عائلات ضحايا السبت الأسود… عشق الكرة يقتل

الصباح تروي تفاصيل معاناة آباء وإخوة وأصدقاء أشرف وعز الدين بين كراج علال بالبيضاء ودرب ميلان، انتقلت ”الصباح” إلى حيث كان يقطن شابان من ضحايا السبت الأسود ، لنقل معاناة وحزن وآلام عائليتهما، وأيضا صدمة أصدقائهما، الذين غادروا الحي رفقتهما، وعادوا دونهما، والذين كشفوا بعض التجاوزات التي غالبا ما يكون لها دور في اندلاع الشغب في الملاعب، مطالبين بحل الالترات باعتبار أنها تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية. غادروا منازلهم حاملين شعارات فريق الرجاء البيضاوي، وعادوا إليها جثثا هامدة، فوق نعش الموت. غادروها مودعين عائلاتهم على أمل الالتقاء بها في المساء، ليجتمعوا على طاولة العشاء، لكنهم أخلفوا الموعد، وذهبوا إلى العالم الآخر، بعيدا عن أصدقائهم وعائلاتهم وأمهاتهم اللواتي يعصر ألم وحزن قلوبهن. إنهم هناك، وعائلاتهم هنا، تتلقى التعازي، وتلعن اليوم الذي سمحت لهم فيه بتجاوز عتبة المنزل، وحضور مباراة فريقهم المفضل. ثلاثة شباب، سجلت أسماؤهم في لائحة ضحايا شغب الملاعب، المفتوحة في انتظار تسجيل ضحايا جدد مادامت الإجراءات المتخذة للحد من الأمر، غير كافية. مازالوا إلى اليوم لم يستوعبوا ما حدث في ذلك اليوم. حزن ودموع وآلام تعصر قلوب أفراد عائلات الضحايا. ينظرون إلى الذين جاؤوا من أجل تقديم التعازي، غير مصدقين أن أبناءهم غادروا العالم، وأضحوا جثثا هامدة، وأنهم تحت التراب. "قتلوا خويا"”الخضرة الوطنية خرجتي كاع المغاربة للشوارع والمدن وفرحت ناس الغربة”، كان هذا من بين آخر شعارات الفريق الأخضر التي تغنى بها عز الدين مونصيب (21 سنة)، قبل أن يفارق الحياة. وعوض أن تفرح ”الخضرة” عائلته، قتلته على حد تعبير أخيه أسامة، وأدخلت الحزن إلى منزلهم. تجلس والدة عزالدين المريضة، في زاوية غرفة صغيرة بمنزل متواضع بكراج علال، تتلقى التعازي، تنفجر دموعها كلما عانقها أحدهم، دون أن تقوى على توقيفها. قبل ساعات من وفاة ابنها، ودعته على أمل لقائه في المساء، لكنه لم يعد، فكيف يمكنها تحمل الوضع. النسوة يجتمعن حول المرأة التي غارت جروحها، ويحاولن التقليل من وجعها، ولكن كيف ذلك؟ كيف يمكنها أن تقوى على تحمل فراق ابنها الذي كان يهتم بأبسط احتياجاتها، وحتى بأشغال المنزل. ”عز الدين من أطيب خلق الله، كان يعيل والدتي المريضة حتى في أشغال المنزل.الكل كان يحبه، لكنهم قتلوه”، مضيفا أنه في اليوم الحادث، أصر على التوجه إلى الملعب لمتابعة المباراة، رغم رفض العائلة ”أحسسنا أن مكروها سيحدث في ذلك اليوم، وطلبنا منه عدم الذهاب إلى الملعب، إلا أن حبه للرجاء، كان أقوى من طلباتنا”.تحدث أسامة عن رغبة عز الدين الكبيرة في متابعة المباراة وعن إصراره على ذلك، دون أن يغفل عن توجيه اللوم لكل من قال إن أخاه كان يتعاطى المخدرات ”هم أخي الوحيد في ذلك اليوم هو متابعة المباراة، لم يكن يتعاطى لأي مخدر، وأنا على استعداد لأتقدم بطلب من أجل استخراج جثته لتشريحها والتأكد من الأمر”، على حد تعبيره. كما وجه اللوم ذاته لرئيس فريق الرجاء البيضاوي، محمد بودريقة، مؤكدا أن الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع العائلة غير كاف. وعن تفاصيل يوم الحادث قال أسامة، إن تأخر عز الدين في الوصول إلى المنزل، دفعهم إلى البحث عنه في كل مكان، آملين في ألا يكون من الذي قيل إنهم أصيبوا خلال أحداث الشغب. ”تجند أفراد العائلة للبحث عنه. توجهنا إلى المستشفيات، وتفقدنا سجلات أسماء الذين دخلوا إليها في ذلك اليوم. توجهنا إلى الدوائر الأمنية، دون نتيجة، حتى علمنا أن عز الدين فارق الحياة وأنه في مستودع الأموات. كانت صدمة قوية. خارت قوانا. لكن كان لابد من أن نتماسك من أجل والدتنا المريضة”، على حد تعبيره.حاول أسامة تمالك نفسه، قدر الإمكان، لكن الدموع كانت أقوى منه، وراحت تكشف حزنه الذي حاول إخفاءه أمام والدته، فانهار مباشرة بعدما سمع صوت قريب له اتصل به على الهاتف، مرددا ”قتلوا عزالدين شفتي شنو دارو ليه...”. "الكرة كتقتل"غير بعيد عن كراج علال، نصبت خيمة أخرى لاستقبال المعزين في أحد ضحايا السبت الأسود. قاصر لا يتجاوز عمره 16 سنة، فارق الحياة تاركا والدته وعائلته غير مستوعبين هول الصدمة. ”أشرف في ذمة الله”، عبارة كتبها أصدقاء وجيران أشرف على أقمصة بيضاء. كانوا يقفون بقرب الخيمة. تلميذات، يجتمعن حول منزله، يبكين زميلهن، وأخريات يتحدثن عن لطفه، وطباعه الحميدة. في الطابق الخامس للعمارة، وقفت مجموعة من النساء والدموع تملأ أعينهن، وبالقرب منهن أطفال وشباب، وقفوا عاجزين عن تخفيف حزن العائلة. بكاء امرأة تقف في المطبخ يصل إلى خارج الشقة، فتتدخل بعض النسوة للتخفيف عنها ”الله يصبرك ازهرة”، ”كوني قوية الله بغاه ما عندك ما ديري”، الله يرحمو ازهرة، راه مات شهيد”، لكن كل ذلك، لم يستطع أن يخفف دموعها. ”ولدي مات قتلوه، باقي ما شاف حتى حاجة في الدنيا”، تقول والدة أشرف، قبل أن توجه كلامها لأحد الشباب الذي كان يقف إلى جانبها ”عفاك أولدي ما عندك ما دير بالكرة راه كتقتل”، قبل أن تأخذه في حضنها، تاركة المجال للدموع لتنوب عنها وتتحدث عن معاناتها. ”ياربي تصبرني راه قتلوه... صيفتو وندمت”، تقول والدة أشرف أنه طلب منها الذهاب إلى الملعب رفقة أصدقائه، لكنها رفضت في بادئ الأمر قبل أن تستسلم أمام إلحاحه المتواصل ”ولدي مات ما غاديش نكذب عليه، ”بشواري مشا للتيران ولكن ما رجعش وخى وعدني بللي غادي يرجع”، تضيف المرأة بحرقة كبيرة، لم تخففها تلك الدموع التي تذرفها ”قلت له الله يرضي عليك أولدي”. تقول الوالدة المكلومة إن ابنها اعتاد الذهاب إلى الملعب بسبب عشقه لكرة القدم، ” ولدي ما عمرو دار شي حاجة خايبة ما عمرو كما الكارو، ما غاديش نتقبل شي واحد يقول على ولدي كان مقرقب”. لابد من حل "الإلترات" حالة هستيريا انتابت أصدقاء أشرف، لم يقووا على تحمل فراقه. وضعوه تحت التراب، وعادوا إلى حيث كانوا يقضون ساعات طويلة يتحدثون فيها عن انجازات الرجاء والمباريات المقبلة وعن ترتيب الفريق في البطولة الوطنية. عادوا ليخففوا من ألم والدته ويواسوها بعدما غادرهم أشرف إلى دار البقاء. «حنا رجاويين وغادي نبقاو ديما رجاويين حتى الموت، المشكل في الالترات». أكد الشاب أن حل الالترات هو الحل الوحيد للحد من ظاهرة الشغب، مشيرا الى أن المشاكل ما بين المجموعات، يجسدونها على أرض الواقع، ويصير المشجعون هم الضحايا.انفعال الشاب دفعه الى كشف حقائق مثيرة يعيشها المشجعون خارج وداخل الملعب، مؤكدا أن رجال الأمن يتحملون المسؤولية في ما يقع داخل الملعب واندلاع الشغب. لم تتوقف اتهامات الشاب عند هذا الحد، مؤكدا أن بعض رجال الأمن يتغاضون عن بعض النقط التي تكون السبب في الشغب «الدراري كيدخلوا بلا وراق، وبتشجيعات من بعض رجال الأمن كينقزو سور الملعب»، مسترسلا «في خمسة الصباح كيدخلوا الجناوة والمخدرات للملعب، ومللي كيدخلوا الدراري كيلقاو كولشي موجود، ونزيدك القرقوبي كيتباع داخل الملعب والشراب، إوى كيفاش بغاو الصداع ما ينوضش؟ وبلاما نهضرو على الشفرة» على حد تعبيره.الشاب ذاته تحدث عن مجموعة من التجاوزات التي تقود الى اندلاع الشغب في الملاعب، من بينها ما يتعلق بالسماح للقاصرين بدخول الملعب ”هاد القضية كيطبقوها قبل ما يبدا الماتش، ولكن من بعد كتبدا السيبة”، مشيرا إلى أن التذاكر تباع أكثر من مرة، وبعد انطلاق المباراة تباع بعشرة دراهم. انجاز: إيمان رضيف

عائلات ضحايا السبت الأسود… عشق الكرة يقتل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"الإلترات" ترحل الوداد والرجاء

الجيش يخصص منحة مغرية للفوز على الفتح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات