الـتـدلاوي: لا أقـلـد الـدكـالـي

قال إن المؤسسات المالية والاقتصادية الكبرى مطالبة بالانخراط في دعم الأغنية اعتبر كريم التدلاوي أن الدعم الذي تقدمه وزارة الثقافة للأغنية المغربية ليس كافيا بالنظر إلى الكم الهائل من المشاريع المقدمة. وشدد، في حوار مع "الصباح"، على ضرورة انخراط المؤسسات المالية والاقتصادية الكبرى في البلاد في عملية الدعم للنهوض فعلا بهذا المجال. في ما يلي تفاصيل الحوار: بعد ألبوم "الرفيق" لم يصدر لك ألبوم آخر منذ سنوات. ما سبب الغياب؟لدي مشروع ألبوم بعد "الرفيق" لكنه لم ير النور إلى اليوم لأسباب تتعلق بالإنتاج. ألبوم "الرفيق" كان من إنتاج شركة "عالم الفن" المصرية الشهيرة لصاحبها محسن جابر، ومن الصعب أن أنتج ألبوما بعده بالجودة والاحترافية نفسها. الفنان يتطور ولا يمكن أن يعود إلى الوراء. ولماذا لا تتعاون مرة أخرى مع الشركة نفسها؟محسن جابر كان يرغب في دخول تجربة إنتاج أغان في المغرب بعد أن آمن بوجود طاقات هائلة تبدع في المجال الفني ببلادنا سواء على مستوى الصوت أو التأليف أو التلحين... لذلك أسس فرعا لشركته بالمغرب وكنت أول من وقع عليه الاختيار ليخوض معه هذه التجربة الهامة التي لم تكلل بالنجاح للأسف، بعد أن اصطدم بالواقع وبالإجراءات المعقدة جدا، ناهيك عن مشكل القرصنة وغياب المهنية على مستوى التوزيع والتلاعب في التعامل التجاري... وماذا بعد "الرفيق"؟سجلت 3 أغاني "سينغل" هي "أنا معاك خليك معايا" و"صدق بالله" و"خايف من ليام"، من كلماتي وألحاني. كما لحنت أغنية للمغنية حسناء زلاغ، خريجة "استوديو دوزيم"، بعنوان "مرتاحة معاك" من إنتاج شركة "روتانا". هل ترى أن الدعم المخصص للأغنية يمكنه أن يخفف من مشاكلها وأزمتها؟يمكن للدعم أن يخفف نسبيا من الأزمة التي تعيشها الأغنية. إنها مبادرة طالما انتظرناها وطالبنا بها نظرا لغياب شركات إنتاج أو مستثمرين في هذا المجال. لكن أعتقد أن وزارة الثقافة وحدها لا يمكنها أن تدعم كل الكم الهائل من المشاريع الفنية التي سيتقدم بها الفنانون. بالتأكيد سيكون هناك إقصاء وظلم البعض، لذلك على المؤسسات المالية والاقتصادية الكبرى في البلاد أن تنخرط في عملية الدعم حتى تشمل أكبر عدد ممكن من الفنانين. شخصيا، لا أفهم لماذا تبقى الأغنية المغربية في أذهان المغاربة بجميع فئاتهم حبيسة "القصارة" أو المحافل العائلية والأعراس وكل ما هو هامشي، ولا تدخل في نطاق فن إبداعي يتعايش معه الفرد في حياته اليومية. إذا وجدنا حلا لهذه الإشكالية لدى الجمهور، يمكننا أن نجد أشخاصا يستثمرون في هذا الميدان. الفنان أو الموسيقي لا يجب أن يعامل وكأنه "سعاي"، والفنانون بدورهم عليهم أن يرقوا في مستوى تعاملهم لأن ما يملكونه من موهبة جدير بالاحترام والتقدير. وكما يقول المثل الشعبي "فين ما نزلتي راسك تصيبو". على الفنانين أن يقدموا أنفسهم بطريقة تجعل المجتمع المدني يقدرهم ويمنحهم قيمتهم ويتعامل معهم على أساس أنه هو من في حاجة إليهم وليس العكس... أليس لديك تحفظ مثلا حول الطريقة التي يمنح بها الدعم والتي لم تنل رضى العديد من الفنانين؟ الدعم بادرة جيدة كما سبق أن قلت. إنما طريقة اختيار الأعمال التي ستستفيد من الدعم هي التي تجب إعادة النظر فيها قليلا. فحينما يتقدم المرشح بطلب الدعم بملف تتوفر فيه كل الشروط المطلوبة الخاصة بالفنان في حد ذاته وبالعمل، يكون من الصعب إقصاء عمله وتفضيل عمل آخر بدون أن يثير ذلك بعض الحساسيات، لذلك فمن الأجدر مثلا اللجوء إلى عملية قرعة لتكون عملية اختيار الأعمال مسألة حظ فقط بدون تقييم أو تصنيف، وبالتالي سيقبل الفنانون الذين لم يستفيدوا الأمر بصدر رحب، مع العلم أن الفنانين المستفيدين سينتظرون سنتين أو أكثر للتقدم بملفات أو مشاريع أخرى. لماذا أنت غائب عن المهرجانات؟أزاول المهنة منذ 30 سنة ولم يسبق لي طيلة هذه المدة أن شاركت في مهرجان وطني. في المقابل، شاركت في مهرجانات دولية. طرحت على نفسي السؤال أكثر من مرة ولم أتوصل إلى جواب. ربما لا زلت لم أستوعب الطريقة التي يمكن أن أكون من خلالها حاضرا على مستوى المهرجانات. أنتظر دائما أن يرن جرس هاتفي ليقترح علي أحد المشاركة في محفل أو مهرجان ما... لكن يبدو أنه كما قيل لي من طرف عدد من الأصدقاء والملمين بالميدان، أنها ليست الطريقة الناجعة... لا أعرف كيف يشارك الفنانون الآخرون في هذه المهرجانات. لا فكرة لدي عن ذلك. وأنا لست الوحيد، بل العديد من الفنانين يعانون حيفا وإقصاء على مستوى المشاركة في المهرجانات الوطنية. وماذا عن التلفزيون؟ أنت قليل الظهور فيه أيضا.القائمون على بعض البرامج التلفزيون لديهم فكرة خاطئة مفادها أنهم من يسدون إلى الفنان خدمة، في حين أن العملية تبقى مسألة أخذ وعطاء لأن الفنان أيضا لديه جمهوره الذي يتابعه، ويساهم بالتالي في رفع نسبة المشاهدة وما يليها من أمور... في الوقت الذي يساهم التلفزيون في انتشار الفنان ووصوله إلى جمهوره. التعامل بين القنوات التلفزيونية والفنانين يجب أن يأخذ مساره المنطقي... إضافة إلى ذلك، التلفزيون والإذاعات اليوم أصبحت تركز على "فن" معين، سوقي وكلامه مبتذل ونصه هابط وسياقه الموسيقي غير منظم، ويقدم على أنه فن شعبي. "منين عقلنا على راسنا" ونحن نتفاعل مع الفولكلور والفن الشعبي في أعراسنا وحفلاتنا، لكنه لم يكن أبدا يتصدر وحده الواجهة الثقافية ويشكل الرمز الفني الوحيد للبلاد، مع أنه فن محترم وقائم الذات. ألا تعتقد أن الجمهور هو الذي يقبل على هذا النوع من الفن؟لا أظن بتاتا. أمهاتنا وأجدادنا، رغم أنهم كانوا أميين، إلا أنهم كانوا يتمتعون بذوق راق جدا في الاستماع إلى الفن والموسيقى الأصيلة لأنهم كانوا تحت تأثير ما يروج في الإذاعة والتلفزة الوطنية. تربوا على سماع الطرب الأندلسي والملحون والأغنية المغربية الجميلة والأغنية الشرقية البديعة. وسائل الإعلام اليوم تجارية وتوجه الجمهور نحو "فن" معين... يعاب عليك تقليدك لعبد الوهاب الدكالي وتشبهك به. ما تعليقك؟أنا لا أقلد الدكالي ولم أقلده أبدا في حياتي. الدكالي له خاصية وميزة في ألحانه وأدائه وأسلوبه. ويمكن أن أقول، وهذا واقع، أن المطربين المغاربة كلهم يمكن وضعهم في كفة والدكالي في كفة أخرى. والمقارنة هنا على مستوى الأسلوب المتميز. شخصيا، أتطلع ربما إلى أن تكون لي الميزة نفسها في الأسلوب لهذا قد يآخذ علي أنني أنساق مع شخصية الدكالي. وهذا يشرفني طبعا لأنه مدرسة وقدوة لكل فنان. ماذا يمكنك أن تقول لنا عن غنائك في حفل تكريمه؟ كان لي شرف المشاركة في حفل تكريم الموسيقار عبد الوهاب الدكالي الذي نظمه الائتلاف الوطني للفنون بالبيضاء، خاصة أن الدعوة للمشاركة كانت من طرفه شخصيا، وهذا فخر لي. ماذا قال عن أدائك؟ أكيد أنها ليست المرة الأولى التي أغني فيها أمامه، لكنه نادرا ما يقتنع بأداء فنان ما لأغانيه. حظيت باستحسانه منذ مدة ليست بالقصيرة. وهذه شهادة أعتز بها. كنت ضمن الطاقم المشتغل في "استوديو دوزيم" في سنواته الأولى. كيف ترى مستوى الأصوات والتحكيم والتدريب في الدورات الأخيرة من البرنامج؟البرنامج في حد ذاته، بمزاياه ومساوئه، مفيد جدا للساحة الفنية في المغرب ونافذة للمواهب الشابة المتطلعة إلى الانتشار. الاختلاف في مستوى الأصوات ضروري على مر الدورات، ولا بد من يوم ينخفض فيه المستوى. الدورات السابقة اكتشفت مواهب عديدة ولا بد من أن ننتظر بعض الزمن لظهور مواهب أخرى. أما على مستوى التأطير والتحكيم، فهذه المعاني أصبحت مبهمة جدا في البرنامج. لماذا غادرت البرنامج؟غادرت بسبب خلاف مع الإدارة السابقة للقناة الثانية حول فوضوية التنظيم وعشوائية اتخاذ القرار، والتي تؤدي بالتالي إلى الإساءة لكرامة الفنان المتعامل مع القناة. وقد عرف علي أنني إنسان وفنان لا يتنازل عن كرامته بأي ثمن. أجرت الحوار: نورا الفواري

الـتـدلاوي: لا أقـلـد الـدكـالـي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مشعوذ مغربي يعترف بمحاولة إيذاء الخشاب

مزوار يدعو إلى اجتماع "غامض" دون جدول أعمال

مقالات ذات صلة