خيمت لغة الغزل بين كريستوفر روس، المبعوث الأممي المكلف بملف الصحراء، والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بعد اللقاء الذي جمعهما أول أمس (الاثنين) بالعاصمة الجزائرية.ولم يحمل مبعوث بان كي مون أي جديد، لجولته الجديدة إلى المنطقة، خارج حديثه المكرور عن مواصلة الجهود الرامية إلى تسهيل المفاوضات ببن طرفي النزاع، في إشارة إلى المغرب وبوليساريو.واختار المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة التعبير عن عرفانه للجزائر على دعمها للمسار الأممي الرامي إلى إيجاد حل للنزاع، مؤكدا أن الرئيس الجزائري جدد خلال لقائه المطول معه، دعم الجزائر للمسار الأممي بصفتها بلدا جارا".ولم يكشف المبعوث الأممي عن المواعد المقبلة التي جاءت في تصريحاته، مكتفيا بالقول إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، طلب منه تكثيف الجهود لإيجاد حل يتطابق مع لوائح مجلس الأمن الأممي.وأعلن روس للمناسبة عن رغبة بان كي مون في زيارة المنطقة، خلال الأشهر المقبلة، دون تحديد أجندة الزيارة ولا المقترحات التي سيحملها إلى المنطقة، في حال القيام بها، مكتفيا بالقول إن الأمين العام يريد تقديم "إسهامه الشخصي في إيجاد حل لهذا النزاع الذي طال أمده".ويبدو أن الجزائر تحاول من خلال الاستقبال الشخصي للرئيس بوتفليقة لكل من زعيم جبهة بوليساريو، وكريستوفر روس، اللذين سبقتهما حملات إعلامية وديبلوماسية في أكثر من محفل، إعطاء الانطباع للمنتظم الدولي، بأن الجزائر متعاونة مع الأمم المتحدة، في الوقت الذي لم تبد أي تجاوب مع المقترحات المغربية الخاصة بإنهاء هذا النزاع، الذي تتحمل مسؤولية إطالة أمده، من خلال فرض حالة الحصار على مخيمات تندوف، وتحكم الأجهزة العسكرية الجزائرية في قيادة الانفصاليين، وتمويل تحركاتها في أكثر من عاصمة.وفي تعليق على خطاب المبعوث الأممي، قال عبد المجيد بلغزال، الخبير في شؤون ملف الصحراء، وعضو "كوركاس"، إن مستوى الاستقبال الذي حظي به روس من قبل وزير الخارجية والرئيس الجزائريين، في وقت تعرف فيه علاقته بالمغرب نوعا من الفتور، بسبب مواقفه المتحيزة، إنما هو هروب إلى الأمام وتسجيل مواقف شكلية من قبل الجزائر، لإظهار أنها حريصة أكثر من غيرها على الالتزامات الدولية في هذا الصدد.وأوضح بلغزال في تصريح لـ "الصباح" أن الجزائر ليست مجرد جار، بل هي جوهر النزاع، باعتبار مسؤوليتها التاريخية في الملف، والناجمة عن الصراع الجيو-إستراتيجي الذي خلفته الحرب الباردة في شمال إفريقيا.وتساءل بلغزال قائلا "لماذا حرص روس على إظهار عرفانه وامتنانه للجزائر بهذه الطريقة، هل هو مجرد سلوك ديبلوماسي، أم أنه حلقة من حلقات صب الزيت على خلافه مع المغرب، موضحا في السياق ذاته، أن كثيرا من قرارات مجلس الأمن، والتي دعت دوما إلى مفاوضات مباشرة بين المغرب وبوليساريو، لم تستثن الجزائر من المسؤولية.وأكد بلغزال أن زيارة روس للمنطقة، تأتي في سياق تصعيد الجماعات الإرهابية لحربها في أكثر من منطقة، والتي وصلت اليوم إلى عمق أوربا، وهي حرب لم يلتقط أبعادها بان كي مون ومبعوثه الشخصي إلى المنطقة. وتساءل عضو "كوركاس" قائلا "في أي اتجاه تدق أجراس روس اليوم، هل في اتجاه المزيد من التوتر في المنطقة، والتي لا تحتمل المزيد، بالنظر للتهديدات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، وهل هناك رغبة في زعزعة الاستقرار بالإقليم، في الوقت الذي يبذل المغرب جهودا من أجل السلم والأمن العالميين، من خلال مقترح الحكم الذاتي، الذي يستهدف إنهاء النزاع، واستتباب الأمن ليس فقط في شمال إفريقيا، بل أيضا في الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.برحو بوزياني