الفداء مرس السلطان… بؤرة بدأت تفقد سوادها

مروجو المخدرات غادروا المنطقة بعد تشديد الخناق عليهم والنصابون يتساقطون تباعا إعداد: مصطفى لطفي تعتبر منطقة الفداء مرس السلطان، من المناطق البيضاوية الأكثر حيوية، يقصدها الجميع من داخل المدينة وباقي المدن، لتوفرها على مراكز تجارية تعرض مختلف أنواع السلع. توافد الآلاف من المواطنين على هذه المنطقة، صاحبه انتشار الجريمة، لكن حنكة المصالح الأمنية بالمنطقة، نجحت في التصدي لها، بعد أن كانت في السنوات الماضية تعتبر بؤرة سوداء، سيما في ما يتعلق بجرائم السرقة والنصب وترويج المخدرات. سابقا، كان درب السلطان ودرب الكبير، يلقبان بكولــــــومبيا البيضـــــــــاء، إذ كانا معقل العشرات من مروجي المخدرات بالجملة والتقسيط، لدرجة أن المدمنين كانوا يجدون ضالتهـــــــــم في هذه المناطق، خاصة مدمني الشيرا، أو الأقراص المهلوسة ومخدر «المعجون».كما كانت المنطقة الممول الرئيسي للمخدرات لباقي المناطق البيضاوية الأخرى، إلا أن هذا الوضع سينتهي بلا عودة، بسبب كفاءة عناصر فرقة مكافحة المخدرات.بمقر مصلحة الشرطة القضائية، يمكن للمرء أن يعاين حركات عناصر هذا القسم، مثل خلية نحل، تعاينهم يغادرون مقر المصلحة مهرولين إلى مكان ما، قبل أن يعودوا بصيد ثمين، تاجر مخدرات لم يقدر خطورة ما ارتكبه.أشاد العديد من سكان المنطقة بالدور الفعال الذي تلعبه فرقة مكافحة المخدرات بالفداء مرس السلطان، فبالنسبة إليهم كان ترويج المخدرات بـ»العلالي» من قبل المنحرفين، وأي محاولة منهم تقديم شكايات في الموضوع، يكونون عرضـــــة للانتقام، لكن كل شيء تغير، إذ انقرض المروجون، الذين فضلوا الفرار إلى مناطق بيضاوية أخرى بسبب الصرامة الأمنية.هذه الصرامة الأمنية، دفعت بعض مروجي المخدرات، ممن فضل البقاء بالمنطقة، إلى ابتكار حيل لتضليل الشرطة، إلا أنهم سرعان ما تطولهم يد العدالة، بسبب حنكة وذكاء عناصر الفرقة، من قبيل واقعة شهيرة، عندما داهم الأمن منزل مروج، ولم ينجح في العثور على المحجوزات، رغم التفتيش الدقيق، قبل أن يشك رئيسها في قنينة غاز صغيرة وعند تفتيشها، تبين أن بداخلها كميات مهمة من مخدر الشيرا.لا يشمل التحايل مخدر الشيرا فقط، بل أيضا الأقراص المهلوسة، خصوصا «ريفوتريل»، التي كان لونها الأحمر يعجل بسقوط حاملها في يد الشرطة، قبل أن تعمد مصانع الأدوية بالجزائر إلى تغيير لونها إلى الأبيض. في البداية اعتقد مسؤولو الشرطة أنهم نجحوا في الحد من الظاهرة، إلا انه بعد تحريات متواصلة، سيتمكنون من حجز كميات منها لدى مروجين. النصب والاحتيال بحكم طابع المنطقة التجاري، تعرض العديد من التجار والمواطنين لعمليات نصب في غاية الذكاء، مرة بانتحال بطلها صفة مسؤول أمني أو موثق، وحتى تاجر يريد بيع سلع بأثمنة رمزية.حساسية هذا النوع من الجرائم، والذي يمس بصفة خاصة الثقة بين الناس والتجار، جعلت عناصر الشرطة القضائية في حالة استنفار يومي لمحاربة هذه الظاهرة، إذ نجحت في الإيقاع بالعديد من النصابين، منهم من نجح في الاستيلاء على مبالغ مالية تتجاوز 200 مليون.فعالية الحملات الأمنية ضد النصابين، جعلت نسبة هذه الجريمة تتراجع بشكل كبير، اللهم حالات معزولة هنا وهناك ، سريعا ما يقع المتهم في يد الشرطة بمجرد وضع الضحية لشكايته، فالمسؤولون الأمنيون، وبحكم المعاملات التجارية الكبيرة، فرضوا حراسة أمنية مشددة حماية للتجار والمواطنين على السواء.تبقى أهم عملية إيقاف استهدفت متهمين بالنصب، اعتقال كاتب عمومي أوهم ضحاياه أنه موثق، فسقط العشرات من تجار المنطقة ومواطنين في شباكه، بعد أن تسلم منهم مبالغ مالية خصصوها لاقتناء محلات تجارية وعقارات.بمجرد تقاطر الشكايات على مصلحة الشرطة القضائية، استنفر مسؤولوها مختلف المصالح الأمنية لإيقاف المتهم، وفي ظرف قياسي قضي الأمر وأحيل على النيابة العامة المختصة لمحاكمته.إلى جانب الكاتب العمومي، أوقفت الشرطة القضائية أشهر نصاب بالمنطقة، كان يدعي علاقته بمسؤولين أمنيين بالشرطة القضائية الفداء مرس السلطان، للنصب على ضحاياه، إذ شكل إيقافه ارتياحا كبيرا من قبل تجار المنطقة، الذين كانوا ضحايا مغامراته المشبوهة. تراجع السرقة بالعنف تشهد منطقة درب السلطان، توافد المئات بل الآلاف من المواطنين من البيضاء والمدن المغربية، وهو ما أغرى العديد من العصابات أغلبهم من مناطق بيضاوية أخرى لتنفيذ سرقات ضدهم تحت التهديد بأسلحة بيضاء.غالبا ما تتم عمليات السرقة في وقت باكر أو بالليل، وفي وشوارع شهيرة، مثل شارعي محمد السادس والفداء وقرب منطقة ساحة السراغنة، إلا أن النجاعة الأمنية، والتي ساهمت فيها عناصر فرقة الصقور، مشطت هذه الشوارع والأحياء، ومكنت من تفكيك العديد من العصابات، كانت تنفذ عملياتها بالدراجات النارية، أحيل أفرادها على محكمة الاستئناف، لمحاكمتهم. تضحيات رغم الحضور الأمني الوازن، إلا أن منطقة الفداء مرس السلطان، تشهد حالات معزولة لمتهمين يثيرون الفوضى والرعب، ما يدفع العناصر الأمنية إلى التدخل في الحال لاعتقالهم، ما يجعلهم أمام مواجهة شرسة معهم، أسفرت لمناسبتين عن إصابة شرطيين بجروح خطيرة. كانت البداية عندما كاد مفتش شرطة بفرقة الصقور أن يفقد حياته بعد أن تعرض لطعنة غادرة من مبحوث عنه، إذ توصل المفتش بإخبارية تفيد أن المتهم يوجد بمنزله ولحظة اقتحامه بتعليمات من النيابة العامة، اختبأ المتهم خلف الباب، وبمجرد دخول الأمني وجه له طعنة كادت تجهز على حياته، قبل أن يتم إيقاف المتهم من قبل باقي عناصر الشرطة الذين استعانوا بسلاحهم الوظيفي. لم يتأخر رد المديرية العامة للأمن الوطني، التي رقت مفتش الشرطة إلى رتبة ضابط لبطولته، والتي ستبقى مؤرخة بمنطقة درب السلطان. بعدها بأيام، سيتعرض مفتش شرطة ثان لطعنة خطيرة في الوجه، بعد محاولة إيقاف مروج للأقراص المهلوسة. المتهم استغفل عناصر الشرطة بعد إيقافه، ليستل سكينا ويوجه طعنة للشرطي، الذي نقل إلى المستعجلات وخضع لفحوصات طبية. تهديدات المنحرفين لم تثن عناصر الشرطة القضائية للفداء مرس السلطان وباقي عناصر المصالح الأمنية بالمنطقة، إذ ما زالت الحملات متواصلة للحد من الجريمة بهذه المنطقة، والتي تقلصت بشكل تدريجي رغم الصعوبات التي تعترض مهمتها، بحكم قلة الإمكانيات المادية والبشرية، مقارنة مع شساعة المنطقة وكثافتها السكانية، والاكـتظاط الكبير.

الفداء مرس السلطان… بؤرة بدأت تفقد سوادها

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أمن تطوان وضع إستراتيجيات ضد شغب الملاعب

سيارات للإسعاف الخاص... شر لا بد منه

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات