نسعى إلى فك عقدة الثقة في المرفق القضائي

بنعليلو مدير الدراسات بوزارة العدل أكد أن الهدف المقبل هو الانتقال إلى المكننة الشاملة للإجراءات القضائية أجرت الحوار: كريمة مصلي قال محمد بنعليلو، مدير مديرية الدراسات والتحديث بوزارة العدل والحريات، إن الوزارة منكبة على إعادة الثقة في المرفق القضائي، وأضاف في حوار مع «الصباح»، أن مختلف المحاكم أصبحت تعالج معطيات الملفات القضائية إلكترونيا، وهو ما أتاح إمكانية تدبير الإجراءات القضائية إلكترونيا. أول تساؤل يتبادر إلى ذهن متتبعي واقع الإدارة الالكترونية يتجلى في مدى أهمية المشاريع التي رشحتها وزارة العدل لنيل الجائزة الوطنية للإدارة الالكترونية؟ بداية أؤكد أن تتويج المشاريع المرشحة من قبل وزارة العدل والحريات لنيل الجائزة الوطنية للإدارة الالكترونية في صيغتيها، هو إقرار واعتراف خارجي بالمجهودات التي تبذلها وزارة العدل والحريات في سبيل تحديث الإدارة القضائية ورقمنتها، وهو مؤشر واضح على أن وزارة العدل والحريات منخرطة في مشروع الحكومة الرقمية من جهة، وتسير بخطوات واثقة نحو المحكمة الرقمية من جهة أخرى، كما أن هذا التتويج هو تثمين للمجهودات التي تقوم بها الوزارة لتقديم خدمات ذات جودة عالية وبأقل تكلفة للمواطن سواء بصفته متقاضيا أو مرتفقا في أحسن الظروف، أما بالنسبة إلى سؤالكم حول أهمية المشاريع المقدمة، فإننا نقول إنها أهمية مستمدة من أنها مشاريع مواطنة جعلت من خدمة المواطن هدفا لها، ومن جودة تقديم الخدمة القضائية وسيلة لرأب الصدع الذي قد يشوب علاقة المرتفق بمؤسساته القضائية. إنها ببساطة ترجمة واقعية لفكرة «القضاء في خدمة المواطن» كما جاءت في الخطاب الملكي السامي لمناسبة افتتاح الدورة التشريعية لـ2010. هل تعتقد أن هذه الخدمات الإلكترونية ستحسن صورة مرفق العدالة؟ إن إعادة الثقة في مرفقنا القضائي هي محور الإشكالية التي نشتغل عليها لفك عقدتها، وهي مكون أساسي من مكونات الإصلاح التي توليها وزارة العدل والحريات أهمية خاصة، من خلال برامجها ومشاريعها التطويرية، لذا فإننا نعتقد أن هذا النوع من الخدمات الإلكترونية سيلعب دورا مهما في إشاعة قيم الشفافية والنزاهة وتكريسها، وضمان الحق في المعلومة القضائية، بما يحد من بعض الممارسات السلبية أو المشينة التي تسيء إلى أداء إدارتنا عموما بما فيها مرفق العدالة.فمن خلال الخدمات التي وضعت بين يدي المتقاضي والمرتفق من خلال مشروع الخدمات الإلكترونية القضائية الخاصة بالهواتف الذكية «e-justice Mobile» أصبح بإمكان المتقاضين تتبع مآل قضاياهم في إبانها ودون تدخل العنصر البشري، ما سيحد لا محالة من كثير من الممارسات السيئة التي تحدث في كثير من الأحيان خارج مكونات الجسم القضائي، ويثير أحكاما مسبقة تسيء إلى جسمنا القضائي وإلى مرفق القضاء. دخلت وزارة العدل والحريات في تنفيذ برنامج تحديث عدد من المحاكم، ما هي النتائج المحصل عليها ؟ إن وزارة العدل والحريات تشتغل على أوراش عديدة، تتقاطع في ما بينها تارة وتتكامل تارة أخرى، إلا أن قاسمها المشترك أنها تصب في كليتها في بناء مشروع المحكمة الرقمية.لعل أهم مكسب وجوهر تحديث الإدارة القضائية، هو بناء نظام خاص لتدبير مختلف القضايا وضبط إجراءاتها معلومياتيا من خلال هندسة إجرائية محكمة تأخذ بعين الاعتبار القواعد الإجرائية لتدبير القضايا أمام كتابات ضبط المحاكم، ومن خلال ترميز مختلف القضايا وضبط سجلاتها ما أتاح إمكانية التتبع عن بعد لعمليات تضمين الملفات وتحيينها في الأنظمة المعلوماتية، فأصبحت نسبة التضمين والتحيين في جل المحاكم تتجاوز 90 في المائة ، وهي مستويات متقدمة جدا شجعت محاكم على الاستغناء عن بعض السجلات الورقية بعد تعويضها بالسجلات الرقمية، ولا يفوتني التنويه في هذا الشأن بأن نسب التضمين والتحيين هي نسب علنية يتم نشرها شهريا في الموقع الرسمي للوزارة وتبين بكل شفافية تصنيف محاكم المملكة إزاء هذه العملية. ومن بين الأمور الأخرى ذات الأهمية الخاصة، والتي بدونها يستحيل تنفيذ أي برنامج، أذكر تلك المتعلقة بالبنية التحتية المعلوماتية، فوزارة العدل والحريات حريصة على تقوية البنية التحتية المعلوماتية للمحاكم والإدارة المركزية، من تهيئة الشبكة الكهربائية والشبكة المعلوماتية، والتواصل الآمن بين المحاكم، والتجهيزات والمعدات بالإضافة إلى الأمن المعلومياتي، حيث ننفذ إستراتجيتنا الأمنية لبرامجنا وأنظمتنا المعلوماتية بتنسيق مع مركز اليقظة والرصد والتصدي للهجمات المعلوماتية. ولكن هناك من يقول إن المحاكم تعاني هشاشة في البنية التحتية؟ وإن كنت لا أفهم جيدا ما المقصود ب»هشاشة البنية التحتية» فإنني أؤكد أن جميع محاكم المملكة، بدون استثناء، تتوفر على شبكة معلومات وشبكة كهرباء ملائمة، وأن وزارة العدل والحريات حريصة على تغطية الخصاص من التجهيزات المعلوماتية، في إطار قواعد ناظمة يحكمها مبدأ حكامة التسيير وعقلنة الإنفاق العمومي، بناء على دراسة حاجيات وما يتوفر من تجهيزات، يكفي أن أعطي رقما له دلالته الكبرى وهو أن وزارة العدل والحريات وزعت أزيد من 3371 حاسوبا محمولا على القضاة، وأن النسبة الوطنية لتغطية المحاكم من الحواسيب الثابتة بالنظر إلى عدد الموظفين تصل إلى حوالي 79 في المائة ، زد على ذلك أن جميع المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف والمحاكم المتخصصة مرتبطة بالانترنت وكذا بالشبكة الافتراضية الخاصة vpn مما يساعد على التواصل في ما بينها ومع الإدارة المركزية بشكل آمن.بل إن سياسة وزارة العدل والحريات اتجهت إلى إدماج مراكز القضاة المقيمين التي تتوفر على بنايات لائقة، في مشاريعنا التحديثية. قلتم في مرات عدة إن تطور أداء المحاكم مرتبط بالتحديث، هل فعلا تحسن أداء المحاكم بتنفيذ برامج التحديث؟ هذا بديهي، فمختلف محاكم المملكة أصبحت تعالج معطيات الملفات القضائية إلكترونيا، وهو ما أتاح بالتبعية إمكانية تدبير الاجرءات القضائية إلكترونيا كذلك، والأكيد أنه ساعد من ناحية الأداء المهني على توفير الجهد والوقت، ومن ناحية الحصيلة على الرفع من وتيرة العمل داخل الإدارة القضائية، وتوفير معطيات دقيقة حول سير الملفات القضائية وتطوير لوحات قيادة ساعدت وتساعد في اتخاذ القرار الملائم من طرف المسؤول القضائي أو الإداري المركزي أو المحلي كل في حدود اختصاصه.غير أننا لا نريد حصر دور التحديث في تحسين أداء المحاكم فقط، وإن كنا نعتبره هدفا جوهريا وأساسيا، بل نطمح إلى ما هو أعم وأشمل، من خلال اشتغالنا على الجانب التشريعي وبالأخص على تعديلات المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية عبر إدخال مقتضيات ستشكل طفرة نوعية في الانتقال نحو المكننة الشاملة للإجراءات القضائية، من خلال إقرار نظام الاستماع إلى الشهود عن بعد باستعمال تقنية النظام السمعي البصري visioconférence ، أو الاستماع إلى بعض المعتقلين الذين لا يشكل إحضارهم من السجن ضرورة إجرائية في مرحلة معينة، أو الاستماع إلى الخبراء والتراجمة إن ارتأت المحكمة ذلك ضروريا، أو من خلال إقرار نظام التبليغ الإلكتروني، ونظام الإيداع الإلكتروني للمذكرات. تحديد عمر الملف لا يعني التدخل في السلطة التقديرية أولا ينبغي أن ننظر إلى الموضوع من زاوية أن تحديد العمر الافتراضي للملفات داخل المحاكم أو تدبير «الزمن القضائي»، ما هو إلا تنزيل لمقتضيات المادة 120 من دستور المملكة التي تنص أن: ” لكل شخص الحق في محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول»، وكذا توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة من خلال هدف الارتقاء بفعالية ونجاعة العدالة والتي من بين آلياتها البت في القضايا وتنفيذ الأحكام في آجال معقولة.من هذا المنطلق اشتغلنا في المديرية على إيجاد وسائل وآليات تمكن من معرفة متوسط العمر الحقيقي للملفات لننتقل في مرحلة لاحقة إلى تحديد العمر الافتراضي، وقمنا في هذا الصدد بتطوير برنامج معلومياتي، وبتوظيف آليات اللجنة الأوربية للنجاعة القضائية، وهو ما مكننا من استخراج جميع المعطيات المتعلقة بحركية الملفات القضائية داخل المحاكم، ومتوسط الوقت الذي يستغرقه ملف معين، وهي آلية من شأنها أن تساعد على الوقوف على مكامن الخلل (إن كان هناك خلل)، مثل إشكالية التبليغ، وعموما وفرنا مؤشرات للمحاكم يمكن من خلالها معرفة وتيرة تصفية الملفات والبت فيها. دون أن يعني ذلك مطلقا أننا سنتدخل في السلطة التقديرية للقضاة في إدارة الإجراءات القضائية، ولا يعني ذلك مطلقا أننا سنفرض مددا معينة، وإنما سنوفر مؤشرات ستساعد كل المتدخلين في عملية صناعة الحكم، أو تقديم الخدمة القضائية، ليتم ذلك في أجل معقول من خلال تحسين الزمن القضائي، علما أننا واعون تمام الوعي بضرورة الأخذ بعين الاعتبار الظروف، كل الظروف، المحيطة والمؤثرة في الزمن القضائي سواء الإجرائية أو البشرية أو اللوجستيكية، سواء الداخلية أو الخارجية التي تفرضها علاقات المحاكم مع جهات أخرى في تجهيز الملفات. في سطور- رئيس غرفة بمحكمة النقض - مدير الدراسات والتعاون والتحديث بوزارة العدل والحريات- أستاذ القانون الجنائي والمسطرة الجنائية بالمعهد العالي للقضاء- أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي- عضو الفريق الاستشاري لمشروع تحديث النيابات العامة في الدول العربية

نسعى إلى فك عقدة الثقة في المرفق القضائي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المؤبد لقاتل زوجته وابنته

الحبس لـ"أجودان" اعتدى على مهاجر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات