المسرحية مزيج من الموسيقى الكناوية والحكاية الشعبية التراثية بلغة الزجل كان عشاق فن الخشبة، أخيرا، بدار الثقافة بمولاي ادريس زرهون على موعد مع العرض المسرحي المتميز «حضرة وهضرة»، الذي نظمته المديرية الجهوية للثقافة مكناس- تافيلالت، في إطار أنشطتها الثقافية والفنية المبرمجة برسم الموسم الجاري.العمل المسرحي، الذي يمتد لـ 90 دقيقة، من تأليف وإخراج الأستاذ محمد بنعلي، ديكور وموسيقى «لمعلم» عبد النبي المكناسي، ملابس فاطمة الزهراء الفقير، وتشخيص مجموعة «بنات كناوة» برئاسة «المعلم» عبد النبي المكناسي والشاعر الزجال أبو ياسين، بمشاركة الفنان عبد الرحيم العمراني المراكشي. «حضرة وهضرة» كشفت الوجه الآخر لمجموعة «بنات كناوة»، التي برعت في أداء أدوارها بشكل رائع، على غرار براعتها في ممارسة الفن الكناوي بالمغرب، كأول فرقة غنائية نسوية تحمل مشعل هذا اللون التراثي على الصعيد الوطني، إذ أنها حظيت بشرف تأثيث العديد من الملتقيات الوطنية والمهرجانات الفنية والثقافية محليا وجهويا ووطنيا ودوليا، من خلال مشاركتها في فعاليات مهرجان «كناوة والموسيقى العالمية» بالصويرة، فضلا عن حضورها الوازن في المهرجان الدولي لوليلي، ومهرجان تارودانت لفنون الدقة والإيقاعات، وملتقى الملحون بالدار البيضاء، ومساهمتها كذلك في إحياء «ليلة التراث مع لعيالات»، التي أقيمت في وقت سابق بمسرح محمد الخامس بالرباط، وإحيائها لسهرات بتونس وبلجيكا وفرنسا.وتعالج المسرحية، التي تزاوج بين الموسيقى الكناوية والحضرة والشعر الزجلي، مجموعة من المواضيع الاجتماعية، خصوصا تلك المتعلقة بمعاناة المرأة البدوية في علاقتها مع محيطها العام، كمشاكل استبداد الزوج والطلاق والوقوع في شراك المشعوذين والدجالين، وهي المعاناة التي تجسدها على الركح حوارات وحركات الممثلات، على إيقاع أنغام هجهوج «المعلم»عبد النبي المكناسي، التي ترافقها من حين لآخر مقاطع من بعض الأشعار الزجلية، التي نجح المخرج بنعلي في توظيفها بشكل رائع ينسجم وموضوع العمل المسرحي المقدم، ومنها «مرا مكرفطا، فشباك ضريح مشعبطا»،»سدرة معلقة في زروبة، تشبه شاة معزة وضروبة»، والجزار خيمتو منصوبة»، «وامقادو تفصل كرعة ، عطفات لمرا بغير رجعة»، الدار بعد الرحول خلات، الاوتاد رشات وتقلعات، وجدوها للكدي ربطة...». كما تتناول المسرحية قضية الهجرة القروية والجري وراء سراب مغريات المدينة، وما يترتب عن ذلك من مشاكل، فضلا عن قضية الوحدتين العربية والإفريقية.وعبر الناقد المسرحي حسن المنيعي عن إعجابه الكبير بهذا العمل القائم على التراث الموسيقي المغربي الأصيل، مضيفا أن مؤلف النص ومخرجه نجح إلى حد ما في تجسيد بعض الأبعاد التي يقوم عليها السرد المغربي التراثي في علاقته بالموسيقى التراثية، وتحديدا اللون الكناوي، وقال المنيعي، في حديث إلى»الصباح»، « لقد راقني هذا العرض الجيد، وأتمنى أن يستمر الأستاذ بنعلي في هذه التجربة ،بل وأتمنى أن يعمل كل العاملين في مجال المسرح على بلورة هذا النوع من التراث فوق خشبة المسرح، لأنه هو الطريق الوحيد لاستئناس الشباب مع تراثنا الموسيقي الأصيل، ودفعهم بالتالي إلى الاشتغال في هذا المجال مستقبلا».الدكتور المنيعي، الذي أشاد بتحركات المجموعة فوق خشبة المسرح، لم يترك الفرصة تمر دون أن يشير إلى العائق الذي حال دون تلقي الحضور لبعض الحوارات، والمتمثل في عدم استخدام المشخصين لتقنية ما يسمى بـ»ميكروفون العنق»، التي أكد أنها ضرورية في هذا النوع من المسرح.ومن جانبه، أوضح المخرج المسرحي بوسلهام الضعيف أن المسرحية استطاعت المزج ما بين الموسيقى الكناوية والحمدوشية والحكاية الشعبية التراثية بلغة الزجل، متمنيا أن تواصل المجموعة البحث في هذا الموروث الشعبي. ولم يستبعد الضعيف إمكانية التعامل مع المجموعة في أعماله المستقبلية.خليل المنوني (مكناس)
