الإرهاب في المغرب … أصل الحكاية

حرب الاستخبارات القذرة التي صنعت من جماعة مسلحة في الجزائر "قاعدة في بلاد المغرب" تهدد أمن إفريقيا من رحم "العقد الأسود" في الجزائر ولد الإرهاب في المنطقة المغاربية. فتنظيم القاعدة متجذر بشكل كبير في تاريخ الأحداث السياسية والعنف الذي شهدته الجارة الشرقية، بعد انقلاب الجيش على الانتخابات التشريعية في 1988 واغتيال الديمقراطية من قبل المؤسسة العسكرية الجزائرية. في شتنبر 1992 ستنبعث حركات متطرفة تبنت خيار العنف المسلح في مواجهة السلطات الجزائرية، لتشتعل نار الإرهاب في المنطقة المغاربية برمتها. إنجاز: إحسان الحافظي بعد سنوات من الانقلاب العسكري ضد الديمقراطية في الجزائر. سأل صحافي فرنسي الملك الراحل الحسن الثاني عن رأيه في وأد تجربة الإسلاميين في الحكم بالجزائر، فكان جوابه أن تمنى لو أن التجربة استمرت ونتائج الانتخاب احترمت، لأن ذلك كان سيسمح، من وجهة نظر الملك الراحل، بالاضطلاع على تجربة وصول الإسلاميين إلى السلطة. الإرهاب في المغرب...حكاية جزائرية خلال العشرية الأخيرة استقرت التهديدات الأمنية بالمناطق الحدودية للمملكة. بالقرب من المعابر الجنوب غربية للجزائر مع المغرب وفي منطقة الساحل والصحراء، وجدت التنظيمات الإرهابية قاعدة خلفية لها، فاستغلت ضعف التنسيق الأمني واثر الخلافات السياسية بين المغرب والجزائر تحديدا، لتتحول من تنظيم إرهابي جزائري إلى تنظيم مغاربي يستغل منطقة الصحراء الكبرى في تهريب السلاح وتجنيد المقاتلين وتوفير مخابئ لهم بين الخيام ولدى القبائل. حقيقة الأصل الجزائري للنشاط الإرهابي في المنطقة المغاربية، وثق لها تقرير صادر عن "الفريق الدولي للدراسات العابرة للأقاليم والأقاليم الصاعدة"، بعنوان "الكتاب الأبيض عن الإرهاب في المغرب". فقد كشف التقرير أن بصمات الجماعة المسلحة في الجزائر كانت دائمة حاضرة في الخلايا الإرهابية التي اكتشفتها السلطات المغربية. ووفق التقرير الأمني فإنه بعد واقعة اعتقال خمسة جزائريين-أفغان بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء بحوزتهم أجهزة اتصال كانت في طريقها إلى متشددين جزائريين عبر وسيط مغربي، سوف يتسلل كومندو تابع للجماعة الإسلامية إلى المغرب، في التاسع من شتنبر 1995 من جهة منطقة بني درار، وكان يتألف من المغربي عبد القادر العمراني والجزائريين، محمد بورويس وخالد عيداوي، وقد عثر بحوزة الموقوفين على مسدس وذخيرة وقنبلة يدوية، وجهاز اتصال لا سلكي ومبلغ كبير. وفي 1994 نجحت مصالح الأمن المغربية في تفكيك مجموعة تزعمها حسن إغري، سبق له أن تلقى تكوينا في حوزة "القائم" بضواحي العاصمة الإيرانية في الفترة ما بين 1982 و1986، وربط علاقات مع مغربي مقيم ببلجيكا من أجل وضع أول نواة شيعية بالمغرب. التحقيقات التي باشرتها الأجهزة الأمنية أبانت أن المغربي (إغري) على علاقة ببعض المسؤولين بجبهة الإنقاذ الإسلامية، وأنه سعى إلى نقل أسلحة من المغرب إلى الجبهة الجزائرية. في غشت 1994 سوف يتوج النشاط الإرهابي الجزائري وتهديداته للمغرب، بتنفيذ هجمات على فندق أطلس أسني في مراكش. و"تعود وقائع الحادث إلى يوليوز من السنة نفسها، حين تسللت إلى المغرب مجموعات مسلحة مدربة وموجهة من قبل أطر في الشبيبة الإسلامية تقيم في فرنسا لتنفيذ عمليات إرهابية ضد مؤسسات عمومية ومصالح أمنية وسياحية ومواقع للطائفة اليهودية. ووفق خطة توزيع الأدوار توزع المنفذون إلى أربع مجموعات لكنها تلتقي عند هدف أساسي هو زعزعة أمن واستقرار المغرب". شملت هذه المواقع مدن مراكش وفاس والدار البيضاء وطنجة، والقاسم المشترك بينها أن كل المجموعات التي توزعت على هذه المواقع كانت تضم في عضويتها مقاتلين من جنسيات جزائرية. "د.إر.إس"... الشجرة التي تخفي الغابة يشكل جهاز "د.إر.إس" دائرة الاستعلام والأمن في الجزائر أرقى جهاز مخابرات عسكرية في البلاد. فالجهاز الذي سبق تأسيسه عقب استقلال البلاد نفسها، هو جهاز مستوحى من التجربة السوفياتية، ومهمته مكافحة التجسس والحفاظ على الأمن الداخلي ويمتد نشاطه إلى الخارج. في فترة العشرية السوداء سوف تتقوى وحدة مكافحة الإرهاب داخل الجهاز الاستخباراتي، وسوف يعتمد الأخير على طريقة مستوحاة من التجربة الكورية الشمالية، آخر المعسكرات الاشتراكية في العالم، من أجل الحرب على مسلحي الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر. تكشف بعض المعطيات التي حصلت عليها "الصباح"، أن المؤسسة العسكرية الجزائرية سوف تعمد إلى إحداث تنظيمات عسكرية ادعت أنها تابعة لجماعات إسلامية مسلحة، وقد نفذت هذه القوات كثيرا من عمليات الاغتيال وساهمت في إثارة حالة من الرعب، بسبب الخلط الذي وقع فيه ذوو الضحايا للتفريق بين الجماعات المسلحة الحقيقية والتنظيمات المشابهة لها صنيعة المؤسسة العسكرية، في فترة العشرية السوداء. لقد استلهم الجيش، تضيف المصادر ذاتها، هذه الفكرة من العقيدة العسكرية لكوريا الشمالية، وكان حينها وفد من الضباط العسكريين المكلفين بتدريب القوات الجزائرية على مواجهة التنظيمات المسلحة. تقول المصادر نفسها: "في بداية التسعينات وصل عدد من المدربين العسكريين الأجانب، إلى منطقة الصحراء الكبرى في الجزائر، وأشرفوا على تدريب قوات جزائرية متخصصة في مكافحة الحركات المسلحة داخل قواعد عسكرية مغلقة. وهنا طرحت فكرة تشكيل ألوية عسكرية تكون مشابهة للتنظيمات الإسلامية التي تقاتل الجيش في الجبال، وإرسالهم إلى مناطق المواجهات على أساس أنهم تنظيمات مسلحة"، كانت كوريا الشمالية قد جربت هذا الأسلوب العسكري في حربها الطويلة مع كوريا الجنوبية. تؤكد مصادر "الصباح". قبل انقلاب المؤسسة العسكرية على الديمقراطية في الجزائر، كان الكثير من المقاتلين الجزائريين عادوا من قتال الروس في أفغانستان، فرغم انخراط الجزائر في المعسكر الشرقي ودعمه للاتحاد السوفياتي منذ التأسيس، فإن نظام الحزب الوحيد في الجزائر، جبهة التحرير الوطني، فشل في منع الجزائريين من الذهاب لقتال أصدقاء الجزائر في أرض أفغانستان. هذه المجموعة سوف تعود إلى البلاد في تزامن مع تداعيات نزول الجيش إلى شوارع البلاد وإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي كانت تؤشر على اكتساح انتخابي للإسلاميين (جبهة الإنقاذ الإسلامية) الانتخابات البرلمانية التي جرت في يناير 1992. ضمن هذا المخاض سوف يتشكل "إرث" متطرف تبلور في شكل تنظيمات مسلحة، سوف تبدأ من الجزائر، لأنها لن تتوقف داخل حدودها الجغرافية، فهي تمتد اليوم إلى شمال مالي وتنفذ هجماتها على تونس كما نفذت هجمات سابقة على المغرب، في أحداث فندق أسني بمراكش، وبعدها في موريتانيا بالهجوم على ثكنة عسكرية موريتانية وقتل العشرات من المجندين. صناعة الإرهاب... من المحلية إلى المغاربية شكل تحالف الإسلاميين الرافضين لانقلاب المؤسسة العسكرية على الانتخابات، من جهة، والمقاتلين "العرب الأفغان" العائدين من القتال في أفغانستان، من جهة ثانية، نواة صلبة لأولى بوادر تشكل التنظيمات المتطرفة في المنطقة المغاربية. وفي اللحظة التي سوف تنطلق فيها "الحرب القذرة" في الجزائر لملاحقة المتطرفين الذين قرروا حمل السلاح في وجه السلطة، لأنها سرقت منهم الحكم بعد انتخابات موؤودة، سوف يبرز إلى العلن أول تنظيم جزائري مسلح في أكتوبر من 1992، أطلق عليه اسم الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر. وبعد أربع سنوات من التأسيس، وقَّع خلالها التنظيم على عمليتي اختطاف طائرة "إير فرانس" متوجهة من الجزائر إلى مارسيليا في 24 دجنبر 1994 وهجوم بالقنابل على مترو الأنفاق في باريس في 25 يوليوز 1995، سوف تعلن الجماعة الحرب على منافستها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، بدعوى أنها قبلت بتوقيع الهدنة مع النظام الحاكم في الجزائر. في 1998 سوف ينشق أحد قادة الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، ليعلن تأسيس "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" في منطقة القبائل شرق العاصمة الجزائرية. وفي هذه المرحلة سوف يستقطب "حطاب" أبرز القيادات التي سوف تؤسس في ما بعد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ويتعلق الأمر بكل من "عبد المالك درودكال" و"نبيل صحراوي"، كما ستؤسس الجماعة فرعا لها في مخيمات تندوف وسط بوليساريو، لاستقطاب الشباب اليائسين من إطالة النزاع في قضية الصحراء، وهو ما أكدته تقارير أمنية دولية أمريكية وأوربية تحدثت عن استقطاب شباب المخيمات للقتال إلى جانب صفوف تنظيم القاعدة. ووفق تقرير لـ"مؤسسة كارنيغي" الأمريكية، صدر في أكتوبر من 2009، بعنوان "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، فإنه حينما تولى الجزائري عبد المالك درودكال، قيادة الجماعة السلفية للدعوة والقتال، سوف يطلق على نفسه اسما حركيا جديدا هو أبو مصعب عبد الودود، وبدأ في التعاون مع شبكة أبي مصعب الزرقاوي في العراق، وفي تجنيد وتوجيه المتطوعين من شمال إفريقيا إلى بؤر التوتر التي يقاتل فيها تنظيم القاعدة. بعد ثماني سنوات من بناء الثقة بين الجماعة الجزائرية والتنظيم العالمي للقاعدة، ووفق التقرير الأمريكي: "سوف يسعى درودكال إلى تجديد منظمته عن طريق ربطها بالدائرة العالمية. وقام أيمن الظواهري، خليفة أسامة ابن لادن حينها، بتكليف أبي مصعب الزرقاوي والفرع العراقي للتنظيم بإدارة هذا النوع من التفاعل المتنامي مع الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر. وكان مهر هذا الاتفاق الجهادي بدماء اثنين من الدبلوماسيين الجزائريين اختطفهما تنظيم القاعدة في العراق في يوليوز 2005، وأعدما بدعم علني من الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية"، ليبدأ بعدها نشاط الجماعة في المنطقة وتتبنى استراتيجية توسعية حاولت من خلالها تشكيل خلايا إرهابية داخل المغرب، والاتجاه إلى موريتانيا ثم تونس، بالإضافة إلى تنشيط شبكة إقليمية في منطقة الساحل والصحراء، مهمتها جني الأموال عبر التهريب وتجارة الأسلحة واختطاف الأجانب للمطالبة بفديتهم. وفي مرحلة لاحقة من التنسيق بين القاعدة وفرعها الجزائري في المنطقة، سوف تتحول الجماعة الإسلامية للدعوة والقتال إلى مركز لتجنيد المقاتلين في العراق. وهي الحقيقة التي كشفتها تقارير إعلامية أمريكية تحدثت عن وجود انتحاري يتحدر من شمال إفريقيا ضمن الأفراد الذين نفذوا عملية تفجير ضد القوات الأمريكية في العراق 2005. وسط هذا المسلسل الجزائري الذي شكل النواة الصلبة للتنظيمات المتطرفة في المنطقة المغاربية، سوف تعلن الجماعة السلفية للدعوة والقتال عن ولائها الرسمي لتنظيم القاعدة في شتنبر 2006، لتصبح بذلك "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وتوقع على أول عملية لها بهذا الاسم الجديد بثلاثة تفجيرات في الجزائر العاصمة (هجمات11 أبريل 2007) استهدفت مقرات للشرطة والدرك ومقر الحكومة. قاعدة المغرب العربي... التهديد رقم 1 من حسن الحظ أن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي "لم تتمكن من تنفيذ كامل استراتيجيتها بالجهاد ضد أمريكا في العراق. في هذه الإستراتيجية توقعت القاعدة في المغرب الإسلامي بوصفها مركز تجنيد في شمال إفريقيا لميدان المعركة في الشرق الأوسط، أن تعبئ شبكات التضامن في أوربا وتحشد المتطوعين كي يتدربوا في الجزائر ويرسلوا إلى العراق. وفي الواقع، فإن نسبة كبيرة من الخلايا الجهادية التي تم الكشف عنها وتفكيكها في الفترة بين 2005 و2007 في فرنسا وإسبانيا، كانت تعمل على إرسال متطوعين إما إلى العراق أو إلى معسكرات التدريب في الجزائر". وفي محاولة للانتقال من جغرافية المغرب العربي إلى العالمية، سوف يلجأ التنظيم إلى تنفيذ هجمات عديدة لضرب أهداف عالمية وإن في المحيط المغاربي. وبينما جوبه هذا المخطط بإجراءات أمنية واستخباراتية في المغرب حدت من فعاليته، فإن التنظيم نجح "في النهاية في قتل مهندس فرنسي في الأخضرية في يونيو 2008 بتفجير سيارتين مفخختين، كما قتل أحد عشر مدنيا جزائريا. وفي 23 يونيو من 2009، قتل أفراد من التنظيم عامل إغاثة أمريكي في العاصمة الموريتانية نواكشوط، وأعدمت بريطانيا كان محتجزا لدى التنظيم في ماي من السنة نفسها". وقبل هذا التاريخ وقع التنظيم على هجوم في جربة التونسية استهدف كنيسة "الغريبة" في 2007. ورغم نجاحها في العبور إلى خارج دائرة تحركاتها في الجنوب الجزائري والشبهة التي طاردت المخابرات الجزائرية بأنها تقف وراء هذه التحركات، فإن الأجهزة الأمنية نجحت في صد كل محاولات التسلل الإرهابي إلى داخل التراب الوطني، وذلك من خلال إستراتيجية أمنية تقوم على عنصرين: الأول بتوجيهات ضربات استباقية إلى المشتبه فيهم، وهو ما تؤكده أعداد الخلايا الإرهابية التي جرى تفكيكها خلال هذه الفترة تحديدا (2006 2009-). أما العنصر الثاني فيهم مراقبة الوضع عن كثب قصد جمع المعلومات الأمنية بشأن أنشطة هذا التنظيم الإرهابي (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)، وقد ساعد الوجود الاستخباراتي المغربي في شمال مالي، عبر بوابة الحرب الفرنسية على الجماعات المتطرفة في مالي، الأجهزة الأمنية على الاقتراب أكثر من طبيعة نشاط هذه التنظيمات والشبكات الاجتماعية التي ترتبط بها، وهو الاقتراب الذي أثار مخاوف جزائرية علنية. حرب المعلومات في مواجهة تهديد مغاربي في محيط مغاربي سمته تنامي التهديدات الأمنية (الإرهاب)، واستمرار مؤشرات ضعف التنسيق الأمني بين المغرب والجزائر، وانكفاء تونس إلى الداخل بحثا عن مخرجات سياسية وأمنية لوضعيتها الانتقالية بعد الثورة، ودخول ليبيا رسميا قائمة الدول الفاشلة بعد انهيار مؤسسات الدولة، يظهر أن هناك تحولات إستراتيجية تجري داخل المنطقة يحركها الأمن ومحاربة الإرهاب، ومعه تتحرك قواعد اللعب داخل كل دولة على حدة. في منطقة الساحل جنوب الصحراء، وهي منطقة جغرافية تشمل جنوب الجزائر وشمال مالي وجنوب النيجر وشرق موريتانيا وجزء من شمال نيجيريا، ستجد الأجهزة الاستخباراتية للمغرب موقع قدم لها