أوعياش: البادية لم تعد خزانا انتخابيا

قال إن المغرب مقبل على موسم فلاحي صعب والجدل حول ״صندوق 55 مليارا״ سياسي كشف أحمد أوعياش، رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (كومادير)، أن المغرب على موعد مع موسم فلاحي صعب، مؤكدا أن الإجراءات المتخذة من قبل الوزارة ستكون استثنائية، عبر دعم الأعلاف وإعادة جدولة الديون وتعزيز الزراعات البديلة، موضحا أن قرار المحكمة الأوربية بإلغاء الاتفاق الفلاحي مع المغرب سيرهن مصالح الاتحاد الأوربي بيد الانفصاليين، مشددا في هذا الشأن على أن المغرب لن يفرط في سيادته من أجل بضع صناديق من الطماطم، فيما استغرب المسؤول ذاته، في حوار مع "الصباح"، الجدل السياسي الذي أثير حول صندوق التنمية القروية، منبها إلى أن البوادي لن تظل خزانا انتخابيا لبعض السياسيين، ويتعين إعادة النظر في خطط تنميتها بعيدا عن المزايدات السياسية، واصفا القرار الملكي الأخير بتمليك أراضي الجموع بالمجان بالتاريخي. فيما يلي نص الحوار: < هل الموسم الفلاحي في طريقه إلى الجفاف؟< سأكون بعيدا عن الصواب، إذا توقعت موسما فلاحيا جيدا، إذ سيكون المغرب على موعد مع موسم صعب، ونتمنى ألا يكون كارثيا، والحالة اليوم تدعونا إلى القلق، خصوصا بالنسبة إلى محصول الحبوب، وبالتالي فإن الحديث عن حصيلة موسم مشابهة للموسم الماضي، ستكون ضربا من ضروب الخيال والحلم، إذ سنكون محظوظين إذا حققنا نصف المحصول الذي تم تجميعه من الحبوب (115 مليون قنطار)، علما أن الحبوب تمثل 80 % من إجمالي المساحة المزروعة، وهي البارومتر الذي يعكس نجاح الموسم الفلاحي من عدمه. < ماذا عن تشكيل خلية لتتبع الوضع؟< الخلية التي اجتمعت أخيرا بوزارة الفلاحة، هي دائما موجودة واللقاءات مستمرة بين الفاعلين والوزارة الوصية، سواء كانت السنة عادية أو غير عادية، ذلك أن هذا الاجتماع كان تقييميا، ويعتمد مؤشرات تتجدد باستمرار، يوما بعد اليوم، وحسب المعطيات المتوفرة اليوم، فالحالة تدعو إلى القلق، والإنجازات كانت دون المستوى بسبب غياب التساقطات المطرية، رغم التدبير الروتيني للموسم، إذ تجاوزت كمية البذور الموفرة للفلاحين مليوني قنطار، إضافة إلى الأسمدة وغيرها من المدخلات الزراعية. ومع الأسف، فالتقييم الأولي يظهر أن الحالة تقترب من سيناريو مواسم 2006 و2007، وكذا 1995، التي غابت عنها التساقطات، إذا الآن نستطيع الحسم أن الزراعات الخريفية تجاوزها الزمن، وبالتالي يتعين خوض سيناريو الزراعات البديلة، ونأمل أن المزروعات الحالية لا تفسد بالكامل لغاية الحد من الخسارة، علما أن هذه الزراعات يظل تأثيرها محدود، لأنها مرتبطة بالمناطق البورية، وهي مناطق تعتمد أيضا على الأمطار، خصوصا في مارس وأبريل. كما أن تأخر التساقطات سيرخي بظلاله على حالة القطيع الوطني من الماشية، بسبب انحسار مساحة المراعي والمياه الجوفية، موازاة مع انتشار أمراض في صفوف القطيع، وهنا وجب التنويه بدور المصالح البيطرية، إلا أن الأكيد سيكون توجيه الوزارة لدعم للأعلاف وزراعات الذرة وعباد الشمس، إلى جانب التفكير في إعادة جدولة الديون وتعزيز منظومة التأمين الفلاحي. < كيف استقبلتم القرار الملكي بتمليك أراضي الجموع بالمجان؟< يعتبر القرار الملكي الأخير بتمليك أراضي الجموع وتبسيط المساطر الخاصة بها ومجانية تحفيظها، قرارا تاريخيا، ذلك أن مساحتها تتراوح بين 13 مليون هكتار و15، منها مليون و200 هكتار فلاحية، تتركز خصوصا في مناطق الغرب، التي تنشط فيها زراعات قصب السكر، وهي أرض تسير بظهير للوصاية وظهير 1919، فهي في أغلب الأحيان، أراضي جماعات سلالية لم تكن مملوكة لجهة معينة، وبالتالي فمستغلوها محرومون من بيعها أو رهنها، ولا يمتلكون ضمانات تخولهم الاستفادة من قرض بنكي، إذ تخضع للتقسيم سنويا، حسب العادة، وهو ما جعل هذه الأراضي تتعرض للتفتيت.وفي هذا الشأن، فإن حصة الفلاح من هذه الأراضي في منطقة الغرب مثلا، تقاس بالمتر مربع من قصب السكر وليس بالهكتار، ومن شأن القرار الملكي، إزاحة عوائق الاستثمار في المجال الفلاحي، إلا أنه يتعين الحذر عند تنفيذ هذا القرار، بتوظيف الاجتهاد، إذ يتعين تجنب تقسيم الأراضي بطريقة عشوائية، خصوصا الأراضي السقوية، من خلال تعويض ملاك المساحات الصغيرة مثلا، وتعويض ذوي الحقوق فيما بينهم، مع الحرص على ألا يكون التقسيم منطلق نزاعات أخرى، في أفق الانتقال إلى إصلاح أنواع أخرى من الأراضي. يتعلق الأمر تحديدا بأراضي الأحباس التي تطرح أكثر من مشكل. < ما تعليقكم على الجدل الذي أثير حول تدبير صندوق "55 مليارا"؟< أستطيع التأكيد أن صندوق التنمية القروية، تتداخل فيه محددات تقنية واجتماعية واقتصادية، وكان يدبر منذ زمن من قبل وزارة الفلاحة، إلا أنه للأسف هناك محاولات لتسييس هذا الصندوق، الذي أصبح تدبيره موضوع جدل واسع، بعد تخصيص ميزانية مهمة له، بينما لم يكن يثير أي اهتمام حين كانت ميزانيته ضعيفة، وأتأسف لإقحام المهنيين في هذا الصراع السياسي، ذلك أن غايتنا هي إبعاد البادية عن المزايدات السياسية الظرفية، المرتبطة أساسا بالانتخابات، وأظن أن القرار الأخير لرئيس الحكومة، بمنح تدبير الصندوق لوزارة الفلاحة، يستوجب الإشادة والتنويه، فهو قرار صائب ومبني على أسس منطقية، علما أن الوزارة ليست مستقلة، وهي جزء من حكومة، وبالتالي فالنجاح في تدبير مخططات مثل مخطط "المغرب الأخضر"، إنجاز يحسب لجميع الأطراف، لتظل مصلحة الفلاح هي همنا الأول، بعيدا عن أي تجاذبات من هذا النوع. التنمية القروية لاتحتاج إلى السياسي < هل أعددتم مخططات عمل في ورش التنمية القروية؟< نحن الآن بصدد الانخراط أكثر في الشق المتعلق بالتنمية القروية، وهو ورش آن وراهني، اعددنا بشأنه تصورا، ننتظر بلورته مع الفاعلين، من أجل ضمان حضور قوي شبيه بالحضور المهني في مخطط "المغرب الأخضر"، وما يمكن أن نعتبره امتيازا في هذا الشأن، هو توجه السياسة الجديدة للتنمية القروية نحو الأشخاص والفاعلين نفسهم، بما يسهل عملية التنسيق وتوحيد الرؤى. ويتماشى تنظيم "كومادير" الجديد مع نسق تدبير ملفات التنمية القروية والجهوية الموسعة، وذلك من خلال مراعاة هيكلة الفدراليات البيمهنية حسب سلاسل الإنتاج، التي تتوزع بين فروع الحبوب والحليب والسكر وغيرها من القطاعات، مع استهداف سلاسل جديدة، تهم المنتوجات المجالية وزراعة النباتات الطبية والعطرية، علما أن هذه الفدراليات مرتبطة بعقود برامج منفصلة مع الحكومة، وهو ما يؤهلنا للتمركز تنظيما مهنيا مهما على المستوى الإقليمي والدولي، ويقوي موقفنا التفاوضي في اتفاقيات التبادل الحر مع دول أخرى.وتفترض رهانات الفترة المقبلة التوفر على تنظيم مهني قوي، ذلك أن مشاريع وأوراش كبرى، مثل الاتفاقيات التجارية الموقعة مع الدول الأخرى، إلى جانب ملفات العقار والتسويق والمردودية، وكذا والتنافسية في السوقين الداخلي والخارجي، إضافة إلى مشاكل المناخ والتنمية المستدامة والتدبير العقلاني للمياه، وأيضا مشاكل تمويل وتأمين الفلاح، بخلاف الفترة الماضية التي كان القطاع الفلاحي يفتقر خلالها لمفهوم للتنظيم المهني، ويتقاطع هذا النشاط مع السياسة. اليوم يجب أن نكون واضحين، من يريد ممارسة السياسة عليه أن يبتعد عن البوادي، فهناك غرف فلاحية وبرلمان، ذلك أننا لم نعد نتصور البادية خزانا انتخابيا، يتذكره السياسيون خلال الحملات الانتخابية، إذ يتعين أن تكون التنظيمات المهنية حاضرة بقوة على أرض الواقع، على غرار ما هو معمول به في تجارب متقدمة على المستوى الدولي. أجرى الحوار: بدر الدين عتيقي

أوعياش: البادية لم تعد خزانا انتخابيا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ارتفاع آجال الأداء يعصف بمالية المقاولات

عصبة الغرب تواصل برنامج التكوين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات