الطبقة المتوسطة… الجسر الهلامي

اختلاف في معايير تحديدها والدولة والخواص يتخبطون في إنتاج عروض لفائدة فئة اجتماعية هجينة هل توجد طبقة متوسطة بالمغرب ؟ سؤال تتوقف الإجابة عنه على مفهوم الطبقة المتوسطة، إذ هناك مقاربات عديدة في هذا الباب، لكن عموما، فإن هذه الطبقة تعرف بأنها هي التي تتوسط الطبقات الفقيرة والهشة، من جهة، والطبقات الميسورة من جهة ثانية. ويتعين، في هذا السياق، وضع حدود لكل من الفئتين الميسورة والفقيرة من أجل تحديد الشرائح الاجتماعية التي تنتمي إلى الطبقة الميسورة. واعتمدت المندوبية السامية للتخطيط على مقاربة ترتكز على الدخل لتحديد الطبقة المتوسطة، وذلك بالرجوع إلى مفاهيم مجموعة من الدول المتقدمة والمماثلة للمغرب، من أجل تحديد سقف الدخل الذي يخول للأفراد الانتماء إلى الفئات الميسورة. وقسم خبراء المندوبية الطبقة المتوسطة، بدورها، إلى ثلاث طبقات، طبقة متوسطة دنيا لا يتجاوز دخلها 3500 درهم، و طبقة متوسطة وسيطة يقل دخلها عن 5500 درهم، وأخرى عليا لا يتجاوز دخلها 15 ألف درهم. وخلصت المندوبية إلى أن الطبقة المتوسطة تمثل 53 في المائة من إجمالي السكان، أي ما يناهز 17 مليون نسمة. المفترى عليهم مندوبية التخطيط تزعم أنها تمثل 53 % من السكان ونمط عيشها يفرض دخلا لا يقل عن 11 ألف درهم انتقد العديد من الخبراء والباحثين المقاربة التي اعتمدتها المندوبية السامية للتخطيط من أجل تحديد الطبقة المتوسطة بالمغرب، ويرى العديد منهم أن الفئات المتوسطة تتميز بمجموعة من الخاصيات التي تميزها عن الطبقات الأخرى، إذ إضافة إلى مستوى الدخل، فإنها تتوفر على نمط عيش يميزها عن الفئات الفقيرة والهشة، وتطمح إلى أن تحسن مستواها لترتقي إلى الفئات الميسورة. وتتميز أيضا بنمط استهلاك خاص بها، كما أنها عكس الفئات الفقيرة والتي توجد في وضعية هشة، فإنها تخصص جزءا من دخلها للادخار من أجل تمويل مشاريع مستقبلية. وإذا أخذنا بعين الاعتبار كل هذه الخصوصيات، يمكن تحديد الدخل المطلوب لضمان نمط عيش الأسر التي تصنف ضمن خانة الطبقات المتوسطة.وهكذا ستتطلب أسرة من الطبقة المتوسطة مكونة من أربعة أفراد ما بين ألفين و 3 آلاف درهم، من أجل تغطية احتياجاتها الغذائية الشهرية، بالنظر إلى أنها تسعى إلى ضمان تغذية متوازنة، كما أنها تقلد نمط عيش الفئات الميسورة، علما أن مستوى من الإنفاق هذا يفترض أن الوجبات يتم إعدادها بالمنزل، أما إذا كانت الأسرة تتناول بعض وجباتها بالخارج، فإن ميزانية التغذية يمكن أن تقفز إلى 5 آلاف درهم شهريا.ويعتبر التعليم من أولويات الطبقات المتوسطة، إذ أن ضمان جودة التعليم لأطفالها يعتبر بمثابة مصعد للترقي الاجتماعي، ولا تدخر أي مجهود في هذا الباب، من أجل تسجيل أطفالها في مدارس ومؤسسات تعليمية من مستوى جيد. وهكذا لن تقل كلفة تمدرس طفلين عن 3 آلاف درهم في أحسن الأحوال، ويمكن أن تتجاوز هذا الحد بالنسبة إلى الطبقات المتوسطة العليا، التي ترغب في تسجيل أطفالها في معاهد البعثات الأجنبية.