شن المغرب هجوما ديبلوماسيا جديدا بمجلس الأمن، وهذه المرة ضد فنزويلا، التي اعتادت في تدخلاتها معاكسة الوحدة الترابية للمملكة، والانحياز لأطروحات الانفصاليين.ويأتي هذا الرد القوي لمساعد الممثل الدائم للمغرب بالأمم المتحدة، خلال جلسة نقاش كان موضوعها حفظ السلم والأمن الدولي.فلأول مرة، يرد عبد الرزاق لعسل، ممثل المغرب، بطريقة اعتبرها الملاحظون والمتتبعون للخطاب الديبلوماسي المغربي، تحولا عميقا في الرد على خصوم المغرب، وأعداء وحدته الترابية. "إن من المفارقة أن يقدم بلد يشكل تهديدا لجيرانه على التحدث عن السلم والأمن"، يقول المسؤول المغربي، فـ"فنزويلا ستكون لها شرعية ذلك حينما تحترم حسن الجوار، الذي يعد مبدأ غير قابل للتصرف للأمم المتحدة".والأكثر من ذلك، يقول لعسل إن السلم والأمن يوجدان في موضع تهديد بسبب "السياسة التوسعية لفنزويلا، وعدم احترام حسن الجوار والصلات مع شبكات التهريب، وكذا الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان".واسترسل المسؤول المغربي في الأمم المتحدة، هجومه قائلا إن فنزويلا باتت تشكل تهديدا حقيقيا بالنسبة إلى أمن جيرانها من خلال محاولاتها امتصاص غيانا، لسبب وحيد أن هذه الدولة، العضو بالأمم المتحدة والجارة لفنزويلا، اكتشفت البترول.وذكر الدبلوماسي المغربي بأن فنزويلا تمول وتسلح الحركات الانفصالية والإرهابية بدولة مجاورة أخرى، وذلك في تجاهل واضح لقواعد حسن الجوار ومبدأ احترام الوحدة الترابية اللذين يعدان من الركائز الأساسية لمبادئ الأمم المتحدة.وقال إن فنزويلا "تضطهد مواطنيها والزعماء السياسيين المعارضين للأولغارشية الحاكمة".ودعا لعسل الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن تكون أكثر دقة في اختيار أعضاء مجلس الأمن، عبر الأخذ بعين الاعتبار مساهمتهم في السلم والأمن الدوليين، كما تنص على ذلك المادة 23 من ميثاق الامم المتحدة. ويرى الأستاذ محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، أن هذ التحول في الخطاب الديبلوماسي هو وليد المرحلة التي نعيشها والتطورات الإيجابية التي سجلها المغرب على الأصعدة الداخلية.وأوضح بنحمو أن الديبلوماسية المغربية اختارت اليوم أسلوب الردع، في مواجهة الخصوم، وهو درجة متقدمة في إدارة الصراع في العلاقات بين الأطرافوأكد في تصريح لـ "الصباح"أن السياسة الخارجية للمغرب باتت ترتكز على محددات داخلية تقوي وضع المغرب في الساحة الدولية، مسجلا أن رد المغرب على فنزويلا نابع من وعي المغرب بعدالة قضيته الوطنية، ومن التحولات التي يعرفها العالم، والمتسمة بالبحث عن سبل إقامة نظام عالمي جديد، لتجاوز حالة المأزق والعجز في مواجهة التحديات التي تواجه المنتظم الدولي.برحو بوزياني