“الكلينيكات”… “التبزنيس” في الصحة

حولت معاناة المرضى إلى أصل تجاري للربح السريع وأصبحت أوكارا للرشوة والتلاعبات بالأسعار في شتنبر الماضي، استيقظ صاحب مصحة بالبيضاء باكرا، وشرع في طلاء جدران مؤسسته وغرفها ومرافقها الداخلية بصباغة من النوع الجيد، دون أن ينتبه إلى وجود مرضى " يستريحون" فوق أسرة مدفوعة الثمن مسبقا، أو عمليات جراحية تتعلق بأرواح آدمية تجري في الجهة الأخرى من "البناية"، أو مريضا قد يتنفس رائحة "الدوليو"، في غرفة إنعاش، بدل الأوكسجين المنعش. وكان من الممكن أن تستمر أشغال الإصلاح والصيانة فوق رؤوس المرضى والمصابين والمتألمين إلى ما لا نهاية، لولا الحريق الذي اندلع في إحدى غرف المصحة وامتدت ألسنته إلى جسد نحيل لمهندس معماري قضى في الحال متفحما، لتكبر الفضيحة وتتدخل وزارة الصحة التي أصدرت أمرا فوريا بإغلاق المؤسسة وترتيب الإجراءات القانونية. هذه الصورة الأقرب إلى فيلم للخيال العلمي، تتكرر بنسخ "مزيدة ومنقحة" في مؤسسات أخرى بالقطاع الصحي الخاص، تحولت من فرط الخروقات والاختلالات والفضائح إلى "سلخنات"، بالتعبير المصري، يديرها "معلمين" بشنبات معقوفة إلى الأعلى، وتتدلى من وزراتهم البيضاء الملطخة بالدماء، سكاكين ومدي وسواطير ومبارد، ومستعدون، في أي لحظة، للفتك بجيوب المواطنين وصـــــحتهم. أحيانا، يشعر المغاربة الذين ترمي بهم الأقدار إلى عتبات بعض المصحات الخاصة (دون تعميم بطبيعة الحال)، أن الأمر يتعلق بمؤسسات خارج القانون، ولا توجد سلطة أو قوة في المغرب تستطيع أن تكبح جماحها، مستدلين في ذلك بعدد الفضائح والملفات والحوادث التي تتسبب فيها "الكلينيكات"، وعدد الممارسات التي تصدر عن إداراتها، دون أن يتحرك أحد لمحاسبتها، خارج منطق "الحملات" الظرفية وسياسة الانتقاء. التقارير الصادرة عن لجان التفتيش، وعدد أوراقها بالآلاف، تتحدث عن خروقات متشابهة تقترفها مصحات القطاع الخاص من قبيل إضافة طوابق وبنايات جديدة وزيادة عدد الأسرة والتخصصات دون إخطار المصالح الإدارية المختصة، واختلالات في المعايير الخاصة بالتخصصات الراديوغرافية، وافتقارها إلى التراخيص الخاصة بالتجهيزات وغياب أطباء متخصصين في الأشعة، واختلالات بقاعات الجراحة والمولدات الكهربائية والعنصر البشري، ناهيك عن تفشي الرشوة والتلاعب بالأسعار واستعمال الشيكات دون ضمان، وتحويل المرضى إلى رهائن، وتفشي الأخطاء الطبية وضعف الخدمات الاستشفائية. الملف التالي، يعود إلى أحد المواضيع التي دوخت وزراء الصحة، منذ حكومة عبد اللطيف الفيلالي إلى اليوم، وأعطى المسؤولون “حميرهم” أمام وضعيات شاذة تجعل من معاناة المرضى وآلامهم أصلا تجاريا للاغتناء السريع، ويستغل أصحابها ضعف المنظومة القانونية لوضع أياديهم في جيوب المواطنين مقابل خدمات صحية أقل ما يقال عنها إنها فضيحة. يوسف الساكت

“الكلينيكات”… “التبزنيس” في الصحة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الجودة آخر الانشغالات

رخص بناء مزورة بالمحمدية

مقالات ذات صلة