نساء مجلس المدينة بالبيضاء…أصوات أنثوية داخل ضجيج ذكوري

جمعية مستشارات المجلس تكتل نسائي لخدمة البيضاويات في بداية ولوجهن إلى مجلس المدينة، كان وجود 35 مستشارة أشبه بحركة لتأثيث المشهد السياسي داخل المجلس ومحاولة لإسكات الأصوات المنادية بتأنيث المجالس المنتخبة، عوض أن تسيطر عليها الوجوه الذكورية وحدها. ومع مرور الايام كان بالفعل هذا الوجود النسائي أشبه بعدمه، لأن الرجال لم يستسيغوا ولا تعودوا بعد على هذا الصوت الأنثوي وهو يسائل ويحاجج ويطالب، فكان بعضهم لا يتردد في السخرية من كل مستشارة تناولت الكلمة أو اعترضت أو وضعت عصا المصلحة العامة في عجلة المصلحة الخاصة، وهنا انتبهت المستشارات إلى حركات الهمس التي تدور داخل المجلس قبل أن يقررن خوض معركة الوجود أولا، ليقتنع الجميع أن لا مفر من تقبل هذا التغيير حتى لو كان صادما لذوي العقليات الذكورية.في المرحلة الثانية جاء دور الاحتكار، إذ حاول بعض الأعضاء أن يمارسوا الوصاية على النساء، وضعوا العراقيل أمامهن كي لا يصلن إلى مراكز القرار داخل المجلس، ووحدها فاطمة الاثنين حظيت بالفرصة، فيما همشت باقي الطاقات النسائية عن سبق إصرار وترصد. أما المرحلة الثالثة فقادتها الحركية مريم ولهان، وذلك بتأسيس جمعية للمستشارات الجماعيات بمجلس الدار البيضاء، وهنا كانت الضربة موجعة لأصحاب العقليات سيئة الذكر. إذ بدأت الجمعية تتحرك وتنشط هنا وهناك وتأتي بمقترحات وتبادر لتظهر أن وجود النساء داخل المجلس لم يأت لإخراس الجمعيات النسائية، بل لتدلي المرأة إلى جانب الرجل بدلوها في مصير وشؤون مدينتها. وإن كانت مريم ولهان، رئيسة جمعية المستشارات الجماعيات بمجلس الدار البيضاء، ومستشارة جماعية، وعضو المجلس الوطني للحركة الشعبية، وأيضا، رئيسة لجنة الإبداع والتنشيط الثقافي للنساء الحركيات، لا تتفق البتة مع الرأي القائل إن نساء المجلس مجبرات على فرض أنفسهن، فتقول "لسنا بحاجة إلى فرض أنفسنا، لأن هذا يعني التعميم، فصوتنا أساسي ومسموع، وإن بالفعل واجهنا صعوبات في البداية، إلا أننا الآن نمارس مهمتنا مثلنا مثل باقي الأعضاء".وتضيف مريم "التمثيلية بالنسة إلي لا تقاس بالعدد، بل بالنوع، وهنا أتحدث انطلاقا من تجربة، فمن خلال وجودي في مجلس المدينة، اقتنعت أن مطلب تكثيف وجود النساء داخل المجالس يجب أن يرفق بشرط وهو النوع، أي يجب أن تكون التمثيلية نوعية، بمعنى أنه لا يجب أن نعول فقط على الرقم، فقد نحصل عليه ويصبح دورنا شكليا وصوريا داخل المجلس، لذلك نطالب كسياسيات بتمثيلية نوعية، والخطاب السامي أكد هذه النقطة، وذلك بفرض النساء في مراكز القرار". وعن سؤال حول ضعف تمثيلية النساء في مراكز القرار داخل مجلس المدينة قالت مريم ولهان، "للأسف من بين 35 امرأة لم تمثل البيضاويات إلا بواحدة، والأخرى أقصيت، وكما قلت سابقا، في البداية كانت هناك صعوبات وكان هناك احتكار دوني، لذلك ركزت على مطلب النوع، فمن موقعي وتجربتي وتقربي من النساء والرجال ونضالي داخل المجلس، أؤكد أن التحاق النساء بمراكز القرار يجب أن يفرض ب"كوطا" داخل المجالس".عدا جمعية المستشارات مجلس مدينة الدار البيضاء، لا تتكتل نساء المجلس في أي إطار آخر من أجل الدفاع عن مصالح البيضاويات، بل تشتغل كل واحدة عبر آلية الفريق، وهو ما تشرحه ولهان، "الملفات المطروحة الآن في مجلس المدينة لا تحتاج تكتلا نسائيا، بل تكتل جميع الأحزاب بشكل قوي، فالتغيير والإصلاح يتطلب منا التخلص من مظاهر الاستهتار واللامبالاة، فالمجلس الآن مقبل على عهد جديد والرئيس يجب أن يكون في مستوى هذا العهد، ومن موقعي كرئيسة الجمعية، أطالبه بتلبية مطالب الأحزاب، بل إنه ملزم بذلك. أما عن سؤال تكتلنا النسائي، فعدا عملنا في الجمعية، فإن كل واحدة منا تظل ملزمة بالالتزام بقرارات الفريق".ماذا حققت مستشارات مجلس المدينة للبيضاويات؟ سؤال يجعل مريم ولهان تحرك رأسها يمينا ويسارا قبل أن تقول "مازال أمامنا الكثير ليتحقق، مازال أمامنا عمل وحاجة إلى الثقة في بعضنا، وأمامنا طريق طويل، لأننا وجدنا أنفسنا في البداية منشغلات بإزالة العقبات التي وضعت في طريقنا، وحان الآن الوقت لتحقيق بعض المطالب". ولتعلق مريم عن الوجود الإعلامي للأعضاء الذكور في مختلف وسائل الإعلام دون النساء، تقول مبتسمة، "آش غادي نديرو بالغوت؟" وتضيف بحزم "الصوت النسائي في المجلس هو القوي، فميزة المرأة أنها لا تفرض آراءها بالصراخ، بل تتميز بحكمة، لذلك يمكنني القول إن المرأة داخل المجلس هي المحرك الأساسي، وليست في حاجة إلى رفع الصوت أو التقاط الصور أو ضرب الملفات بالطاولات، بل بالإقناع".وعن لقاء عقدته جمعية مستشارات مجلس مدينة الدار البيضاء لخلق تواصل أفضل داخل هذه المؤسسة، وهي مبادرة تحسب للجمعية، قالت مريم "أدركنا منذ مدة أن هناك مشكلا كبيرا في التواصل داخل المجلس، لذلك بادرت الجمعية إلى عقد لقاء بمناسبة 8 مارس، تحت شعار "التواصل والتعبئة الجماعية في خدمة التنمية البشرية" والذي احتضنته غرفة الصناعة والتجارة بالبيضاء، حضرته أطر وموظفات مجلس المدينة ومستشاراته، وناقشنا مجموعة من المشاكل لخرجنا بتوصيات على أمل أن تحقق لنا تواصلا جيدا بين المستشارين ورؤساء المصالح". وزادت مريم أن اللقاء خرج بعدة توصيات هدفها تحقيق سياسة القرب من المواطنين، "بدون التواصل لن نحقق شيئا، لذلك اجتمعت المستشارات والموظفات وشرحن الوضعية، قبل أن يخرجن بتوصيات نتمنى أن نجد الآليات والإمكانيات لتطبيقها". وليس اللقاء هو النشاط الأول الذي تنظمه الجمعية ذاتها، بل سبق أن نظمت عدة أنشطة من قبيل تنظيم دورة تكوينية لمستشارات جهة الدار البيضاء الكبرى بشراكة مع اتحاد العمل النسائي، كما أشرفت في رمضان الماضي على مسابقة نسائية في ترتيل وتجويد القرآن الكريم، بشراكة مع مندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأنشطة اجتماعية وثقافية سياسية أخرى، أهمها تنظيم قافلة الوحدة إلى المناطق الصحراوية لمساندة النساء المحتجزات في تندوف، كما "التحقنا بمدينة التحدي بوجدور وكان لهذه القافلة صدى طيب، كما نظمنا ندوة حول الجهوية الموسعة، ونعتزم أيضا تنظيم ندوة لها علاقة مع النقاش الدائر حول الخطاب الملكي، خاصة أن جلالة الملك ألح على ضرورة تعزيز مشاركة المرأة في تدبير الشأن الجهوي خاصة والسياسي عامة، وذلك بالتنصيص القانوني وتسيير ولوجها إلى المجالس المنتخبة، وستأتي ندوتنا لتفسر هذه النقطة ولنعبر عن وجهة نظرنا في تغيير الدستور". ضحى زين الدين

نساء مجلس المدينة بالبيضاء…أصوات أنثوية داخل ضجيج ذكوري

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مضيفو "أطلس بلو" يعتصمون بمراكش

"سـمـالا بـي بـي" يـجـول عـددا مـن المـدن

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات