عرف المشهد السياسي المغربي، مدا وجزا من خلال إحداث تحالفات سياسية، أطلق عليها تاريخيا تكتلات حزبية، كان الهدف منها تحقيق أكبر عدد من المطالب السياسية إزاء تقلبات ميزان القوى، قبل الاستعمار وبعده، إذ كان يشتد الصراع بين الفرقاء حينا و يلين حينا آخر، ما أدى إلى تغيير الدستور وتحقيق الانفراج السياسي بين المؤسسات.أقيمت التحالفات بالمغرب على مستويات، سواء أطلق عليها هجينة أو ظرفية أو مصلحية، فهي قائمة وتنفرط عقودها حينما تنتهي الأهداف التي من أجلها أنشئت، لأن السياسيين عندنا برغماتيون أكثر من اللازم وإن غلفوا خطابهم بلغة حماية الشعب والدفاع عن مصالحه.وإذا كانت الأحزاب الوطنية، قد تمكنت على عهد الاستعمار من رص صفوفها في إطار الكتلة الوطنية لتوعية المواطنين بأهمية مقاومة المستعمر، فإنها مباشرة بعد جلاء الحماية الفرنسية وبعدها الاسبانية، عاشت تشتتا على خلاف ما كان متوقعا منها في سبيل استقطاب قوى حزبية أخرى لأجل تسريع وتيرة بناء الدولة الحديثة، فقد تعرض حزب الاستقلال لهزة سياسية قوية أدت إلى شقه إلى نصفين، بعد مغادرة الجناح النقابي للحزب وإنشاء الإتحاد الوطني للقوات الشعبية في 1959، وانتشار ظاهرة الاقتتال بين المقاومين وجيش التحرير وأعضاء الحركة الوطنية، فيما المقربون من مؤسسة القصر الملكي كانوا أول من أحدث تحالفا سياسيا في 1963 شهرين قبل موعد الانتخابات التشريعية.لكن لم يكن هذا التحالف المحدث من قبل المقربين من القصر الملكي، ذا طبيعية إيديلوجية محضة ويحكمه برنامج تنموي، أو يحمل بذور تصور مجتمعي، بقدر ما كان لأجل فرملة أحزاب أخرى توجد على النقيض من التوجه السياسي للنظام السياسي، فتشكل بذلك حزب «جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية»، برئاسة مستشار الملك الحسن الثاني، وزير الداخلية، أحمد رضا أكديرة، بعدما تمكن من الجمع بين التيار الليبرالي الناشئ ممثلا في الحزب الديمقراطي الدستوري، وهم نشطاء المدن الذين يعول عليهم للمساهمة في بناء الدولة العصرية، وأعيان البوادي من خلال حزب الحركة الشعبية الذي أحدث في 1958.وبغض النظر عن تحالفات المكونات الحكومية، طلية أزيد من نصف قرن بعد استقلال المغرب، والتي كانت دائما خاضعة لتعليمات مؤسسة القصر، فإن أغلبها تشكل بدون صلاحيات، إلى حين التصويت على دستور 2011، الذي أدى إلى انتخابات 25 نونبر من السنة نفسها، أدى إلى فوز العدالة والتنمية، الذي شكل الحكومة من تكتل هجين، ضم حزب الاستقلال، الذي غادر في بداية العمل الحكومي، لأجل إسقاطها ليعوض بحزب التجمع الوطني للأحرار، رفقة الحركة الشعبية، ثم التقدم والاشتراكية اليساري البرغماتي ما وضع أكثر من علامة استفهام، وإن كان التقارب مر عبر برنامج موحد وليس من خلال تصور إيديولوجي، إذ أخذ « البيجيدي» عن حزب « الكتاب» والعكس صحيح لدرجة التناغم في تغيير المواقف أحيانا.وظهر الخلط في الانتخابات الجماعية والجهوية ل4 شتنبر ولمجلس المستشارين في 2 أكتوبر، لأن التنسيق السياسي غلب على التحالف، ولم يكن هناك توجه إلا في بعض المدن الكبرى التي حصل فيها نوع من ضبط التحالفات.أحمد الأرقام