مكاوي: الجارة الشرقية تصدر الحرب الأهلية

قال إن حكامها يتحركون لتجنب الانفجار الاجتماعي وتفكك أركان الدولة على حساب المغرب أوضح عبد الرحمان مكاوي، الخبير في الدراسات العسكرية والاستراتجية أن الجزائر تهرب الحرب الأهلية إلى الحدود المغربية، وأن حكامها يتحركون لتجنب الانفجار الاجتماعي وتفكك أركان الدولة على حساب المغرب. وسجل أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الحسن الثاني بالبيضاء أن الجنرالات عادوا، في السنوات القليلة الأخيرة، إلى استعمل خطة الخطر الآتي من المغرب، خاصة منذ أن غاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن المشهد السياسي. أجرى الحوار: ياسين قطيب ما هو تفسيركم للهجوم الجزائري المكثف على الوحدة الترابية للمغرب، ولماذا اختارت الجارة الشرقية هذا التوقيت بالذات؟ هناك عقيدة ثابتة عند النظام الجزائري سواء بين جنرالات الجيش الوطني الشعبي أو في كواليس المخابرات مفادها أنه كلما مر من منعرج خطير يهدد كيان الدولة وينذر بنسف تلاحم النسيج الاجتماعي وجب البحث عن عدو خارجي، وهي الصفة التي ألصقت بالمغاربة تارة وبفرنسا تارة أخرى، وذلك بحثا من النظام على ترميم اللحمة الداخلية وتمرير خطابات هدفها تجنب الانفجار الاجتماعي وتفكك أركان الدولة، وهو ما وقع سنة 1963 عندما كان النظام مهددا بانقلاب الفيلث الثالث للجيش ، إذ لجأ الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة إلى افتعال سيناريو حرب الرمال ضد المغرب تحت شعار "المروك حكرونا".وفي كل مرة كان حكام الجزائر يعيدون إنتاج النظام من خلال تجاوز التوتر الاجتماعي والسياسي بالهروب إلى الحدود، بذريعة وجود تهديد خارجي، وسيحافظون، مضطرين على هذه العادة، على اعتبار أن الدولة الجارة تحكم مجموعة من الشعوب والإثنيات والمناطق، لذلك فإن النظام لا يتردد في الهروب إلى الأمام دائما من خلال إعطاء الانطباع بأن هناك عدوا خارجيا يريد إسقاط الدولة، لجلب تعاطف الدول الحليفة، وتأجيل التوترات الداخلية والبحث عن لحمة وطنية مؤقتة لا تلبث أن تتصدع أمام أول رجة اجتماعية.تعددت المرات التي استعملت فيها الجزائر هذه الحيلة وكانت الجبهة المغربية أول تطبيق لها، بعد أن انجرت بلادنا إلى الصراع المسلح، قبل أن يفطن الملك الراحل الحسن الثاني إلى الفخ ويأمر الجيش المغربي بوقف إطلاق النار وإفشال خطة الجزائريين. هل يعني ذلك أننا أمام شبح نسخة جديدة من حرب الرمال؟ بدأ النظام الجزائري، في السنوات القليلة الأخيرة، يستعمل هذه الخطة التي يتقنها جيدا، خاصة منذ أن غاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن المشهد السياسي، ووصلت تداعيات الفراغ الناتج عن تدهور حالته الصحية إلى حد مطالبة بعض الفعاليات السياسية بإجراء مقابلة معه للتأكد من قدرته على إدارة شؤون البلاد، إذ سلم وفد من 19 شخصية ، بحر الأسبوع الماضي، رسالة إلى مدير ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، لطلب مقابلة بوتفليقة للتباحث معه في موضوع "تدهور الوضع العام في البلاد".كما أن الجيش الوطني الشعبي يعيش في الأشهر الأخيرة على إيقاع تململ يندر بتداعيات خطيرة، خاصة بعد إقالة بعض الضباط وإرسال البعض الآخر إلى السجن، وهي مؤشرات تجمع في الدلالة على أن هناك انسدادا في الأفق السياسي بالجزائر وفشل نظامها في امتحان الانتقال السلس من مرحلة إلى أخرى، إذ يمكن القول بأن الوضع الحالي شبيه إلى حد كبير بما كانت عليه الجارة الشرقية سنة 1963. كيف تقرؤون الرد الجزائري على خطاب العيون؟ رد رمطان لعمامرة وزير الخارجية الجزائري، على الخطاب الملكي بأنه يدفع "نحو الأسوأ"، وأنه يدخل في إطار "دبلوماسية "، وفي ذلك مساس بالسيادة وبالمؤسسات، على اعتبار أن الوزير استعمل ألفاظا غير ودية، وفتح الباب أمام المنابر الإعلامية والمواقع الإلكترونية الناطقة باسم المؤسسة العسكرية، التي ذهبت حد المطالبة بقطع العلاقات الدبلوماسية وطرد السفير المغربي، بالإضافة إلى العديد من التحرشات الإعلامية.والأكيد أن هذا التهافت على مهاجمة الوحدة الترابية للمملكة يخفى محاولات يائسة لإخفاء الوضع الداخلي المقلق في الجزائر، خاصة أن الرأي العام الجزائري لم يعد يهتم كثيرا بالعلاقات الخارجية، وأصبح يعطي الأولوية للدفاع عن الحق في الديمقراطية ويطالب بالمزيد من الانفتاح السياسي والرفاه الاجتماعي، إذ لا يستبعد المتتبعون انفجار الوضع في أي لحظة والدخول في متاهات الحرب الأهلية، تماما كما يقع في سوريا أو ليبيا أو اليمن، لذلك يحاول النظام الجزائري تهريب شبح الحرب الأهلية نحو الحدود سواء في الشرق مع تونس أوفي الغرب مع المغرب أو جنوبا على الحدود مع مالي تحت ذريعة محاربة المجموعات الإرهابية. وبالمقابل لا ينبغي أن نغفل وجود أصوات جزائرية حكيمة، سواء في أحزاب اليسار أو بين الإسلاميين، تطالب بالكف عن استعمال أسطوانة "العدو المغربي" من أجل تمرير خلافة الرئيس بوتفيلقة وضمان سطوة الجنرالات على النظام السياسي. لا فرق بين الصحراء والقبائل هل تعتقدون أن طرح المغرب مسألة الحكم الذاتي في منظقة القبايل سيفتح التوتر المزمن بين البلدين على جميع الاحتمالات؟ هناك خلط بين القبايلية كثقافة ولغة وبين منطقة القبايل كفضاء جغرافي، التي يدافع المغرب عن حق أبنائها في تقرير مصير، على اعتبار أنها تعرف توترا اجتماعيا منذ الربيع الأمازيغي لسنة 1981، الذي اجتثه الجنرالات بالحديد والنار خوفا من انتشار العدوى في باقي الجهات لأنهم يدركون أن الجزائر ليست دولة أمة، ويتشكل سكانها من شعوب وقبائل وإتنيات مختلفة، هو ما يؤكده تعدد بؤر التوتر الاجتماعي في الجنوب، كما كان الحال، ومايزال، في تمنراست وغرداية وورغلة، التي تعيش شبه عصيان مدني تتخلله أصوات تطالب بالحكم الذاتي للطوارق.والمغرب عندما قرر دعم مطالب القبايل إنما أراد بعث رسالة إلى حكام قصر المرادية مفادها، أنه لا فرق بين الصحراء والقبائل، وأن جميع السكان سواسية في الحقوق ولكل الجهات أن تتمتع بالحكم الذاتي أو حتى تقرير المصير.

مكاوي: الجارة الشرقية تصدر الحرب الأهلية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رفع السرية عن صناديق المالية

أربع طرق تؤدي إلى "السيادة"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات