سفراء حقوق الإنسان

التعيينات تكرس سياسة الربط بين الدفاع عن القضية الوطنية والخيار الديمقراطي كرست التعيينات الملكية الأخيرة للعديد من الوجوه الحقوقية والمدنية سفراء للمملكة في عدد من العواصم، التوجه الملكي في إشراك عدد الفعاليات الحقوقية التي كرست حياتها لخدمة حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات، في آلية الديبلوماسية، اعترافا من الدولة بالرصيد الرمزي الذي يتوفر عليه الحقوقيون المغاربة، وإشعاعهم الخارجي، من خلال علاقاتهم الواسعة ونشاطاتهم في العديد من المنظمات الدولية.ومن بين النشطاء الحقوقيين الذين تداولت وسائل الإعلام أسماءهم، قبل التعيين الرسمي، نجد أحمد حرزني وعبد القادر الشاوي وعبدالسلام بودرار وخديجة الرويسي وأمينة بوعياش، والذين اختيروا سفراء في عواصم أوربية وإفريقية، تعطي أهمية كبيرة لحقوق الإنسان، بل وتعتبرها عنصرا حاسما في تحديد علاقاتها الخارجية.ويأتي ترشيح أسماء حقوقية لشغل منصب سفير في هذه البلدان، انطلاقا من دراية هؤلاء بالمكتسبات المحققة في المغرب، والتراكمات المؤسساتية والقانونية والسياسية التي انخرط فيها، منذ تولي محمد السادس العرش، لتأهيل منظومة حقوق الإنسان، وطي صفحات ماضي سنوات الجمر والرصاص.ويرى المتتبعون للشأن السياسي والحقوقي أن تعيين هؤلاء يستجيب لحاجة قصوى ظلت الديبلوماسية الرسمية تعانيها في أكثر من عاصمة ومحفل دولي، في ظل تجند خصوم الوحدة الترابية، وتعبئة كل الإمكانيات للتشويش على صورة المغرب، ونشر ادعاءات بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، وهي الحملة التي تخلق للمغرب العديد من المشاكل، آخرها قرار المحكمة الأوربية بشأن مراجعة الاتفاق الفلاحي الموقع معه من قبل الاتحاد الأوربي. ويسجل المتتبعون المفارقة بين الدينامية الحقوقية التي يعرفها المغرب، وتجربة هيأة الإنصاف والمصالحة، وجبر الضرر، وتعويض الضحايا وإدماجهم في الحياة السياسية والاجتماعية، بعد سنوات من الاعتقال والنفي، والصورة الباهتة للمغرب في الخارج، بسبب ضعف الديبلوماسية الرسمية، وعدم إدماج الواجهة الحقوقية في التحرك الديبلوماسي، ما أضاع عليه فرصة استثمار النجاحات التي حققها في تجربة العدالة الانتقالية لطي صفحات سنوات الجمر والرصاص.وإذا كانت كل هذه المكتسبات فتحت الباب أمام مشاركة الهيآت والمنظمات الحقوقية والمدنية في الورش المتواصل لتعميق ممارسة حقوق الإنسان، من خلال الإصلاحات المتواصلة لعدد من القوانين والمؤسسات، والتي توجت بتأسيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فإن هذه الجهود المتواصلة في الداخل، بين مختلف الشركاء والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان، لم يوازها المستوى ذاته من التحرك والترويج الإعلامي والديبلوماسي في الخارج. ويرى نشطاء حقوق الإنسان أن تعيين أحمد حرزني، أحد قادة اليسار السبعيني الذي قضى سنوات رهن الاعتقال، والأمين العام السابق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، سفيرا متجولا مكلفا بحقوق الإنسان، اختيار موفق بالنظر للتجربة والكفاءة الأكاديمية والحقوقية التي راكمها الرجل في مساره المهني والنضالي، والتي بواته التتويج بوسام ملكي.برحو بوزياني بلغزال: الدفاع عن الحلم بالمغرب الديمقراطي قال عبد المجيد بلغزال، الناشط الحقوقي في الصحراء، والعضو في المجلس الاستشاري الملكي لشؤون الصحراء "كوركاس" إن تعيين رجال ونساء من الصف الحقوقي سفراء، هو خيار سياسي، يتماشى مع النهج الذي سار فيه المغرب منذ سنوات، وأعطى نتائج في المرحلة الأولى، انطلاقا من القناعة بأنه لا يمكن فصل خيار الدفاع عن الوحدة الوطنية عن خيار التحول الديمقراطي.وأكد بلغزال أنه خلال الانعطافات التي عرفتها المملكة في اتجاه التحول الديمقراطي، استطاعت تحقيق مكتسبات كبيرة، وبالضبط خلال حكومة التناوب التوافقي بقيادة عبد الرحمن اليوسفي، هذه الشخصية التي خلقت بحضورها على رأس الحكومة دينامية وفتحت أفقا جديدا لملف الصحراء، في العديد من العواصم العالمية، مثل نيودلهي، التي زارها اليوسفي على رأس وفد مغربي كبير، كان من نتائجه تصحيح العلاقات المغربية الهندية، وإعادة فتح السفارات وتبادل الزيارات، وتغيير موقف هذا البلد من قضية الصحراء.وأوضح بلغزال أن المرحلة الثانية من هذا الخيار السياسي، تمثلت في تسريع وتيرة الانتقال، من خلال معالجة ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وهي مكتسبات كان لها تأثير مباشر على تدبير ملف الصحراء.وأكد بلغزال أن تعيين شخصيات تنتمي إلى الصف الديمقراطي، سفراء في بلدان معروفة بحسها المرهف لحقوق الإنسان، ومخترقة من طرف أنصار أطروحة تقرير المصير، سيطرح تحديات أمامهم، خاصة أن هاته البلدان لديها أحزاب وهيآت مدنية مؤثرة وذات حساسية حقوقية عالية، خاصة أمام حالات الارتداد التي تعرفها عملية الانتقال الديمقراطي في السنوات الأخيرة.وختم الناشط الحقوقي تصريحه بالتساؤل: كيف يمكن لهؤلاء السفراء المتشبعون بثقافة حقوق الإنسان، والذين قضوا سنوات في النضال في الواجهة الحقوقية، أن يواجهوا أسئلة حول هذا الارتداد ومآل الانتقال الديمقراطي، قبل أن يجيب بأنهم سيدافعون عن المغرب الذي يحلمون به، أكثر من الدفاع عن المغرب الذي يعيشون فيه اليوم.

سفراء حقوق الإنسان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سفيرات "النضال"

نشهد ألا رجلين أتقنا اللعبة إلا أنتما

مقالات ذات صلة