عبر بوابة مالي، مكنها من البقاء على مسافة قريبة من أنشطة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وبالعودة إلى الرقعة الجغرافية للساحل، يظهر أن فرع القاعدة الذي يعود الفضل في تشكله إلى تداعيات العشرية السوداء في الجزائر، بدأ يتحول تدريجيا إلى تنظيم إفريقي. وتشير بعض التقارير الدولية إلى أن العلاقة بين تنظيم القاعدة وإفريقيا استفادت من وجود تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وقد لعب كل الجزائريين مختار بلمختار (الملقب بالأعور) وعبد المالك درودكال (لقبه أبو مصعب عبد الودود)، دورا كبيرا في تنشط التنظيم الإرهابي بمنطقة الساحل عبر نسج علاقات قبلية وتجارة التهريب، وهو ما منحه لقب "السيد مارلبورو"، نسبة إلى التبغ الأمريكي الشهير. ويشير تقرير مؤسسة كارنيغي الصادر في ماي 2009 بعنوان "هل تصبح القاعدة إفريقية في منطقة الساحل؟" إلى أنه "في الصحراء تتعاون القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أساسا مع شبكات التهريب، إذ تعد المبادلات الإجرامية، من قبيل النقد مقابل الرهائن والمخدرات مقابل الأسلحة وتقاسم المعلومات الاستخباراتية، ذات أهمية حاسمة لبقائها وعملياتها. وهذا يولد مشكلة سمعة بالنسبة إلى تنظيم يصنف نفسه على أنه جهادي. فقد كان قرار الجزائري بلمختار في 2008 إعلان الجهاد ضد النظام الموريتاني محاولة منه للتخلص من لقبه كـ"سيد مارلبورو"، لأن البعد الإجرامي للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يضر بها على صعيد كسب الدعم السياسي في مناطق تحرك عناصرها". إن تشديد الرقابة على تحركات التنظيمات المتطرفة وتبادل المعلومات الأمنية بين الجزائر والمغرب وإن عبر طرف ثالث أمريكي أو فرنسي، ساعد على محاصرة أنشطة التنظيم بشكل دفعه إلى تغيير إستراتيجيته بالانتقال تدريجيا من فاعل إلى حاضن فقط، يستقطب الشباب المغاربيين للتجنيد ويحشد المتطوعين للقتال في بؤر التوتر. البداية من الجزائر الحرب على الإرهاب في المغرب بدأت من الجزائر مع تأسيس الجناح المسلح لجبهة الإنقاذ الجزائرية. فقد سعت عناصر التنظيم في حربها ضد السلطات الجزائرية إلى جعل المغرب قاعدة خلفية ولوجيستيكية لأنشطتهم المسلحة. أول مؤشرات توسيع النشاط الإرهابي للتنظيم الجزائري نحو المغرب، ستنكشف في الرابع عشر من 1993، بعد اعتقال خمسة جزائريين- أفغان بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء، وفي حوزتهم أجهزة اتصالات متطورة تضم آليات استقبال كانوا ينوون إيصالها إلى الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، بواسطة شخص مغربي مقيم في بركان يدعى (بوجمعة مستعد)، سبق له أن تلقى تكوينا في أفغانستان. الانسلاخ عن الهوية إن توصيف "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" يفيد أن هذا التنظيم الذي خرج من رحم الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، يريد الانسلاخ عن هويته الجزائرية/المحلية ليتخذ صفة تنظيم إقليمي، لأن تحقيق هذا الشرط مرتبط بما يحققه التنظيم الإرهابي من اختراق لبلدان الجوار الجزائري مستفيدا من شساعة المناطق الحدودية داخل المربع الجغرافي المغاربي، من جهة، ومن وجود دول فاشلة في ليبيا ومالي، من جهة ثانية.

الإرهاب في المغرب … أصل الحكاية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

علاقة الزبناء بالبنوك... الإعلام الغائب الأكبر

فعاليات حقوقية تندد بأحداث "الخميس الأسود"

مقالات ذات صلة