التطور بالصحراء يفوق المعدلات الوطنية

الحليمي كشف أن أرقام التنمية البشرية في تصاعد وارتفاع مضطرد لنفقات الاستهلاك يقابله انخفاض في معدلات الفقر كشف أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، معالم التطور الاجتماعي الذي عرفته الأقاليم الصحراوية، وملامح نموها الاقتصادي. واختار الحليمي رصد هذه التطورات على مدار أربعين سنة التي تلت تنظيم المسيرة الخضراء، ومكنت من تحرير جزء من التراب الوطني. وذكرت مذكرة المندوبية بظروف عيش سكان الصحراء في تلك الآونة، حيث كان النمط التقليدي سائدا في العلاقات الاجتماعية وكان الاقتصاد خاضعا لنظام الترحال، وعلاقات اجتماعية تحكمها قيم أبوية، فيما عانى السكان ظروف عيش تتسم بغياب شبه كلي للبنيات الاجتماعية الأساسية وبمستوى تنمية بشرية دون ما تعرفه البلدان الأقل تقدما، وفق معايير الأمم المتحدة. لكن استرجاع هذه الجهات لاستقلالها "شكل عاملا محفزا لاندماجها بصورة سريعة في الفضاء الوطني، بشقيه الاقتصادي والاجتماعي، علاوة على الجانب السياسي، فيما ساعدت مشاركة سكانها في الحياة الديمقراطية، على مستوى كافة الوحدات الترابية، واتساع دائرة مبادلاتها التجارية للمحيطين الوطني والدولي، في دعم دينامية هذا الاندماج"، يوضح الحليمي الذي أردف أن كل هذه العوامل مكنت الأقاليم الجنوبية من اللحاق، سريعا بمستوى النمو الاقتصادي الوطني وجودة عيش السكان المسجلة في أهم جهات المملكة، "الذي يتجلى في الارتفاع المضطرد لنفقات الاستهلاك وانخفاض الفقر وتقلص الفوارق الاجتماعية، وما عرفته هذه الأقاليم من تقدم على مستوى التنمية البشرية". إنجاز: هجر المغلي رغم أن التحول الديمغرافي لجهات الأقاليم الجنوبية، يندرج ضمن الاتجاهات ذاتها المسجلة على الصعيد الوطني، إلا أنه يتميز عن بقية ربوع المملكة، ببصمات، كشفت مندوبية الحليمي أنها، تعود من جهة إلى قوة إيقاع تمدن بلغ 70 في المائة سنة 2004 و77,3 في المائة العام الماضي، ومن جهة أخرى إلى الوتيرة المتسارعة للنمو الاقتصادي، وتحسن شروط عيش السكان.معطيات تبرز، حسب مذكرة المندوبية أن السلوكات الديموغرافية في هذه الجهات تقترب مما تعرفه الجهات الأكثر تمدنا بالمغرب، دون أن يكون من شأن حداثة التمدن التعتيم على الآثار الثقافية للديموغرافية السابقة بهذه الجهات. اقتصاد جهوي صاعد على المستوى الاقتصادي، أبرزت وثيقة المندوبية السامية للتخطيط أن بنيات المصادر القطاعية لإحداث الثروة تقترب هي الأخرى، من تلك التي يعرفها الاقتصاد الوطني، مع حضور قوي للصيد البحري في القطاع الأولي، وزيادة سريعة لوزن القطاع الثانوي الذي انتقلت حصته من 15 % إلى 22 % بين 2004 و2013. وفي هذا الإطار، يسجل الناتج الداخلي الإجمالي بهذه الجهات نموا سنويا متوسطا معدله 8.9 %، متجاوزا بذلك النمو المسجل على الصعيد الوطني الذي يصل إلى 6.1 %.ورافق هذا الصعود الاقتصادي بالجهات الجنوبية تحسن متميز لتطور ظروف معيشة السكان وتراكم رأس المال البشري، مسجلا في هذين المجالين أداء فاق المعدل الوطني. ولوج واسع للخدمات الاجتماعية انتقلت نسبة الأسر بالوسط الحضري التي تقيم في مساكن من نوع فيلا أو شقـــة فـــي عمـــارة أو منـــزل مغـــربي حديث، من 77.2 % سنة 2004 إلــى 92 % العام المـــــــاضي، فيمـا تقيــــم 53,8 % من الأسر بمساكن لا يتعدى عمرها 20 سنة، وتبلغ نسبة الأسر التي تقيم بمساكن يتراوح عمرها ما بين 20 و50 سنة 40,1 %. وزادت المندوبية أن تسعا من بين كل عشــر أســر تقطن بمساكـــن مرتبطة بشبكة عمــــومية لتــــوزيع الكهرباء و93,7 % من الأسر تتوفر على الماء الصالح للشرب، فيما تلجأ 92,5 % من الأسر لخدمات المصالح الجماعية للتخلص من النفايات المنزلية و73,3 % منهــــا إلـــى شبكــــة الصرف الصحي و15 % للحفر الصحية للتخلص من المياه العادمة.