عادت مسألة التحالفات السياسية إلى النقاش، مباشرة بعد الانتخابات الجماعية والجهوية لرابع شتنبر الماضي، والجدل الذي خلفته من صراعات داخل كل المكونات أغلبية ومعارضة، بسبب الانفلاتات التي حصلت يوم تشكيل مكاتب الجماعات والجهات.وكادت العملية تفجر التحالفات القائمة، خاصة من جانب الأغلبية الحكومية التي عرفت انقساما، وعدم الانضباط لمواقف القيادات السياسية المعلن عنها، وهيمنة الحسابات الشخصية والمحلية للمرشحين. وأعلنت المكونات الأربعة لحكومة بنكيران، أنها ستدافع عن حصيلة التجربة، وتخوض الاستحقاقات في إطار التحالف ذاته، مسنودة بحصيلة تعتبرها في الإجمال إيجابية.وفي جانب المعارضة، تفكك التحالف الرباعي، بعد المجلس الوطني الأخير لحزب الاستقلال، الذي نقل الحزب من موقع المعارضة إلى المساندة النقدية للحكومة، في إطار ما أسماه «نهاية المرحلة الرمادية».وإذا كانت مكونات الأغلبية قد أكدت تشبثها بالتحالف الرباعي، احتراما للميثاق والبرنامج الذي ساهمت في صياغته فرق العمل الحزبية، فإن الأوضاع داخل صف المعارضة مختلفة، إذ بدا واضحا في مناقشة مشروع القانون المالي 2016، والتصويت عليه، تفكك رباعي المعارضة المشكل من الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، و»البام» والاتحاد الدستوري.فقد اختار الاستقلال مباشرة بعد اجتماع المجلس الوطني للحزب، الحسم مع ما كان يسميه المرحلة الرمادية، وانتقل من التنسيق مع المعارضة إلى تدشين صفحة جديدة مع العدالة والتنمية، من خلال المساندة النقدية، والابتعاد عن التنسيق مع «البام» والاتحاد الدستوري، لتظل علاقته قائمة مع الاتحاد الاشتراكي، رغم تباين تقييمات الحزبين للوضع السياسي في مرحلة ما بعد الانتخابات الجماعية.وتزداد وضعية مكونات الكتلة الديمقراطية الثلاثة، تعقيدا بالنظر إلى موقع كل طرف، وارتباطاته بالتحالفات القائمة، سوا ء في الحكومة أو المعارضة.ورغم تأكيد الأحزاب الثلاثة على استمرار تشبثها بالكتلة الديمقراطية، وبميثاقها السياسي، وبالحاجة إلى إعادة التنسيق في إطارها، فإنها على مستوى الممارسة السياسية تجد نفسها موزعة بين حساب المصلحة من جهة، والمرجعية السياسية والفكرية التي رسمتها الكتلة الديمقراطية.فإذا كان الاتحاد الاشتراكي اليوم يؤكد على ضرورة حشد القوى الديمقراطية والوطنية لإنجاح معركة إصلاح المنظومة الانتخابية، قبل الاستحقاق التشريعي، فإن تموقع الأحزاب في الحكومة، مثل التقدم والاشتراكية، يجعل من إمكانية التنسيق في هذه المعركة أمرا مستبعدا، بالنظر إلى تعاقد حزب نبيل بنعبدالله مع عبد الإله بنكيران، ودفاعه المستميت عن التحالف الحكومي. ويرى إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي أن الحزب وقع في خطأ حينما سعى إلى تطوير تنسيق المعارضة المؤسساتية إلى تنسيق سياسي بين الأحزاب الأربعة، ما أدى إلى اختلالات، ألحقت ضررا كبيرا بالاتحاد الاشتراكي، وهو الموقف الذي توقفت عنده اللجنة الإدارية، وقدمت بشأنه القيادة نقدا ذاتيا.أما التقدم والاشتراكية المشارك في حكومة بنكيران، فلا يجد أدنى تناقض بين مشاركته في حكومة «بيجيدي» والدعوة إلى إحياء الكتلة الديمقراطية، من أجل إحداث الرجة السياسية في ما يسميه نبيل بنعبدالله، «شعب اليسار».ويرى الأمين العام للتقدم والاشتراكية أن هناك بوادر تؤكد أن المراجعة تتم من قبل مكونات الكتلة اليوم في اتجاه تصحيح مواقفها، في أفق انتخابات 2016، وهو ما يفتح إمكانية العمل من جديد، كأطراف مكونة للكتلة لمواجهة بوادر التحكم في القرار السياسي للبلاد، لكن شريطة عدم الخوض في تقييم المواقف السابقة لمكوناتها، لأن فتح تلك الصفحة لن يقدم العمل. برحو بوزياني