تفجيرات باريس عمل مشترك بين داعش وأوربا

أكنوش: "إمارة أوربا" بمولنبيك وفرت الوسائل البشرية والسلاح واللوجيستيك تحدث الدكتور عبد اللطيف أكنوش، المتخصص في الشؤون الأمنية، عن الهجمات الإرهابية الأخيرة بباريس، ووصف الإرهابيين من منفذين ومخططين، بالصناعة الأوربية. كما اعتبر مولنبيك، إمارة أوربية مشجعة على التطرف والتشدد، وأنها منبت الإرهابيين ومكان تدريبهم وتشبعهم بالتطرف. واستطرد الباحث في التحدث عن مختلف القرارات التي خلفها الحادث، وعن الانتقادات الموجهة للمغرب، في حربه الاستباقية ضد خفافيش الظلام.... أجرى الحوار: المصطفى صفر أولا نريد أن نعرف قراءتكم للأحداث الدامية للجمعة الأسود، لا من حيث التخطيط الذي كان خارج فرنسا ولا من حيث بصمة التنفيذ التي تشبه إلى حد كبير، طريقة تنفيذ العمليات الإرهابية الموقع عليها من قبل القاعدة؟ من الصعب الآن إعطاء أجوبة مقنعة حول ما تعرضت إليه باريس من هجمات إرهابية، نظرا لأن الأبحاث القضائية مازالت جارية إلى حدود اللحظة. ولذلك أعتقد أن الحذر واجب في استخلاص النتائج والأحكام. مثلا، من الصعب الآن أن نقول إن الهجمات خطط لها من الخارج بالنظر إلى المعطيات المتوفرة. فالأفراد الخمسة عشر أو نيف (احتسبت طبعا الذين تم إيقافهم أو قتلهم يوم الأربعاء 18 نونبر في سانت دوني)، من الذين شكلوا الكوموندو المهاجم، بما في ذلك المخطط الرئيسي، والذي يبدو أنه المسمى "أباعوض المغربي"، وكذا الفرق التي تكلفت بالهجومات الميدانية، وتلك التي تكلفت باللوجيستيك، كلهم إما فرنسيون أو بلجيكيون، باستثناء المنتحر السوري، الذي يبدو أنه تسلل عبر اليونان إلى أوربا في إطار المخطط الإرهابي نفسه. صحيح أنهم مرتبطون بداعش، وصحيح أنهم قاتلوا في سوريا وتدربوا على أراضي "دولة الشام والعراق". غير أن الظاهر للعيان، أن هناك "إمارة أوربية" وأعني بها بلدية "مولنبيك" البلجيكية، والتي تأسست على مرأى ومسمع من السلطات البلجيكية ومنذ مدة، وهي التي تفننت في توفير الوسائل البشرية والسلاح واللوجيستيك وحتى التمويل لإرهاب "داعش" على الأراضي الأوربية. وهذه البلدية معروفة بخاصية أنها القاعدة الخلفية للتطرف الإسلامي وللإرهاب، لعدة عوامل مرتبطة بالتاريخ والبنية السكنية التي تميزها عن باقي مناطق بلجيكا. وعليه يبدو أنه يجب القول إن العمليات الإرهابية والتخطيط لها وتنفيذها هو مشترك بين داعش وبين بنية استقبالية مشجعة أوربية وعلى مرمى حجر من باريس.وقد أصبت في القول عندما وقفت على وجه التشابه بين أساليب القاعدة "التاريخية" وأساليب داعش في تخطيط وكيفية تنفيذ الهجمات تلك. غير أن ما يجب إضافته، هو أن فرنسا عاشت ولأول مرة "ظاهرة تفجير الذات" لقتل أكبر عدد من الأبرياء ممزوجا بالطابع العسكري للهجوم، وهو أمر يصعب استباقه والتصدي له أمنيا بالطرق الكلاسيكية لمواجهة الإرهاب. هل المخططات التي تجري الآن في فرنسا، وباقي بلدان أوربا، لمحاربة الإرهاب ستفلح في تجفيفه؟ هل ستنال هذه المخططات من حقوق الإنسان والحريات الفردية والعامة، سيما أن خطاب الرئيس الفرنسي كان واضحا ويومئ إلى إطلاق أيدي الشرطة وتمديد حالة الطوارئ؟ يبدو أن الأمور تتجه الآن إلى شيئين اثنين: من جهة هناك تقارب وجهات النظر بين فرنسا وروسيا في ما يتعلق بالحرب على داعش. تقارب لعب فيه تفجير الطائرة الروسية في سماء "شرم الشيخ" وأحداث باريس دورا أساسيا، ودفع فرنسا إلى "نسيان" طلبها بتنحية الأسد، ودفع روسيا إلى الالتزام بتكثيف الهجوم على داعش. ولم يبق الآن غير الدخول في التنسيق الميداني. ومن جهة أخرى، يبدو أن المؤسسات الأوربية قبلت ولو على مضض غض الطرف عن قرار فرنسا بتجميد "ميثاق الاستقرار المالي"، وإعطاء الأولوية "للميثاق الأمني".أما في ما يتعلق بقرار إعلان حالة الطوارئ فقد سبق لفرنسا أن عاشت مثل هذه الظروف بين 1963 و1965، عندما كانت البلاد تعيش على إيقاع حل قضية الجزائر. وعليه لا يبدو لي أن الأمر يتعلق "بباتروت آكت" فرنسي، بقدر ما يتعلق بتشديد مساطر التحقيق والتدخل الميداني، واللجوء إلى التدابير الإدارية عوض التدابير القضائية الكلاسيكية، مع الإشارة إلى أن هذه التدابير ليست وليدة ما بعد أحداث باريس، بل هي تدابير جار بها العمل منذ فترة ليست بالقصيرة. فمثلا، رصد العناصر التكفيرية الجهادية الخطيرة ووضعها تحت تدابير "الإقامة الجبرية والتنقيط لدى الشرطة والدرك"، تدبيرا إداريا لا دخل للقضاء فيه، مورست ومازالت تمارس إلى الآن، ويتم إجراؤها على أساس مجرد ما يسمى "الوريقات البيضاء" التي تعدها مصالح الاستعلامات العامة. أما تدبير إلزام الأشخاص الأكثر خطورة على الأمن العام بوضع "السوار الإلكتروني" لمراقبة تحركاتهم فيبدو لي أن هناك شبه إجماع على تبنيه خارج المساطر القضائية الكلاسيكية في إطار مرسوم حالة الطوارئ. أما بالنسبة إلى الجالية المسلمة، فالمشكل أكثر تعقيدا مما يبدو لأول وهلة. فالحديث الآن عن أمرين:مسألة سحب الجنسية الفرنسية من العائدين من بؤر التوتر في سوريا والعراق وغيرهما، بحكم أنهم ساندوا دولا أو منظمات إرهابية ضد مصالح بلدهم فرنسا.وإجلاء الأئمة الذين ينشرون أفكار العداء للآخر، والجهاد والتكفير ورفض قوانين وأعراف وطريقة عيش الجمهورية الفرنسية، وإعادتهم لبلدانهم في حال ما إن كانوا من مزدوجي الجنسية. كيف تنظرون إلى نشأة تنظيم "داعش" وتزامنه مع انطلاق الربيع العربي وفي الوقت نفسه مع انتهاء مطاردة أمريكا لأسامة بلادن وقتله؟ إذا تركنا جانبا نظريات المؤامرة التي عششت هذه الأيام في أذهان الكثيرين، يمكن القول بكثير من التحفظ إن داعش استمرار لنظام صدام حسين السني، مع استعمال أساليب القتل والتقتيل نفسها التي كان هذا النظام يمارسها، وكان كثير من مثقفينا وحكامنا يغضون الطرف عنها، استمرار يعبر عنه كذلك العدد الكبير من جنرالات النظام السابق على رأس التنظيم الإرهابي الداعشي. أما في ما يتعلق بالبنية الإيديولوجية والسياسية، فلا يختلف اثنان على أن العربية السعودية وقطر تعتبران "داعش" ابنها المدلل الحريص على تطبيق إسلامها البدوي المنعوت بالوهابي، ودعمته وتدعمه ماليا، بمساعدة وشراكة تركيا أردوغان، لهدفين لا ثالث لهما، لعب دور احتواء المد الإيراني في المنطقة بالنسبة إلى السعودية وقطر، ودور تطويق الأكراد بالنسبة إلى تركيا. انتقادات المغرب في مواجهته للخلايا المتطرفة وجهت له انتقادات، سيما من المنظمات الحقوقية الدولية، لدرجة أن برلمانيين بلجيكيين، قرروا الإضراب عن الطعام تضامنا مع بلجيكي من أصل مغربي، معتقل على ذمة نقل أسلحة إلى المغرب للقيام بعمليات إرهابية، كيف تنظرون إلى الموجة المنتقدة للمغرب؟ عجيب أمر هؤلاء، ينتقدون العمل الاستباقي للأجهزة المغربية ضد الإرهاب لحد الإضراب عن الطعام تحت ذريعة حقوق الإنسان، ودولهم تطلب تعاون الأجهزة نفسها في حل ألغاز الهجمات الإرهابية على باريس، ومطاردة إرهابيي بلدية "مولنبيك" البلجيكية، وتقديم المساعدة الأمنية الميدانية لإسبانيا في عقر دارها في حربها على الإرهاب !!! والله العجب العجاب... في سطور< باحث متخصص في العلوم السياسية والأمنية< أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق جامعة الحسن الأول بسطات

تفجيرات باريس عمل مشترك بين داعش وأوربا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

كوكيتو ... نهاية متطرف

مختصرات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات