دقت عشرات الجمعيات والنشطاء، جرس الإنذار الأخير، من خطر قادم من أوربا، يحدق بالمكتسبات والحصيلة المنجزة من قبل الحسين الوردي، وزير الصحة، على مستوى السياسة الدوائية، سيما الإجراء المتعلق بتخفيض أسعار عدد من العقاقير. ويتجسد الخطر، حسب النشطاء والجمعيات المنتظمين في الائتلاف من أجل الدفاع عن الحق في الصحة للمغاربة، في وجود سعي من قبل الاتحاد الأوربي، إلى فرض شروط لحماية الملكية الفكرية للأدوية، متشددة جدا، في بنود اتفاق التبادل الحر الشامل مع المغرب، الذي وصلت المفاوضات حوله إلى مراحله النهائية. وشدد الائتلاف، على أن من شأن الشروط الأوربية للحماية الفكرية للأدوية، أن تعرقل حق الولوج إلى الأدوية والعلاج بالمغرب، لأنها شروط تتناقض كليا، مع السياسة المغربية المرتكزة في هذا الجانب على تصنيع الأدوية الجنيسة، ما ينذر بأن تظل أسعار عدد من الأدوية الأوربية مرتفعة السعر، لعدم إمكانية تسويق جنيس لها بسبب الحماية الفكرية للدواء الأصلي. ويأتي التحرك المدني، على بعد أسابيع من توجه المغرب والاتحاد الأوربي إلى الدورة الخامسة من المفاوضات حول اتفاق التبادل الحر الشامل (آليكا)، بعد أن أنهى المغرب إنجاز دراسة للآثار المرتقبة لتوقيع الاتفاق على القطاعات المعنية به. وكشفت مصادر من الائتلاف من أجل الدفاع عن الحق في الصحة للمغاربة، لـ"الصباح"، أن ما يزيد من التخوفات هو أن نتائج تلك الدراسة، تتكتم عليها الحكومة، كما أنها لم تشمل دراسة الآثار المرتقبة لاتفاق التبادل الحر الشامل مع الاتحاد الأوربي، على قطاع الأدوية. وفي وقت تباشر فيه الحكومة التفاوض مع الأوربيين حول الاتفاق منذ 2013، دون فتح أي نقاش عمومي حوله بالمغرب، أبدى الائتلاف إصرارا، على أن تخرج وزارة الصحة عن صمتها، وتدلي بما تتوفر عليه من معلومات بشأن التهديدات التي يشكلها اتفاق التبادل الحر المعمق والشامل بين المغرب والاتحاد الأوربي، على الولوج للأدوية الجنيسة. وكشف المطالبون بتنوير الرأي العام وفتح نقاش عمومي بشأن اتفاق من حجم التبادل الحر المعمق والشامل بين المغرب ودول الاتحاد الأوربي، أن المعلومات الواردة من أوربا تشير إلى أن الاتحاد الأوربي يطالب في إطار هذا الاتفاق، بشروط توفر حماية جد مرتفعة ومتشددة للعلاجات الأوربية تحت مبرر الملكية الفكرية، وهي حماية تتجاوز حتى المعايير الدولية لمنظمة الصحة العالمية. وأكد الائتلاف أن المغرب، بلد مصنف ضمن الدول ذات الدخــل المتـــوسط، يوجـد في وضعية صعبة من حيث الولوج إلى العـلاجات بأثمنــة مناسبــة، واقتصــاده لا يستطيع تحمــل عبء تكــاليف الأدويــة الأصليــة، بالأثمنة المحــددة من قبــل مختبرات الأدويــة الأوربيــة والأمــريكية، خاصة في تخصصات وأمراض مكلفــة، كداء فقدان المناعة (سيدا)، والتهــاب الكبد الفيروسي، والسرطان، ما يستدعي الاستمرار في سياسة الأدوية الجنيسة. امحمد خيي