فاس… مسرح الجريمة

عدم الرضى الشعبي استوجب مراجعة طرق الاشتغال التقليدية وتنقية الجهاز إنجاز: حميد الأبيض(فاس) – تصوير: أحمد العلوي المراني اعتداء شنيع على سياح ألمان اعتدى متهمان كانا في حالة هستيرية بسبب تناول "القرقوبي"، مساء الجمعة الماضية، على 3 سياح ألمان بينهم امرأة، أثناء تجوالهم بالطالعة الكبيرة بالمدينة العتيقة لفاس، لأسباب مجهولة وغامضة، قبل إيقافهما من قبل تجار وأبناء الحي الذين سلموهما إلى المصالح الأمنية التي فتحت تحقيقا معهم على خلفية هذا الحادث.وأصيبت الضحايا بجروح متفاوتة الخطورة في الرأس والصدر والأرجل والأيدي، بعدما هاجمهم المشتبه فيهما المسلحين بسكينين من حجمين مختلفين، دون سبب وبطريقة لم يتوقعها أحد من التجار المرابضين بمحلاتهم التجارية، الذين ذهلوا لبشاعة ما عاينوه قبل تدخلهم لإنقاذ حياة الضحايا.وذكرت مصادر «الصباح» أن السياح الذين حلوا بفاس في إطار زيارة سياحية لاكتشاف معالمها التاريخية، كانوا يسيرون في عقبة صغيرة، موازاة مع مرور الشابين اللذين كانا في حالة غير طبيعية، من الاتجاه المعاكس، قبل أن يعتديا عليهم بشكل مفاجئ ومسترسل لم يترك لهم فرصة الدفاع عن أنفسهم. وأشارت إلى أن الجانحين تكفلا بكل واحد من السائحين ووجها إليهما ضربات متتالية، مؤكدة إصابة أحدهما في رأسه وصدره وإصابة الثاني في رجله ووجهه، فيما فرت الثالثة دون أن تسلم بعد إصابتها في يدها، مؤكدة أنه لولا تدخل بعض الشباب، لوقعت كارثة إنسانية. وأبان الموجودون بالموقع من شباب الحي، عن تضامن كبير مع السياح المعتدى عليهم، بعدما قدموا إليهما كل المساعدات لحقن دمائهم قبل حضور الوقاية المدنية ونقلها إلى المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بالمدينـــة، لإخضاعهم إلى العلاج الضروري. وغامر تجار وشباب الحي بحياتهم في سبيل إنقاذ السياح الثلاثة والحيلولة دون قتلهم، سيما بعد تدخلهم لإيقاف الجانحين اللذين «لا تظهر عليهما أي علامات انتماء ديني أو تطرف» و«بديا في حالة هستيرية»، مرجحة احتمال اعتدائهما عليهم بدافع السرقة. تحتاج فاس إلى خطة أمنية كفيلة بإعادة ثقة سكانها في الجهاز وإحساسهم بالأمن والأمان، عوض ما التصق بها من حوادث وصور مقززة «نفرت» القاطن من دروبها قبل الزوار والسياح، ما يفرض تقوية الوجود الأمني بمختلف النقط سيما السوداء منها، وحسن توزيع الموارد البشرية واللوجستيكية بين المناطق الأمنية عوض التركيز على وسط المدينة الجديدة وأهم شوارعها وبعض الأحياء المحظوظة دون تلك الغارقة في عشوائيتها وفوضويتها. ويبقى تحصين رجل الأمن، على اختلاف رتبته، ضرورة كفيلة بضرب شرايين الفساد في الجهاز، وتقوية إرادته في أداء مهامه دون نقصان، بتفاعل مع المجتمع المدني الواجب انخراطه مشاركا وقوة اقتراحية عوض التطبيل على إيقاع مزامير «العام زين»، مع إعادة الروح إلى الكاميرات المثبتة بكل الشوارع، التي كلفت ميزانية ضخمة، لكنها بقيت مجرد «أداة تزيين وافتخار»، دون استئناس لازم في جرائم معينة، أو تحويلها أداة ناجعة لتلافي الجريمة. غضب الحموشي رفعت المديرية العامة للأمن الوطني، من شدة لهجتها مع مسؤوليها بفاس، بعيد اجتماعهم بالمدير العام عبد اللطيف الحموشي الذي عزم على تنقية هذا الجهاز من كل متخاذل أو متهاون في أداء مهامه أو من يتورط في قضايا مشبوهة من قبيل تلك المتابع فيها 12 أمنيا أمام قاضي التحقيق، لأجل «الارتشاء» وغض الطرف عن نشاط بارونات مخدرات، مقابل إتاوات فجرت فسادا استشرى في جهاز مفروض تحصينه من كل الشوائب والموبقات.ودوت صفارات إنذار جدي في وجه كل أمني مهما ارتفعت أو قلت رتبته الوظيفية، سيما إذا ثبت تساهله في تطبيق القانون أو تورط في علاقات أو فعل مشبوه يسيء للجهاز، على غرار ما تم تداوله من عربدة البعض في الحانات والعلب الليلية، و»التمياك» عن أنشطة محظورة لغرض في النفس، ما قلل من هيبة رجل الأمن في أعين المخالفين للقانون قبل بسطاء الشعب، إلى درجة تكرار حوادث إهانته والاعتداء اللفظي والجسدي عليه دون احترام للبذلة. الحموشي جالس كبار مسؤولي الأمن، أخيرا، بعد تناسل أحداث غير عادية لشبكات إجرامية وتورط أمنيين في ملف «القرقوبي» وإعفاء مسؤولي أمن وتنقيل آخرين، في ظل وضع أمني محتاج إلى جرعة «أنسولين» تعالجه من أمراض مستشرية نبه إليها المسؤول الأول وطنيا عن الجهاز، على ضوء ما تسربت إليه من معلومات وتقارير، أملا في تعزيز أمني قوي يعيد الاستقرار لمدينة «لم يعد سكانها يحسون بالأمن والأمان، ليل نهار، أمام ارتفاع معدلات الجريمة».وضع خطة أمنية ناجعة ومراجعة طرق الاشتغال التقليدية، مطلبان ملحان لتصحيح صورة «عدم الرضا» الشعبي عن الجهاز و»الأصداء غير الطيبة عن الوضع الأمني»، رغم ما يقدم من أرقام ضخمة عن حصيلة الاعتقالات والإحالات والمحجوزات، سيما في ما يرتبط بالخمور والمخدرات واستهلاكهما. أما ما دون ذلك، فستكون عواقبه وخيمة، حسب الإشارات التي طالما رمى بها الحموشي، في مرمى مسؤولي كل ولايات الأمن بمدن أخرى قبل فاس. طلبة و"مشرملون" صفحات «فيسبوك»، ملاذ ليس فقط هذا «الحزب»، بل حتى طلبة كلية العلوم والتقنيات، الذين أحدثوا صفحة تضامنية مع زميلهم توفيق المصاب بجروح بالغة في رأسه بعد مهاجمته من قبل شبكة «مشرملين» دأبوا على تطويق المنافذ المؤدية إلى المؤسسة، سيما من جهتي طريق إيموزار ومونفلوري، لما تدخل لتخليص طالبتين من قبضتهم، ليتحول إلى «رمز» بطل كاد يفقد روحه دفاعا عن الغير، على غرار تلميذ توفي قبل سنوات دفاعا عن زميلته بالأدارسة. ولم يكتف الطلبة بتجسيد غضبهم إلكترونيا، بل وقفوا بالكلية احتجاجا بعد منعهم من تجسيده خارجا، مستنكرين تردي الوضع الأمني بمحيطها وتكرار حوادث الاعتداء على طلابها من آخرهم توفيق ضحية سيوف شباب طائش. والمثير «تجنيد» طلبة للبحث عن المعتدين، بالأحراش المجاورة، لمحاكمتهم «جماهيريا» في الساحة، في «عرف» مستنسخ من مختلف كليات ظهر المهراز وسايس، الشاهدة على «محاكمات» جماهيرية للصوص ومتحرشين بطالبات. الطلبة الغاضبون رفعوا لافتات صغيرة مثبتة عليها عبارات مطالبة باستتباب الأمن بمحيط الكلية، من قبيل «الحق في الأمن» و»نطالب بتدخل السلطات»، موازاة مع ترديدهم شعارات حماسية على غرار «علاش جينا واحتجينا، الأمن اللي بغينا»، أملا في نفاذها لأفئدة الجهاز الأمني ونظره بعين الرحمة إليهم وتوفير دوريات يومية والحيلولة دون تكرار حالات الاعتداء على الطلبة، بعدما أصبح الموقع مرتعا خصبا للمنحرفين المتحرشين بالعابرات له. حد السيف تكررت حوادث الاعتداء بالسلاح الأبيض، من عينات مختلفة بعضها مصنع محليا في غفلة من الكل، بمختلف الأحياء حيث السيادة للأقوى والأسرع في استعمالها ولو في نزاعات بسيطة عادة ما تنتهي برسم لوحات بوجوه وأجسام الضحايا الذين بينهم أم ضابط بمديرية مراقبة التراب الوطني، توفيت الجمعة 16 أكتوبر الماضي، بالمستشفى الجامعي، متأثرة برضوض وجروح أصيبت بها أثناء مقاومتها منحرفين حاولوا سرقتها بزنقة وسط المدينة. حد السيف الأقوى نفوذا بعدة أحياء سيما الهامشية منها، ممن خرج سكانها للاحتجاج غضبا، كما في مقاطعة جنان الورد بعد بتر يد منحرف يدعى «ولد موكة» في نزاعه الدامي مع غريمه بحي المصلى باب الفتوح، أثناء محاولته تحاشي ضربة قوية بسكين كبيرة كانت في طريقها إلى رأسه. لكن الطاقم الطبي بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني، نجح في رتقها وإعادة زرعها، لسرعة نقلها في كيس بلاستيكي به مبردات، على متن سيارة أجرة. وليست المرة الأولى التي تبتر فيها يد بهذه المقاطعة التي عاشت أخيرا، على إيقاع جريمة قتل بعين النقبي، إذ بترت يد شاب آخر بباب الخوخة، فيما تحولت السيوف من أنواع «الساموراي» والكلاب المفترسة، أدوات لترهيب المارة من قبل منحرفين لسلبهم أموالهم وكل شيء ثمين بحوزتهم، أو لحسم معارك ميدانية، أو حماية الذات، إذ أضحى مشهد «تسلح» فتيات» بكلاب «البيتبول» وغيرها، مألوفا بكل الأحياء ولو الراقية منها.وكشفت طبيعة ونوعية الأسلحة المحجوزة لدى عصابة (سارقي مصلي النرجس)، بما فيها سلاح على شكل أسلحة صينية الصنع لا تشاهد إلا في الأفلام المرعبة ومباريات فنون الحرب، إبداع المنحرفين في التسلح الميداني، بينما كشفت أرقام رسمية لولاية الأمن، اعتقال 116 شخصا لأجل حمل السلاح الأبيض دون مبرر مشروع، بين 15 شتنبر و5 أكتوبر الماضيين، مقابل 233 شخصا أوقفوا من أجل السرقة في حالة تلبس من مجموع 2645 موقوفا في الفترة ذاتها. زلزال أمني منذ أن أوقف بطل شبكة «القرقوبي» بحي زينب بالدكارات، المدان ومن معه بمن فيهم زوجته والصيدلاني، ابتدائيا ب30 سنة سجنا، اهتز عرش ولاية أمن فاس، على إيقاع فضيحة مدوية أسقطت ب»الكاو» رؤوس 12 أمنيا غالبيتهم ضباط وعمداء في الشرطة القضائية، بينهم متقاعد لم يسلم نفسه بعد، جروا شر جرة إلى المحاكمة بعد جولة ماراتونية من التحقيق معهم ومع زملائهم ممن سلموا من المتابعة، من قبل المكتب المركزي للأبحاث القضائية. عدة مصرحين في الشطر الأول من الملف، أكدوا وساطتهم أو تسليمهم مبالغ مالية تراوحت بين 1000 درهم و3 آلاف أسبوعيا، للأمنيين المشتبه فيهم، الذين يوجد 3 منهم رهن الاعتقال بسجن عين قادوس، بمن فيهم قريب مدير سابق للأمن الوطني ووزير سابق في الداخلية، المتابع في الملف، رفقة قريب له مسرح بكفالة مالية، على غرار باقي المتابعين الثمانية ممن أدوا ما بين مليونين و5 ملايين سنتيم كفالة. هذه الرؤوس ليست وحدها المقطوفة، بل تلتها وسبقتها قرارات بإعفاء رئيسي المنطقتين الأمنيتين 3 و4، بعد مدة قصيرة من تعيينهم في المهمتين، لأسباب غامضة، كما الأمر لدوافع إعفاء قائد الهيأة الحضرية بالمنطقة 4 التي تعتبر إحدى بؤر التوتر الأمنية التي تعرف انتشارا كبيرا لجرائم السرقة والضرب والجرح بالسلاح الأبيض، الحل الفاصل في كل نزاع ولو تافها، في زمن قلت فيه «التربية» داخل البيت والمدرسة قبل الشارع ملقن شبابنا أنواع الجريمة. وطال الزلزال الأمني، مسؤولين أمنيين نقلوا عقابا أو بشكل عاد إلى مدن مختلفة، بينهم شرطية وزوجها السائق السابق لمسؤول أمني متوفى، نقلا إلى ابن أحمد بسطات، إثر التحريات التي باشرتها لجنة مركزية في شكاية الشرطية اتهمت فيها مسؤولا أمنيا رفيعا بفاس، بالتحرش جنسيا بها، بعد قرار إلحاقها بفرقة السير والجولان، بعد أشهر احتضنتها فيها مكاتب الولاية، قبل اتضاح زيف ادعائها، بعدما حاولت الاستنجاد بفعاليات حقوقية لنصرتها. غضب "فيسبوكي" في العاشرة والنصف صباح الجمعة 16 أكتوبر الماضي، وقف نحو 100 شخص من سكان جنان السراج بسيدي بوجيدة، أمام مقر الدائرة الأمنية، في ثاني شكل احتجاجي في أقل من أسبوع، احتجاجا على اللاأمن وارتفاع نسبة الجريمة، سيما السرقات واعتراض السبيل والضرب والجرح، قبل أيام قليلة من غضب مماثل في زواغة وغيرها من الأحياء الهامشية التي أضحت بؤرة يومية للتوتر، في انتظار عصا أمنية سحرية، تخلصها من فوضاها وواقع التسيب.هذا الغضب المتواتر وازته انتفاضة «فيسبوكية» في شكل صفحات نقلت مشاهد من الغضب الشعبي على جهاز مطلوب تحصينه من فاسديه، سيما صفحة «حزب الفايسبوكي الشعبي الحر»، الذي وجه رسالة مباشرة للحموشي، تحدث فيها عن أن فاس أضحت «مسرح جريمة كبيرا يمزج بين المجرم ورجل الأمن الفاسد»، متحدثا في صيغة السؤال المحير، عن عدم «المعقول» في جلوس رجل الأمن مع المجرم، «على طاولة واحدة بمقهى». «كيف يعقل أن نجد من تخرج حديثا، اقتنى شقة وسيارة؟»، «كيف يعقل أن نجد بارون مخدرات، له علاقة صداقة مع رجل شرطة؟».. بعض من أسئلة محيرة نقلتها هذه الصفحة الناظرة إلى فاس بعين سوداوية، رهنتها في «قبضة البلطجية وذوي السوابق، سيما في الليل، إذ تروج كل أنواع المخدرات خاصة الصلبة»، متحدثة عن أن «المجرم أصبح يتحكم في المدينة كلها»، مستدلة بآخر ملف جر أمنيين إلى المحاكمة أمام قاضي التحقيق لعلاقتهم مع «بزناز». جرأة هذه الصفحة «الفيسبوكية»، فاقت التوقعات، لما اتهمت رجال الأمن بالخوف من «مجرمي فاس» واتقاء شرهم، متسائلة «كيف يعقل بيع «البزناز»، المخدرات أمام منطقة أمنية؟» و»لماذا لا تستطيع دورية أمنية، الدخول إلى بعض الأحياء؟»، لتخلص إلى أن «السيبة وقلة الاحترام، هما ما أوصلا فاس إلى ما هي عليه»، دون نكران وجود «ولاد الناس» في الجهاز، ممن «لا حول ولا قوة لهم»، مطالبة بتدخل لإعادة الثقة للمواطن الفاسي في أمنه.

فاس… مسرح الجريمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عشر سنوات لقاتل سبعيني بميدلت

إيقاف عميد مزور يبتز مقاهي ״الشيشة״

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات