< ألا يعتبر طلب عبد الإله بنكيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية، رئيس الحكومة، من مناضلي حزب الأصالة والمعاصرة بانتخاب إلياس العماري، أمينا عاما لحزبهم في المؤتمر الثالث تدخلا في شؤون الأحزاب؟ < أحيانا يأخذ الصراع السياسي في المغرب منحى غير أخلاقي ولا يحترم أبجديات التنافس السياسي التي تفترض الانحياز للغة التحفظ في بعض المواقف ومنها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للحزب المنافس. جزء من عناصر التفسير يكمن في غياب أي آلية قانونية متضمنة في قانون الأحزاب من شأنها ضمان احترام سير المؤسسات الداخلية للأحزاب بعيدا عن أي تدخل سياسي في شؤونها وثانيا لغياب أي ميثاق أخلاقي داخل النخبة السياسية يضفي نوعا من الحصانة على الشأن الداخلي للأحزاب. لذلك سيبقى استثمار بعض القضايا الحزبية جزءا من قاموس الصراع السياسي بالنسبة إلى المنافس. < كيف تفسرون حديث إلياس العماري، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، عن مواصلة حرب حزبه على ما يطلق عليهم "إسلاميي المغرب"؟، هل خسر الجولة الأولى في عدم حل حزب بنكيران، وألا يعد هذا أيضا تدخلا سافرا في شؤون الأحزاب ؟ < أعتقد أن الوظيفة الكلاسيكية للأحزاب السياسية هي الصراع على السلطة ومحاولة تطبيق برامجها المعلنة والفصل 7 من الدستور حدد وظائف الأحزاب السياسية الرئيسية المتمثلة في تأطير المواطنين وتكوينهم السياسي،وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، والمساهمة في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية. لذلك فإن اعلان إلياس العماري عن وظيفة "البام" في محاصرة الإسلاميين لا تدخل ضمن الوظائف الحزبية المعلنة، وتعد كما أسلفت تدخلا سافرا في شؤون الأحزاب القائمة على أساس شرعي قانوني ومشروعية مجتمعية. وصحيح أيضا أنها ستكون تحصيل حاصل لمعركة سياسية قائمة منذ سنوات، لكن الإعلان عنها قد يدفع لصراع ثقافي أكبر منه صراعا سياسيا حول مشاريع مجتمعية متناقضة. < هناك من يقول بأن انتخاب الأمين العام الجديد لـ “البام” سيغير طبيعة المواجهة مع "بيجيدي" هل تتفقون مع هذا الرأي؟ < رغم أن أحد التعاريف البسيطة للسياسة هي فن الممكن، فإني استبعد وقوع أي تحالف بين الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية بعد الانتخابات التشريعية المقبلة، فالمؤشرات المتوفرة لا تدعم هذا المنحى، لأن إلياس العماري كشف أن إستراتيجية مواجهة الإسلاميين أحد أهدافه المعلنة منذ ولادة حزبه، في المقابل من ذلك لا يزال حزب العدالة والتنمية يعتبر أن مواجهة "البام" جزءا من العقيدة السياسية لديه، بالإضافة إلى أن هاته المواجهة تحقق له بعض المكاسب السياسية فضلا عن أن قبول "بيجيدي" بالتحالف يمكن أن يهدد وحدته التنظيمية، لذلك فالأوضاع العادية في ظل المؤشرات الموجودة لا تشجع على هذا المنحى باستثناء إذا وقعت ظروف قاهرة من شأنها أن تجعل الخلاف بين الحزبين مسألة ثانوية. * عمر الشرقاوي دكتور في علم السياسة والقانون الدستوري أجرى الحوار : أحمد الأرقام