وسجل تعميم التعليم بالأقاليم الجنوبية بدوره مؤشرات إيجابية فاقت المعدلات المسجلة وطنيا، إذ انتقل المعدل العام للتمدرس لدى الفئة العمرية 6-22 سنة من 67,4 % سنة 2004 إلى 81,8 % العام الماضي، في حين تطور هذا المعدل، على المستوى الوطني وخلال الفترة ذاتها، من 56,1 % إلى 74,9 %. ونبهت المندوبية إلى أن معدل التمدرس بهذه الجهات أعلى بكثير من نظيره بجهة الدار البيضاء سطات، الذي يبلغ 79,3 %، وذلك المسجل في جهة الرباط سلا القنيطرة (78,8 %)، علما أن الجهتين معا تعدان الأكثر تطورا في هذا المجال. بطالة شبه مزمنة خلصت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتها حول النمو الاقتصادي والتنمية البشرية بالجهات الجنوبية إلى معطيات "مقلقة" بخصوص البطالة، اعتبرتها من أبرز التحديات المطروحة على هذه الجهات التي قالت إنها تعاني "بطالــة شبه مزمنـــة، بلـــغ معــــدلها، بين 2004 و2014، حوالي 24 %، تعانيها، بشكل خاص، كما على الصعيد الوطني، فئة الشباب وحاملو الشهادات"، مبرزة أن هذا الواقع، سيكون، من بين القضايا التي ستواجهها المؤسسات الجهوية المنتخبة في إطار الجهوية المتقدمة، خصوصا أن هذه الجهات، تشهد مستويات متميزة من حيث تحسن مستوى حياة سكانها والقضاء شبه التام على الفقر وتقليص ملموس للتفاوتات الاجتماعية.ويقابل معدلات البطالة المرتفعة بهذه الجهة رأسمال بشري مهم، شددت مندوبية الحليمي على أن من شأنه إضفاء ديناميكية خاصة على تطور هذه الجهات، "ما سيجعلها على رأس الجهات الأكثر تقدما في المملكة من حيث النمو الاقتصادي والتنمية البشرية". وبلغة الأرقام، واستنادا إلى المقاربة المعتمدة دوليا والقائمة على ثلاثة مؤشرات لقياس رأس المال البشري، بلغ المؤشر الأول الذي يقيس متوسط عدد سنوات التعليم لدى السكان الذين تبلغ أعمارهم 25 سنة أو أكثر 4,6 سنوات، العام الماضي، متفوقا بذلك على المعدل الوطني البالغ 4,4 سنوات. ويعبر المؤشر الثاني عن نسبة الأشخاص، لدى الفئة العمرية سالفة الذكر، الذين يعادل أو يفوق مستواهم التعليمي سلك الثانوي الإعدادي، التي ارتفعت بدورها في هذه الجهات، إذ وصلت إلى 33,3 % السنة الماضية، مقابل 30,4 % على الصعيد الوطني. وفيما يخص المؤشر الثالث الذي يخص أمل الحياة المدرسية، أي متوسط عدد سنوات الدراسة التي يأمل شخص متمدرس قضاءها في نظام التعليم والتكوين، فهو الآخر تجاوز المعدل الوطني (12 سنة)، وبلغ 13,5 السنة الماضية، متجاوزا بذلك أيضا المعدل المسجل بجهة الدار البيضاء سطات وجهة الرباط سلا القنيطرة". ارتفاع نفقات الأسر وتراجع معدلات الفقر تشير معطيات مندوبية الحليمي إلى تحسن واضح في مستوى المعيشة بالأقاليم الجنوبية، يوازيه تقلص الفوارق الاجتماعية فيها، ذلك أن نفقات الاستهلاك النهائي لكل فرد ارتفعت بـ %6 بهذه الجهات ما بين 2004 و2013، مقابل %5,6 على الصعيد الوطني، خلال الفترة ذاتها، لتقترب بذلك من مستوى التفاوتات المسجلة بجهتي الدار البيضاء سطات والرباط سلا القنيطرة.وفي السياق ذاته، تراجع معدل الفقر النقدي، الذي كانت نسبته تصل بهذه الجهات إلى %29,4 سنة 1984، مسجلة بذلك أعلى مستوى بالمملكة، إلى مستويات قياسية، ويستقر في 3,5 % سنة 2011 مقابل 6,2 % المسجلة على المستوى الوطني. هذا التراجع، تضيف وثيقة المندوبية سجل أيضا في معدلات الفقر المتعدد الأبعاد، الذي يشمل مختلف أبعاد التقدم الاجتماعي ومعيشة وظروف سكن الأسر والتمدرس والصحة، إذ تراجع من %18,4 سنة 2001 إلى % 4,3 العام الماضي، مقابل %27 و%8,1، على التوالي، على الصعيد الوطني.وتزامن هذا الانخفاض في مستويات الفقر مع تراجع مستوى الفوارق الاجتماعية، الذي تقلص، بين 2001 و2014، بنسبة 10,5 % مقابل 4,7 % على المستوى الوطني، ليتقدم بذلك مؤشر التنمية البشرية، بنسبة %11,6، بين 2004 و2014، ويصل إلى 0,643، ويكون بذلك قد تجاوز المستوى الذي حققه هذا المؤشر على الصعيد الوطني البالغ 0,612، ومقتربا من معدلات جهتي الدار البيضاء سطات والرباط سلا القنيطرة، في هذا المجال، اللتين تقدمتا بنسب تصل، على التوالي، إلى 8,4 % و9 %. التضامن الوطني ربطت مذكرة المندوبية السامية للتخطيط بين الأداء "المتميز" لهذه الجهات في ميدان النمو والتنمية البشرية، وبين مستوى التضامن الوطني، إذ أكدت على الدور الرئيسي الذي لعبه لتحقيق التصاعد الاقتصادي والاجتماعي وفي ظرف وجيز نسبيا لهذه الجهات.ونبهت إلى أن "هذا المجهود الاستثنائي"، تحمل عبئه الشعب المغربي بكامله لصالح تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية البشرية بهذه الجهات، وذلك في إطار ما تم توظيفه من استثمارات عمومية ضخمة في البنيات الاقتصادية الأساسية والقطاعات الاجتماعية أو ما تم تحمله من نفقات ضريبية لفائدة الفاعلين الاقتصاديين في قطاعات الفلاحة والصيد البحري والسياحة والإدارة. وتظهر نتائج وأدوار البعد الاقتصادي للتضامن الوطني الذي حظيت به هذه الجهات، تضيف المندوبية، من خلال مقارنة ما يستخلص من ضرائب وجبايات بالنسبة إلى الناتج الإجمالي على الصعيد الوطني، وما يستخلص منها بالنسبة إلى الناتج الإجمالي لهذه الجهات. فعلى الصعيد الوطني وصلت هذه النسبة، سنة 2013 إلى 21,8 %، فيما لم تتعد 1,1 % بهذه الجهات. 83 % متفائلون كشفت النتائج التي خلص إليها البحث التكميلي الذي تم إنجازه موازاة مع الإحصاء العام للسكان والسكنى لشتنبر 2014 حول تصورات السكان بخصوص أبعاد العيش الكريم والتماسك الاجتماعي بالجهات الجنوبية، أن حوالي 83 % من الأشخاص المتراوحة أعمارهم ما بين 20 و 59 سنة صرحوا أن معنوياتهم عالية وأنهم متفائلون بشأن المستقبل، علما أن هذه النسبة لا تتجاوز 80 % على الصعيد الوطني، وأنها تصـــل إلى 85 % لدى السكان النشيطين و87 % لدى السكان غير النشيطين و66 % لدى فئة العاطلين عن العمل. واستنادا إلى بحث المندوبية، فإن حوالي 72 % من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و 59 سنة عبروا عن شعورهم بتحسن ظروف عيشهم مقابل 68 % على الصعيد الوطني. ويتقاسم هذا التصـور 90 % من "المشغلين والأطر العليا والمسؤولين التسلسليين"، و65 % من "العمال غير المؤهلين" و54 % من العاطلين عن العمل. علاوة على ذلك، فإن 61 % من الأشخاص المنتمين للفئة العمرية ذاتها يعتبرون أن السياسات العمومية ساهمت في تحسين ظروف معيشتهم مقابل 59 % على الصعيد الوطني. وتبلغ هذه النسبة 75 % لدى "المشغلين والأطر العليا والمسؤولين التسلسليين" و56 % لدى "العمال" و43 % في صفوف العاطلين عن العمل.من جهة أخرى، يعتبر 71 % من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و59 سنة أن مختلف مكونات المجتمع المغربي العرقية والدينية والسياسية والاجتماعية، تعيش في تناغم تام ولا تشوب علاقاتها توترات. وتمثل هذه النسبة 66 % على الصعيد الوطني.وأبدى 68 % من الفئة العمرية رغبتهم في إحداث مقاولة أو مشروع خاص بهم. وهي رغبة تهم بصفة خاصة 92 % من "التجار والوسطاء الماليين" و88 % من "العمال والحرفيين" و63 % من "المشغلين والأطر العليا والمسؤولين التسلسليين".

التطور بالصحراء يفوق المعدلات الوطنية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التأديبات ضمن أشغال المجلس الأعلى

البرلمانيون يتضامنون مع المتهربين من الضرائب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات