بسو: فرنسا فقدت المعلومة الترابية

الخبير في الشؤون الأمنية قال إن على الجميع أن يفكر في آليات مناسبة لمكافحة عمليات ليست إرهابا وليست حربا تحدث عبد الحق بسو، الخبير المتخصص في الشؤون الأمنية، مدير الاستعلامات العامة بالمديرية العامة للأمن الوطني سابقا، في حوار مع "الصباح" عن الأحداث الإرهابية لباريس، التي انتهت بحصيلة أولية من القتلى بلغت 129 وجرح آخرين 99 منهم في حالة خطيرة، كما تطرق إلى مختلف جوانب الإعداد وتعدد جنسيات المنفذين، وأيضا عن مدى وجود تقصير أمني من عدمه، سيما أن الضربات الإرهابية ركزت على فرنسا دون غيرها في أوربا.... < العملية إلى حدود الآن حسب ما تسرب من أخبار من تنفيذ مشتبه فيهم من جنسيات أخرى، ألا ترون في تعدد الجنسيات المنفذة وفي اختيار أهداف متعددة ومختلفة مرة واحدة، أن هناك تقصيرا أمنيا أو على الأقل ثغرات أمنية؟< لا أظن أن المصالح الأمنية الفرنسية مقصرة بأي وجه من الأوجه. إذ أنها اتخذت جميع الإجراءات اللازمة استعدادا لمؤتمر القمة حول المناخ، لا أعتقد أن هناك مصالح أمنية يمكنها أن تتجنب مثل هذه الأحداث مهما فعلت ومهما كانت قدراتها. ما يجب الانتباه إليه كذلك هو أنه لم يمر على هذه الأحداث إلا يومان، وهو وقت لا يسمح باستخلاص نتائج، لا في ما يخص الجهة التي نفذت العمليات، أو التي تقف وراءها ولا حتى إن كان هناك تقصير من قبل جهة ما.< علم أيضا أن منفذي الهجومات الانتحارية الإرهابية استعملوا متفجرات وأسلحة نارية، بمعنى أنهم كانوا يعدون منذ مدة وأنهم تحصلوا على المواد المتفجرة وخططوا بكل سهولة ، كيف تفسرون هذه المعطيات؟< من ناحية الإعداد للعملية وكل الإجراءات اللوجستيكية التي ساعدت عليها، فالمعلومات المتوفرة تميل إلى أنها تمت خارج فرنسا. فالسيارة من نوع "بولو السوداء" تم اكتراؤها من قبل شخص يقطن ببلجيكا، وقد تمت مراقبته بالحدود البلجيكية الفرنسية على متن سيارة أخرى رفقة شخصين آخرين، ربما كانا ضمن المعتدين. ومن جهة أخرى فالجواز السوري الذي عثر عليه قرب إحدى الجثث، قد تمت مراقبة صاحبه باليونان يوم 3 أ كتوبر الماضي، حسب ما أدلت به السلطات اليونانية. هذه المعلومات قد تدل على أن المراحل الإعدادية، قد تمت خارج فرنسا وأن جزءا من المعتدين لم يدخلوا إلى فرنسا إلا في آخر لحظة، وهذا ما حال ربما دون إثارة انتباه المصالح الأمنية الفرنسية.< كيف نجح الانتحاريون في تنفيذ ضرباتهم؟< منطقي أن نتساءل كيف ينجح الإرهابيون في التسلل، رغم كل الإجراءات الصارمة التي تتخذها الدول من يقظة أمنية وتنسيق بين الدول وتعزيز للحضور الأمني، وأظن أن الدول في العالم أجمعه وحتى بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر، ما زالت تحاول محاربة الإرهاب في حلته الجديدة بالآليات القديمة. إرهاب القرن الواحد والعشرين لا يشبه إرهاب القرن العشرين. فتنظيم الدولة أو تنظيم القاعدة لا يمكن مقارنتهما بالألوية الحمراء الإيطالية أو بادرماين هوف الألمانية، وبالتالي فلا يمكن للآليات التي حوربت بها الخلايا القديمة أن تكون ناجعة ضد الإرهاب الجديد. يجب على الجميع أن يفكر في آليات مناسبة لمكافحة الإرهاب الجديد أي مكافحة عمليات ليست إرهابا وليست حربا بل هي نوع هجين وخليط بين الاثنين. هؤلاء الإرهابيون الجدد يعلمون نقط الضعف ويتسربون منها.< هل لكم أن تتحدثوا لنا عن التنسيق بين الإرهابيين، خصوصا أن العملية تم تبنيها من قبل "داعش"؟< أن تتبنى "داعش" العملية، فهذا لا يعني شيئا. فالجميع كان ينتظر أن تعلن "داعش" مسؤوليتها عن هذه العمليات، حتى وإن لم تكن هي التي قامت بها، لأنها تستفيد في إطار حملة دعائية إشهارية تمكنها من الاستقطاب .الأهم أن الطريقة التي تم بها تنسيق العملية تدل على مدى خطورة ما وصل إليه هذا التنظيم الإرهابي من القدرة على الامتداد وعلى استعمال خلاياه النائمة. ويظهر أن التنظيم اليوم لم يعد يعتمد على خلايا نائمة فقط، بل على شبكات إرهابية تمتد من دولة إلى أخرى وتستطيع تجاوز الحدود بسهولة.< الحادث يأتي بعد أشهر قليلة من الحادث الإرهابي الذي استهدف مقر مجلة "شارلي"، وحينها رفعت درجة اليقظة ووضعت في الحسابات الأمنية خطط لاستهداف الخلايا الإرهابية النائمة في كل أوربا وهو ما تكلل بالنجاح في تفكيك شبكات سيما ببلجيكا وهولندا، كانت قاب قوسين أو أدنى من تنفيذ هجومات إرهابية. كيف تقرؤون هذا التصعيد الإرهابي؟< بالنسبة إلى ما تعرفه فرنسا من أحداث منذ مطلع السنة يدفع إلى التساؤل لماذا فرنسا وليس غيرها؟ أظن شخصيا أنه كان على فرنسا سنة 2008 أن تطور الاستعلامات العامة، وليس أن تفككها. فرنسا فقدت المعلومة الترابية لصالح المعلومة الإستراتيجية. كانت مصالح الاستعلامات الفرنسية ربما تحتاج إلى إعادة تأهيل أو إعادة نظر، وليس التفكيك. وهذه ربما الثغرة التي تعانيها فرنسا اليوم.أجرى الحوار: المصطفى صفر في سطور - مدير الاستعلامات العامة بمديرية الأمن الوطني سابقا- باحث متخصص في الشؤون الأمنية - حاصل على ماستر في القانون الدولي والعلاقات الدولية

بسو: فرنسا فقدت المعلومة الترابية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صحف فرنسا... "حان وقت الرد"

هجمات باريس تعمق الأزمة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات