توتر وعصبية وصراخ

حالات تتخبط في أعراض تغيرات هرمونية تشد جبهتها بمنديل طويل أسود اللون، يغطي جزءا كبير من شعرها الكستنائي. مسحة احمرار تغطي خديها، تفضح توترها وعصبيتها. صوتها الذي غالبا ما يكون رقيقا وناعما، تغير بعدما تعالى صراخها. نظراتها تائهة، كأنها تنظر إلى شخص غريب يتسكع في عالمها الخاص. هكذا تصير وفاء، في الخمسينات من عمرها، عندما تنتابها «أزمة منتصف العمر». توتر كبير يسيطر عليها، وعصبية تتحكم في تصرفاتها لأتفه الأسباب، وفي الكثير من الأوقات دون سبب.تفرض رأيها، وتجد نفسها، مضطرة إلى الدفاع عنه، رغم أنها على يقين بأنها مخطئة. تتشبث برأيها، مهما كلفها ذلك. تغيرات كثيرة طرأت على تصرفاتها مع أسرتها والمقربين منها، تارة تشتد حدة انفعالاتها، وطورا تتراجع العاصفة النفسية، وتعود المياه إلى مجاريها، وبين الحالتين، يكون المقربون منها، ضحية التغيرات الجديدة على حياتهم الأسرية والعائلية، ويضطرون إلى مواجهة توتر والدتهم، علما أنه في حالات كثيرة يعجزون عن مجاراة الوضع، وتنجح وفاء في جرهم إلى عالمها «المكهرب».تتوقف الحياة للحظات، لدى وفاء. تعجز عن التفكير بالمنطق، وفي لحظات أخرى، تتصور أن المحيطين بها، وأفراد أسرتها، يستغلونها، وأن اهتمامها بهم، طيلة تلك السنوات، أكبر غلطة اقترفتها في حياتها، وأنه كان بالأحرى، أن تعيش تفاصيل أخرى، غير التي تتخبط فيها اليوم، عازمة على التراجع عن قرارات اتخذتها سابقا، واتباع نمط جديد، يمكن أن يخرجها مما تعيشه من توتر وقلق. قد تكون بعض المشاكل العائلية، تزيد توتراتها الكثيرة والمبالغة، لكن الكوابيس التي تراودها في كل ليلة، سبب قوي لمعاناتها.تضع جل المقربين منها في دائرة الاتهام، وتقول إنهم السبب في غضبها، قبل أن تحاول استيعاب أنها تمر من مرحلة تتغير فيها نفسيتها، نتيجة اضطرابات هرمونية، ومن الضروري أن تمر بهدوء مثل أي مرحلة في حياة الإنسان، وتعترف بمبالغتها في انفعالها، وتبرر ذلك، بأعراض مرحلة سن اليأس، لكن سرعان ما يتبدد كل ذلك، وتعود إلى حالتها المتوترة، وتسيطر عليها انفعالاتها والمشاعر غير المريحة، معبرة عن رفض نمط حياتها، وأن الملل الذي تشعر به، هو نتيجة رتابة طريقة عيشها.في الكثير من الأوقات يقف أفراد أسرة وفاء، عاجزين عن تصديق التغيرات التي طرأت على حياتهم بسبب انفعالات وفاء غير المبررة، وفي كل مرة يتجنبون التلاسن معها، ويحتفظون بملاحظاتهم لأنفسهم، محاولين التفهم أن والدة تمر بمرحلة تطرأ خلالها الكثير من التغيرات.إيمان رضيف ..

توتر وعصبية وصراخ

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اختلالات مالية تعصف بنظام "راميد"

"مونولوغ" الشعر الأبيض

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات