محمد بوعزيزي، (26 سنة)، شاب تونسي بسيط من حملة المؤهلات العليا، عاطل عن العمل، اضطر إلى بيع الخضر والفواكه على عربة متجولة. يوم 17 دجنبر الماضي، كان نقطة تحول في حياة بوعزيزي، فبعد أن صادرت السلطات البلدية عربته اليدوية لأنه لم يحصل على ترخيص لها، اتجه صوب إدارة البلدية ليشكو ويحاول استردادها، باعتبار أنها مصدر قوته اليومي، وهناك تلقى صفعة من إحدى الموظفات والتي استطاعت أن تثير غضبه، إذ مباشرة بعد ذلك، خرج بوعزيزي من مبنى البلدية وأضرم النار في جسده وتوفي بعد أسبوعين متأثرا بجروح خطيرة.لم يكن بوعزيزي يعتقد، عند إضرام النار في نفسه، أنه سيطلق مظاهرات شعبية ضخمة بصورة لم تشهد لها تونس مثيلا، إذ خرج التونسيون في احتجاجات عفوية ليحتجوا على الغلاء والبطالة فقط، أو لمناصرة بوعزيزي سيما أنها اندلعت بعد وقت قصير من إضرامه النار في نفسه، وإنما للمطالبة أيضا بالحريات والإصلاحات السياسية في تونس.توسع الغضب ليشمل معظم العاطلين عن العمل، واندلعت احتجاجات واسعة انتشرت بسرعة كبيرة لتشمل الطبقة المتوسطة وهي التي تعاني من نسبة بطالة عالية تصل إلى 14 في المائة حسب التقديرات الرسمية وإلى نحو 25 في المائة حسب تقديرات غير رسمية، فموت هذا الشاب احتجاجا على مصادرة عربته، أشعل أيضا انتفاضة الشعب التونسي وأسقط حكم الرئيس زين العابدين بن علي. ظل المتظاهرون والمحتجون يرددون اسم "بوعزيزي" إذ بدأت الاحتجاجات من ولاية سيدي بوزيد لتنتقل إلى مدن أخرى أكبر وأكثر تأثيرا مثل القيروان وسوسة ثم العاصمة نفسها وبنزرت، ولم تنجح قوات الأمن أو الجيش في وقفها.وكان آخر ما كتبه محمد بوعزيزي على حائطه في الموقع الاجتماعي الفيسبوك: «مسافر يا أمي، سامحني، ما يفيد ملام، ضايع في طريق ما هو بإيديا، سامحني كان (إن كنت) عصيت كلام أمي. لومي على الزمان ما تلومي عليّ، رايح من غير رجوع. يزّي (كثيرا) ما بكيت وما سالت من عيني دموع، ما عاد يفيد ملام على زمان غدّار في بلاد الناس. أنا عييت ومشى من بالي كل اللي راح، مسافر ونسأل زعمة السفر باش (أن) ينسّي».