قصص من زمن الرقابة

كتاب جديد لمحمد البريني يستعيد الممارسة الصحافية في زمن الرصاص بعد ثلاثة إصدارات أدبية (مجموعتان قصصيتان بالفرنسية ورواية بالعربية) شكلت متنفسا إبداعيا لصاحبها الذي وهب عقودا من عمره لمهنة المتاعب، قرر الإعلامي والكاتب محمد البريني العودة إلى النبش في سيرته المهنية واستخراج «قصص من زمن الرقابة» التي جعلها موضوعا لكتابه الجديد الذي رأى النور حديثا.الكتاب الصادر عن «دار النشر المغربية» يشكل استعادة لجانب من واقع الممارسة الصحافية بالمغرب، خلال ما سمي سنوات الرصاص، وهي الفترة التي مورست فيها كل أنواع التضييق والتعسف في حق حملة القلم من الإعلاميين وأرباب الصحف التي كانت تعيش تحت وطأة الأوضاع السياسية والاجتماعية والحقوقية المأزومة.وعلى امتداد 112 صفحة يسترجع البريني فصولا من هذه المعاناة، ملتمسا مبررات هذا الاسترجاع في مقدمة الكتاب باعتباره يمنح الفرصة لقياس المسافة الشاسعة بين زمان كان فيه المرء الذي يتجول في الشارع، أو يجلس في مقهى، وفي يده جريدة معارضة يثير الشبهات، وفضول الأجهزة الأمنية السرية والمعلومة، وزمان آخر يملك فيه حرية كبيرة في الاختيار بين كثرة المنابر الإعلامية، وتعدد عناوينها واتجاهاتها وميولاتها، وجرأة مواضيعها، وتحاصره سيول الأخبار والتعاليق والتحاليل من كل جانب.كما يمكن هذا الاسترجاع، حسب البريني، من الوقوف على الزمان الذي كان فيه عدم نشر تهنئة لمناسبة عيد العرش، يتسبب في حجز الجرائد وإغلاق بعضها، والزمان الذي صار فيه الحديث بكل حرية عن مواضيع كانت تشكل بالأمس القريب طابوها لا يجوز الاقتراب منه. في هذا الكتاب، الذي نشر في ما قبل عبر حلقات على يومية «الأحداث المغربية»، يرصد الإعلامي المخضرم كيف أن الرقابة كانت تمارس بشكل صارم على صحف الرأي، خاصة الصحف التي تعبر عن الرأي المعارض للسلطة الحاكمة، وكيف أن مبدأ «حق المواطن في الإخبار والإعلام» لم يكن قد أصبح بعد موضوع معركة بالنسبة إلى الصحافة، إذ كانت معارك القوى المدنية والسياسية المعارضة تتمحور حول الحق في التعبير والحق في ممارسة حرية الرأي، عكس ما عليه الأمر اليوم.عبر فصول الكتاب يتنقل البريني بين مواضيع مختلفة، تارة يوثق فيها أحداثا مفصلية كبرى عاصرها، وتارة أخرى يتحول إلى شاهد في أحداث أخرى كان فاعلا فيها وأحد صناعها، وهو ما يظهر من خلال عناوين الفصول مثل «المحرر الأسبوعية والطرود الملغومة وأحداث مولاي بوعزة» و»المحرر وشاه إيران وظفار» ثم «الملكية البرلمانية تحجز المحرر» و»يوم منعت جريدة المحرر» إضافة إلى «وجاء الدور على الاتحاد الاشتراكي» و»رقابة الحزب ورقابة السلطة» وصولا إلى «اللقاء الأخير مع إدريس البصري» وغيرها. وجدير بالإشارة إلى أن البريني، المزداد في 1943 بزاكورة، بدأ حياته المهنية معلما للغة الفرنسية، ثم التحق بصفوف الاتحاد الاشتراكي عند تأسيسه، وهو من المؤسسين كذلك للنقابة الوطنية للتعليم، تحمل عدة مسؤوليات حزبية منها عضوية اللجنة المركزية للاتحاد في 1984، وأعيد انتخابه في 1989.ثم التحق منتصف السبعينات بالإعلام الحزبي، بداية من جريدة المحرر خلال 1974 ثم «ليبيراسيون» التي تسلم رئاسة تحريرها في 1976، قبل أن يتحمل، في ماي 1983، مسؤولية جريدة «الاتحاد الاشتراكي» التي بقي مدير نشرها لمدة 12 سنة، قبل أن يؤسس يومية «الأحداث المغربية» التي تولى إدارتها لسنوات قبل أن يسلم قيادتها للزميل المختار الغزيوي. عزيز المجدوب

قصص من زمن الرقابة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أسعار الخضر ... كرة الثلج

نقابات الصحة تهاجم بنكيران

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات