فرنسا تدفع ثمن شجاعتها

< في ظرف أقل من سنة، تعرضت فرنسا إلى ضربتين موجعتين. لماذا هذه الدولة بالضبط؟< مؤكد أن لتنظيم "داعش" له مبرر لذلك، وهو يتوفر على لائحة تضم عددا من الدول المستهدفة، لكن يبدو أن فرنسا توجد في رأس الحربة لأنها تتحمل مسؤوليتها السياسية والأمنية كاملة على مستوى محاربة التطرف العالمي، عكس بعض الدول الأوربية التي اختارت مقاربة مختلفة هي شراء ولاء القيادات المتطرفة، مقابل حمايتهم داخل بلدانها.لا ننسى، أيضا، أن باريس تزعمت الحرب ضد التنظيم الإرهابي في مواقعه، وكانت قاطرته في مالي ومنطقة الساحل قبل سنوات. وفرنسا تبحث، اليوم، عن موطئ قدم في سوريا لإعادة التوازن إلى المنطقة، رغم أنها كانت في البداية ضد النظام السياسي السوري الذي يقوده بشار الأسد، وظلت تقول إن القصف الجوي الروسي كان يستهدف مواقع المعارضة السورية، أكثر من مواقع "داعش".الآن، يبدو أن أمورا كثيرا تغيرت بعد الهجومات المنسقة والمتزامنة في باريس، وأضحت فرنسا حليفا لروسيا في الحرب على "داعش" وبشكل أقوى وصارم هذه المرة، بل إن باريس قررت تحريك أسطولها وحاملات طائراتها إلى المنطقة، لدعم هذه التوجه. وربما يزيد من حدة هذه الصرامة، ما صدر عن قيادات في التنظيم الإرهابي التي قالت إن ما وقع في 13 نونبر ليس سوى قطرة غيث لحمم وأمطار عاصفة مقبلة، ما أجج غضب الفرنسيين.< إعلان الحرب على معاقل الإرهاب وتجمعاته جربته أمريكا سابقا وأدى إلى نتائج عكسية. هل يمكن الرهان فعلا على مقاربة من هذا النوع؟< هناك دائما مقاربات متعددة للتعامل مع المد الإرهابي، من ضمنها، طبعا، توجيه ضربات في أوقات معينة وبشكل ظرفي من أجل الردع في المعاقل الأساسية للتطرف وتجمعاته، لكن تبين، اليوم، أن الحرب الوقائية هي القادرة على دفع الخطر في الظروف الاستثنائية الحالية، وكان لا بد لفرنسا أن تكشر عن أنيابها لإجبار الغول على التراجع إلى الوراء.على المدى البعيد، من الضروري أن تراجع فرنسا والدول الأوربية تعاملها مع أجيال الفرنسيين من أصول غير فرنسية الذين ولدوا وكبروا وترعرعوا في فرنسا. المشكل ليس قائما على الحالة المدنية، بل في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية السيئة والجراحات التي عاشها آباؤهم، وتتكرر اليوم بأشكال مختلفة (السكن والعمل والمهن والترفيه...)إن المطلوب هو تحقيق المواطنة والمساواة الكاملة بين جميع الفرنسيين دون تمييز، على مستوى السلطة والقانون وتوزيع الثروة والعدالة والاجتماعية عوض توزيع الهشاشة وتعميم الغبن، وتخريج أجيال تكون لقمة سائغة للأفكار المتطرفة ودعاوى الإرهاب.< أين المغرب من كل هذه التحولات؟< أينما وجد التوتر ارتفع منسوب الهاجس الأمني، وقد تقع أخطاء في التقدير والممارسة، كما وقع في وقت سابق منذ 2003. اليوم، يبدو في ظل مقاربة مختلفة أن الخطر تقلص نسبيا في المغرب، وإن كان مازال موجودا. وهنا أعود إلى السؤال السابق، وأقول إن الإحساس بالهشاشة والغبن الموجود بضواحي فرنسا، يمكن أن تجده أيضا في بعض التجمعات الصفيحية بالبيضاء (كاريان طوما) التي هي أساس تفريخ التطرف، وبالتالي، فإن المحدد الأساسي لمواجهة التطرف هو الرأي العام الذي يكون بمثابة "بارشوك" للمقاومة والمساعدة في الحرب على النزعات الدموية والإرهابية.أجرى الحوار: يوسف الساكت* باحث في الحركات الإسلامية

فرنسا تدفع ثمن شجاعتها

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنكيران يخطط لضرب "البام" بسلاح التقطيع

تجربة المغرب تتخطى الحدود

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات