على غرار العديد من المدن المغربية، تعرف عدة أحياء من آسفي، انتشار ظواهر إجرامية، وارتفاعا في مؤشر الإجرام مقارنة مع أحياء أخرى، مما يجعل المواطنين يطالبون، في العديد من المناسبات، بالرفع من مردودية الجهات الموكول لها حماية أمن المواطنين.وإذا كان حي كاوكي بآسفي، يشكل نقطة سوداء في خريطة الأمن بالمدينة، فإن أحياء أخرى بجنوب المدينة، تعيش هي الأخرى وضعا مشابها، وانتشارا للجريمة بشتى صنوفها، بدءا من الاتجار في المخدرات، مرورا بالسرقة والنشل، وليس انتهاء بتشكيل عصابات إجرامية واعتراض السبيل.فبحي دار بوعودة الذي يعرف رواجا تجاريا مهما، يعيش سكانه بشكل شبه يومي، على إيقاع تبادل السب والشتم بين العديد من الجانحين، واعتادوا على أن يعاينوا مواجهات بالسيوف والسكاكين بين مجموعة من المجرمين وذوي السوابق.يحكي "مراد"، وهو شاب في الثلاثينات من عمره، أنه توجه إلى دار بوعودة، ليلا، إذ كانت الساعة تشير إلى التاسعة والنصف، فأوقفه شاب في العشرينات من عمره، وطلب منه سيجارة، ليرد عليه مراد أنه لا يدخن، فطلب منه منحه درهمين، وعندما رفض تسليمها له، انهال عليه بالضرب في أنحاء متفرقة من جسده، قبل أن يخرج سكينا كانت بحوزته، "ولولا تدخل شخصين آخرين، كانا ينتظرانه، يبدو أنهما الآخران في حال تخدير، لتعرضت لاعتداء بواسطة السلاح"، يقول مراد.وبحي البيار، غير بعيد عن حي بوعودة، تعرضت الشابة بشرى للسرقة عن طريق النشل، من طرف شخصين كانا على متن دراجة نارية، إذ اقتربا منها، وأخرج أحدهما سكينا، وطلب منها تسليمه حقيبتها، وإلا تعرضت للطعن، وما كان عليها إلا الاستسلام لرغبات مجرمين يزرعون الرعب في نفوس المواطنين بآسفي.وليست هذه الحالة الوحيدة، إذ سجلت عدة حالات مماثلة من قبل العديد من الأشخاص، ممن يمتطون دراجات نارية، ويسلبون المواطنين ما بحوزتهم تحت وطأة التهديد.وبحي أوريدة، سجلت المصالح الأمنية، خلال معالجتها للشكايات المسجلة بهذه المنطقة، العديد من حالات السرقة والضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح، وهي قضايا غالبا ما يتورط فيها ذوو السوابق، الذين يمارسون نشاطهم الإجرامي في ظل غياب تدخل حازم لوقف الجريمة.وشهد فيلاج السي عباس غير بعيد عن مركز حي كاوكي، مصرع شخص في العشرينات من عمره من طرف نديمه، قبل شهور، بعد جلسة خمرية، إذ اعتادا التوجه إلى منطقة خلاء وتناول المخدرات والخمور، دون أن تلاحقهم الدوريات الأمنية، وفي مرة وقع خلاف بينهما، أنهاه الجاني، بتوجيه طعنة إلى الضحية بواسطة سكين كان بحوزته، ثم انهال عليه بقطعة اسمنتية على الرأس، ليتم نقل الضحية إلى المستشفى غير أنه فارق الحياة هناك، ليتم اعتقال المتهم، الذي اعترف بالمنسوب إليه، وتمت إحالته على القضاء ليقول كلمته فيه.وتكشف هذه الواقعة، اتخاذ هوامش العديد من أحياء الجنوب بآسفي، مأوى للعديد من ذوي السوابق، لتناول المخدرات والمشروبات الكحولية، وبعد ذلك يأتي موعد تنفيذ عملياتهم الإجرامية، باعتراض السبيل والضرب والجرح والسرقة وغيرها من الإجرام.ويرى بعض المتتبعين، أن المصالح الأمنية، أضحت مطالبة بالوصول إلى هذه الهوامش، التي تكون نقطة لانطلاق العمليات الإجرامية.وتشير مصادر من الأمن الولائي لآسفي، إلى أن معدلات الجريمة بالمدينة تراجعت في السنوات الأخيرة، نتيجة العديد من الأسباب، من أهمها الحملات الأمنية المكثفة التي تقوم بها عناصر الأمن، والتدخل الاستباقي لمنع وقوع الفعل الجرمي.وأقرت بارتفاع الجريمة بأحياء الجنوب، مقارنة مع أحياء أخرى بالمدينة، وذلك نظرا للعديد من الإكراهات، يقول المصدر الأمني ذاته، منها جغرافية هذه الأحياء المتسمة بالتشتت، وارتفاع نسب الفقر والهشاشة.محمد العوال (آسفي)