وتختار الفئات المتوسطة بعناية مقر سكناها يستجيب لمتطلباتها ويتلاءم مع تطلعاتها الاجتماعية، لذا تجد هذه الفئات بالمغرب صعوبة في إيجاد عرض يقدم كل ما تتطلبه هذه الفئات، وحتى إن وجد، فإن سعره يكون في المدن الكبرى مرتفعا لا يلائم إمكانياتها المالية. وهكذا، تلجأ العديد من الأسر المتوسطة إلى خارج المدن الكبرى من أجل إيجاد سكنها المناسب، لكن رغم ذلك، فإن السعر يظل مرتفعا نسبيا، إذ لا يمكن أن تجد مسكنا بالمواصفات المطلوبة يقل سعره عن 900 ألف درهم، ما يجعل القسط الشهري للقرض الذي استفادت منه الأسرة لتمويل مسكنها يصل إلى 3500 درهم في أحسن الأحوال.ويكون الوعي بالجوانب الصحية لدى الفئات المتوسطة أعلى مستوى من الفئات الاجتماعية التي تنتمي للفئات الهشة والفقيرة، إذ أكدت دراسة أنجزتها وزارة الصحة أن أزيد من 90 في المائة من هذه الفئات تلجأ إلى العيادات الخاصة للاستفادة من خدمات التوليد، كما أن نسبة 40 في المائة من هذه الأسرة تتوفر على طبيب العائلة. وهكذا، فإن التكاليف، في هذا الباب، لا يمكن أن تقل عن 700 درهم شهريا، في المتوسط.إضافة إلى هذه النفقات الضرورية، فإن الطبقات المتوسطة تخصص ميزانية للترفيه والعطل، إذ أنها تسافر مرتين في السنة على الأقل، إضافة إلى ترددها على المرافق الترفيهية بالمدن التي تقيم بها أو بالمدن المجاورة لمحل إقامتها. وتشير معطيات ودراسات منجزة من قبل منظمي الأسفار إلى أن متوسط الإنفاق على السياحة، بالنسبة إلى هذه الفئات يتراوح، بالنسبة إلى أسرة مكونة من أربعة أفراد، ما بين 12 ألف درهم و20 ألفا في السنة، أي ما يعادل في المتوسط الشهري مبالغ بين ألف درهم و1700 درهم في الشهر.وتخصص الأسر المتوسطة جزءا من دخلها للادخار لا يمكن أن يقل عن ألف درهم في الشهر، وذلك بالأخذ بعين الاعتبار مختلف أنواع الادخار، مثل الادخار للتقاعد التكميلي، وتمدرس الأطفال، وادخار السكن، علما أن هذه الأنواع من الادخار أصبحت بالنسبة إلى هذه الفئات وسيلة من أجل التقليص من الضغط الضريبي الذي تتحمله، بالنظر إلى أنها تساهم بالقسط الأكبر في موارد الضريبة على الدخل. لذا، فإن عدد من الأسر تفضل الادخار من أجل خصم هذه المبالغ من دخلها قبل إخضاعه للضريبة.وهكذا يتضح أنه من الخطأ الحديث عن طبقة أو طبقات متوسطة إذا لم يكن دخلها يؤمن كل هذه الاحتياجات، وبالرجوع إلى المعطيات السابقة، فإن الانتماء إلى الطبقات المتوسطة يفرض التوفر على دخل يتراوح بين 11 ألف درهم و 15 ألفا. عبد الواحد كنفاوي

الطبقة المتوسطة… الجسر الهلامي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ثلاثة أسئلة: ست طبقات اجتماعية بالمغرب

لقجع وغايبي يمهدان لثورة بالجامعة

مقالات ذات صلة