ينتمي الفنان، إلى الرعيل الأول من المطربين المغاربة الذين أسسوا لبدايات الأغنية المغربية العصرية، ومن أوائل الفنانين الذين عرفوا بالأغنية المغربية بالشرق العربي خلال مرحلة الخمسينات، عندما قضى بأرض الكنانة أزيد من 6 سنوات، مكنته من الاحتكاك عن قرب بفطاحلة الطرب العربي . عبر هذه الحلقات تستعيد "الصباح" مع صاحب أغنية "العروسة" جوانب من مسار حياته الشخصية والفنية، وذكرياته مع شخصيات عاصرها. "يا حبيبا" أول أغنية يؤديها المزكلدي خلال اللحظة التي التحق فيها محمد المزكلدي بإذاعة "راديو ماروك" سنة 1952، صوتا غنائيا، لم تكن هناك أصوات مغربية مختصة في أداء الأغنية المغربية العصرية، باستثناء الراحل المعطي بنقاسم الذي كان في بداياته الفنية، أما الموسيقار أحمد البيضاوي فلم يكن يسجل أغانيه بصوته في تلك الفترة، بحكم وضعه الاستثنائي مطربا بالقصر، أما إسماعيل أحمد فكان عازف كمان في تلك الفترة ولم يحترف الغناء إلا بعد الاستقلال بتوجيه من الراحل عبد القادر الراشدي، يقول المزكلدي.وعن ظروف تأسيس هذا الجوق يقول الراحل صالح الشرقي في كتابه "جل ترى المعاني" أن الفضل في تأسيسه يعود إلى الراحل الهاشمي بناني الذي انتدبه الوطنيون بحزب الاستقلال للعمل على "خلق جوق فني مغربي وأوكل هذه المهمة إلى الفنان عبد القادر الراشدي وبدأت مرحلة استقطاب الفنانين".ويضيف الشرقي "صادف في هذه الفترة عزم راديو المغرب إنشاء جوق تابع له، وبالفعل تكونت نواته من خمسة أشخاص هم إسماعيل أحمد والمكي الرايسي وعبد الكريم بوهلال، والمعطي بنقاسم، وصالح الشرقي، وكانت رغبتنا في ذلك إيصال الأغاني والمعزوفات العربية إلى الجمهور المغربي بأياد مغربية، وأخذ الجوق يتطعم كل شهر بفنان جديد من مختلف المدن: البيضاء وفاس ومراكش، إلى ان بلغ عدد أفراده 35 فنانا تحت رئاسة المرحوم أحمد البيضاوي الذي كان يمده بالألحان شأنه في ذلك شأن الفنانين عباس الخياطي وعبد النبي الجيراري وعبد القادر الراشدي وعبد الرحيم السقاط ومحمد بنعبد السلام، وتدريجيا أخذت الحركة الفنية في التطور إلى أن أصبح هذا الجوق يتمتع بصدى طيب وكبير لدى الجمهور، سواء للمهارة والجودة التي اكتسبها العازفون، وللألحان والمقاطع التي أبدعها الملحنون والمطربون".وفي هذا السياق كان التحاق المزكلدي بجوق راديو ماروك، ويذكر أن أول أغنية أداها رفقة هذا الجوق كانت أغنية "يا حبيبا أنا أهواك" للراحل أحمد البيضاوي وهي من كلمات الشاعر المغربي الراحل محمد بلحسين.وكان التصور السائد في تلك الفترة في أوساط فناني "جوق راديو ماروك" أن الأغنية يجب أن تكون مرتبطة بالشعر الفصيح، بل إن بعضهم لم يكن ينظر بعين الرضا إلى ما كان يقدمه الراحل الحسين السلاوي الذي يعود له الفضل، مع ذلك، في إبداع أول إرهاصات أغنية مغربية بمواصفات خاصة، متخلصة إلى حد ما من الشكل التقليدي للأغنية التراثية.كان أغلب الفنانين الرواد في تلك الفترة أسيري النمط الشرقي الذي كان مهيمنا على أسلوب الأداء والعزف كما ظهر ذلك جليا من خلال أعمال الراحل أحمد البيضاوي، وهو الأمر الذي لم يتخلصوا منه إلا بعد فترة، حين اقتنع بعض هؤلاء الرواد بضرورة إيجاد شكل جديد لأغنية مغربية شكلا ومضمونا.كان برنامج العمل بالنسبة إلى أفراد جوق "راديو ماروك"، يقول المزكلدي، يتحدد في تمارين مكثفة خلال الفترة الصباحية طيلة الأسبوع، استعداد لأداء القطع الغنائية مباشرة على الأثير مساء كل سبت.عزيز المجدوب