حضر الجميع وغاب “بيجيدي” والسلفيون

مغاربة أوقدوا شموعا واعتبروا أحداث باريس استهدافا للإنسانية جمعاء لم يتأخر مواطنون مغاربة، من فئات اجتماعية ومهنية متعددة، ومعهم ممثلون لتنظيمات سياسية ومدنية، أول أمس (الأحد)، في تلبية نداء ضمير الاستنكار لاستهداف الإرهاب لباريس، عاصمة الأنوار وواجهة العالم المتحضر منذ القرن 12 الميلادي، وحده حزب العدالة والتنمية، والسلفيون الذين راجعوا أفكارهم أخيرا، أخلفوا الموعد وبدا غيابهم بارزا، أمام القنصلية العامة لفرنسا وسط البيضاء.وضع الجميع كافة الاعتبارات السياسية والإيديولوجية جانبا، فأحضروا معهم شموعا وورودا ويافطات صغيرة عليها الشعارات التي اتفق العالم أجمع على رفعها منذ مساء الجمعة الماضي، فوقف مشاهير الفن والسينما، عبر الممثلة أمل عيوش، والتشكيليون من خلال عبد الحي الملاح، رئيس نقابتهم، واختلطوا مع أعضاء من جماعة العدل والإحسان، الذين كانت بجانبهم، ناشطة تلتحف راية قوس قزح الخاصة بالأقليات الجنسية، من مثليين ومتحولين.أعضاء حركة "ضمير" الحداثية، يتقدمهم رئيسها صلاح الوديع الآسفي، الشاعر والسياسي، كانوا بدورهم حاضرين، في لحظة التضامن والتنديد بالإرهاب، التي حضرتها أيضا تشكيلات اليسار المتناقضة في ما بينها، فظهرت حنان رحاب، عن الاتحاد الاشتراكي، وعبد الرحيم تافنوت، عن الاشتراكي الموحد، وأعضاء من حزب البديل الديمقراطي، وكثير من الإعلاميين وأفراد من الجالية الفرنسية المقيمة بالمغرب، وأسر مغربية مرت من الشارع فارتأت التوقف للمشاركة في اللحظة رفقة أطفالها.كان مجموع الحاضرين يقارب 300 شخص، وجاؤوا تلبية لنداء تلقائي، كانت الناشطة المدنية كريمة نادر، أول من أطلقه عبر شبكة التواصل الاجتماعي، وارتأت ألا يكون مقر القنصلية العامة لفرنسا، إلا موقعا مرتبطا بسياق آخر حادث إرهابي، أما التضامن فهو "مع الإنسانية جمعاء"، وكل ضحايا الإرهاب، من بيروت إلى تركيا والعراق ثم باريس، "نحن هنا مع ضحايا الإرهاب في العالم بأسره، لا نفرق بين البشر، والتضامن ليس انتقائيا" تقول كريمة.بعد إنارة الشموع، وتثبيتها في ركن أمام واجهة المقر، والكثير من الورود الحمراء والبيضاء، إشارة إلى الحب والسلم، توقف الحاضرون دقيقة صمت، ترحما على أرواح ضحايا الإرهاب، ثم تبادلوا في ما بينهم التعازي ومتمنيات الشفاء للضحايا، والتقطت لهم صور وأشرطة، جابت العالم عبر الإعلام الدولي وشبكات التواصل الاجتماعي، تتصدرها عناوين وتدوينات، فيها إدانة صريحة من المغاربة للإرهاب أينما حل وارتحل، وتضامن مع ضحاياه، من قلب البيضاء، العاصمة الاقتصادية التي استهدفتها أعمال إجرامية في 16 ماي 2003، مماثلة تخطيطا وتنفيذا للتي شهدتها باريس.وكان التأثر والحزن باديين على فوزية العسولي، رئيسة الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، هي التي ترى في "ما وقع في باريس، قتلا للإنسانية جمعاء"، وتشدد على أن الشباب، يجب أن يكون في قلب أي مقاربة تسعى إلى "وقف الزحف الدموي"، في حين أكدت أمل عيوش، الممثلة السينمائية، أن الحضور أمام القنصلية الفرنسية في البيضاء، هو "تضامن مع جميع الشعوب التي تعيش على وقع الانفجارات التي يقتل فيها ضحايا كثر، وأناس أبرياء ولا علاقة لهم بلغة الدم".وبدا الحاضرون حازمين ضد جدل غريب يجري هذه الأيام، يبرر الإرهاب عندما يستكثر على المغاربة، انتماءهم إلى الإنسانية ويريد منهم الانتقائية في التضامن مع ضحايا الإرهاب، إذ شدد صلاح الوديع، قائلا: "نحن هنا، ليس لأنها باريس، فقط، فمواقفنا دائما تعبر عن مواجهة الإرهاب أينما حل وارتحل ونحن نتضامن مع كل روح سقطت بسبب الإرهاب، ونحن مستعدون للتضامن مع أي شخص كيفما كانت ديانته راح ضحية هؤلاء المجرمين".وتكرر المشهد بالعاصمة الرباط، خلال اليوم ذاته (الأحد)، إذ لبى العشرات نداء الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان، والتأموا في وقفة احتجاجية صامتة بالشموع أمام مبنى البرلمان، يوحدهم شعار: "جميعا ضد كافة أشكال الإرهاب ومن أجل التعايش والتسامح بين الشعوب"، وهي الوقفة التي عبر فيها الحقوقيون المغاربة عن إدانتهم الهجمات التي تعرضت لها العاصمتان بيروت وباريس، وراح ضحيتها المئات بين جرحى وقتلى.امحمد خيي

حضر الجميع وغاب “بيجيدي” والسلفيون

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تحديد هوية خمسة من منفذي الاعتداءات

الاحتجاجات على "أمانديس" مسيسة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات