إصلاحات ما بعد الربيع… صعوبات التطبيق

عودة الاحتجاجات بعد ارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي أكثر ما ساعد حركة 20 فبراير على الاستمرار وتعزيز صفوفها، منذ أن ظهرت بداية 2011، طبيعة مطالبها، التي كانت بالأساس مطالب سياسية ودستورية لا تمس بطبيعة النظام السياسي القائم، تحقق للمواطن البسيط العيش الكريم وتحسن أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية، بعد محاربة كل مظاهر الفساد والاستبداد وتحقيق الديمقراطية، ولم تتعد مطالب الحراك الشعبي المغربي سقف المطالبة بملكية برلمانية، كما لم تذهب كما هو حال رياح الربيع العربي التي هبت على كل من مصر وليبيا وتونس وخرجت فيها الجماهير للمطالبة بإسقاط النظام، ولم تر في إسقاط الملكية شرطا للتغيير والإصلاح.وبمجرد مضي بضعة أسابيع على ميلاد الحراك الشعبي وتعالي أصوات المطالبة بالتغيير، حتى انطلقت البشائر الأولى للتفاعل الإيجابي مع صوت الحركة، خرج إثره الملك ليلقي الخطاب الشهير، خطاب تاسع مارس، يعلن فيه إقرار جملة من الإصلاحات الدستورية والسياسية، تأخذ بعين الاعتبار مطالب الحركة وتستوعبها، بل تشركها إلى جانب باقي الهيآت السياسية والمدنية في صياغة دستور جديد، واعدا بتحقيق نقلة نوعية نحو الدولة الديمقراطية.وأدى إصرار أعضاء الحركة والمناصرين لهم على البقاء في الشارع ومواصلة المسيرات التي انخرطوا فيها بشكل دوري بكبريات مدن المملكة، مسيرات قالت قيادات التنظيم الشبابي آنذاك إنها ضغط شعبي وضمان للتطبيق الفعلي للإصلاحات، (أدى) إلى تسريع وتيرة إصلاحات كان أبرزها التعديل الدستوري في فاتح يوليوز من السنة ذاتها، والانتقال إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات سابقة لأوانها أفرزت صعود الإسلاميين وتبوئهم الصدارة.غير أن هذه الإصلاحات التي أتت بمقتضيات جديدة تعد بالقطع مع ممارسات أججت الحراك الشعبي اصطدمت بصعوبة التطبيق على أرض الواقع، ولم تعط الثمار المنشودة. فرغم مرور خمس سنوات على إقرار الإصلاحات التي كانت ثمرة الحراك، مازال العديد من المتتبعين للشأن السياسي يعيبون على الحكومة فشلها في تطبيق عدد من مضامين الوثيقة الدستورية، التي اعتبرها الكثيرون متقدمة وطموحة في صيغتها النظرية، خاصة في ما يخص مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتثمين الحريات والحقوق، ذلك أن حال المغاربة لم يتغير كثيرا، واستمر انتهاك الحقوق والحريات وممارسات الريع والفساد، وعادت مطالب جديدة لترفع في عدة مناسبات أجمعت على الدعوة إلى تنزيل مقتضيات الدستور، التي ما زال العديد منها ينتهك. ويظل تنزيل الدستور الإشكالية المحورية التي تواجهها حكومة بنكيران، التي تصر على التخلي عن مهامها واختصاصات خولها لها الدستور الجديد، ولا يتوانى رئيسها في التعبير علانية عن تنازله عن اختصاصاته لصالح الملك.جانب آخر يظهر فشل الإصلاح في تحسين معيش المغاربة، يكمن في عودة تنامي أصوات الاحتجاجات وارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي بسبب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تقصم ظهر المواطن البسيط، وتمتد تداعياتها لتؤثر سلبا على اقتصاد لم تفلح الحكومة في تنميته بالشكل المطلوب، ينضاف إليها التراجع عن شعار محاربة الفساد، الذي كان مطلب الحركة، وشعار البرنامج الحكومي، على حد سواء، لتعترف الحكومة ذاتها أن حصيلتها في هذا المجال لا ترقى إلى المستوى المطلوب.هجر المغلي

إصلاحات ما بعد الربيع… صعوبات التطبيق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جدلية التوتر والجمود

"20 فبراير"... واش باقا تشعل؟

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات