل مناسبة.إلا أن هذا الرضا لا ينعكس على تصريحات وتقارير النقابات الصحية، التي تصل أحيانا في وصفها لوضعية القطاع إلى اعتبارها "كارثية"، كما ورد في آخر تقرير للنقابة الوطنية للصحة العمومية، المنضوية تحت لواء الفدرالية الديمقراطية للشغل.وقالت النقابة نفسها إن القطاع آل إلى وضعية كارثية نتيجة غياب سياسة صحية واضحة المعالم، وذلك بسبب النقص الحاد في الموارد البشرية في ظل محدودية مناصب التوظيف، وضعف الميزانيات المعتمدة، والنقص في الأدوية والمستلزمات الطبية، ثم غياب الحكامة في تدبير الشأن الصحي والتعيين في مناصب المسؤولية، والمبالغة في التفويض والمناولة في الخدمات داخل المؤسسات الصحية. كما تطرق التقرير ذاته إلى فشل نظام المساعدة الطبية بسبب الارتجالية في تنزيل وتفعيل النظام.وحسب التقرير نفسه فإن المراكز الاستشفائية الجامعية تعيش «مشاكل جوهرية»، وفي مقدمتها مشكل توحيد أنظمة التقاعد، وإخراج القانون الأساسي والتنظيم الإداري والاستشفائي الخاص بهذه المراكز. ولم تغفل النقابة ذاتها اما اعتبرته «اختلالات»، عرفها تنزيل نظام التكوين الجامعي الجديد بالمعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة عبر عدم الاعتراف بكفاءات الأساتذة الدائمين وإنصافهم، وعدم التطبيق السليم للقانون 01.00 المنظم للتكوين العالي.وفي موضوع مؤسسة الحسن الثاني للنهوض بالأعمال الاجتماعية لموظفي قطاع الصحة العمومية، فبعد خمس سنوات على وجودها، تضيف الفدرالية، لم تشرع بعد في تقديم أي خدمة لفائدة الشغيلة الصحية، في ظل طابع التسيير الفردي للرئيس المعين ضد إرادة الجميع، ما يؤكد أن أفق هذه المؤسسة تسوده الضبابية وعدم الوضوح.وحذرت النقابة نفسها الحكومة من تبعات سياستها مطالبة بتنفيذ التزاماتها، كما تعلن تضامنه االمطلق واللامشروط مع جميع الحركات الاحتجاجية ونضالات الشغيلة الصحية.وقالت النقابة نفسها إن حكومة بنكيران اعتمدت «مقاربة مقياسية» في إصلاح أنظمة التقاعد التي اختزلتها في إجراءات أحادية تمس مكتسبات منخرطي الصندوق المغربي للتقاعد، بدل الإصلاح الشمولي لكل أنظمة التقاعد، كما أوصت بذلك اللجنة التقنية. كما تطرقت إلى غياب الإرادة السياسية لدى الحكومة في تفعيل الاتفاقات السابقة سواء المركزية منها أو القطاعية، وكذا تجميد الحوار الاجتماعي والآلية التشاركية مما يؤشر على احتقارها للطبقة العاملة.من أهم المطالب التي انتظرت الشغيلة الصحية للمراكز الاستشفائية الجامعية، من الحكومة الحالية تنفيذها، تلك المتعلقة بتحويل انخراطات الموظفين من النظام الجامعي لمنح الرواتب إلى الصندوق المغربي على غرار موظفي المستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط.ضحى زين الدين