قانون العنف … انتصار للكرامة

سياسة التجريم التي تبناها القانون اقتصرت على مضاعفة العقوبات السجنية والمالية بعد مخاض عسير استمر سنوات صادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين، أخيرا، على مشروع القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء. القانون الذي سيدخل حيز التطبيق بعد مرور ستة أشهر على صدوره بالجريدة الرسمية، يعتبر من قبل الفاعلين في الميدان انتصارا لكرامة المرأة على ما كانت تعانيه من عنف، دون أن يكون لها حق الحماية، خاصة في حالات ترتبط بالمحيط، مشيرين في الوقت نفسه إلى أنه يأتي في إطار مفاهيمي محدد ودقيق، من شأنه مساعدة المتدخلين على تمييز وحصر الأفعال والسلوكات المندرجة في نطاق العنف ضد النساء، من قبيل تحديد مفهوم العنف ضد المرأة مع التفصيل في تعريفه باستحضار كافة مظاهره وأشكاله، وكذا تجريم بعض الأفعال، باعتبارها عنفا يلحق ضررا بالمرأة، والتي لم تكن تعتبر إلى عهد قريب عنفا ممارسا ضدها، كالامتناع عن إرجاع الزوجة المطرودة من بيت الزوجية والإكراه على الزواج والمساس بحرمة جسد المرأة وتبديد أو تفويت أموال الأسرة بسوء نية. واعتبر أنس سعدون، دكتور في الحقوق وعضو نادي قضاة المغرب أن من أبرز المستجدات التي جاء بها قانون العنف ضد النساء تعديله للمقتضيات المتعلقة بتجريم التحرش الجنسي، حيث تم تعريفه بأنه كل “إمعان في مضايقة الغير، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية، أو توجيه رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية، وذلك في الفضاءات العمومية أو غيرها. وتم تمديد نطاق تجريم التحرش الجنسي، حيث لم يعد مقتصرا على شكله الكلاسيكي أو ما يعرف ب “تحرش الرئيس بالمرؤوس”، أي مقيدا بوجود علاقة تبعية أو سلطة بين الضحية والجاني داخل فضاء العمل، وإنما أصبح يشمل أيضا الفضاءات العمومية وغيرها من الأماكن الواقعية منها أو الافتراضية. ولم يخف سعدون أنه رغم هذا التقدم الملحوظ في توسيع دائرة تجريم التحرش الجنسي، إلا أن التعريف ما يزال محتاجا إلى تدقيق، فالمشرع يبدو وكأنه يشترط تكرار فعل التحرش، حتى تتم معاقبته، وهو ما يتجلى من خلال شرط الإمعان الذي يفيد التكرار والإصرار على القيام بالفعل. وأكد أنه لا بد من الاعتراف بمحدودية سياسة التجريم التي تبناها قانون العنف ضد النساء، بالاقتصار على مضاعفة العقوبات السجنية والمالية، إذ لم تواكبها تدابير أخرى فعالة للتبليغ والتحقيق والملاحقة والمحاكمة، فالقانون الجنائي الحالي يحتوي بدوره على مجموعة من العقوبات، لكن النساء لا يستفدن منها، بسبب ضعف ثقافة التبليغ عن جرائم العنف التي تستهدفهن والصعوبات التي يواجهنها عند الإثبات، والطريقة التي تتم بها معالجة شكاياتهن خلال مرحلة البحث والتحقيق والمحاكمة ! في المقابل أدخلت مسودة القانون الجنائي التحرش الجنسي في دائرة المساءلة القانونية، بعد أن تضمنت مسودة مشروع القانون الجنائي، نصوصا تجرمه، وتعاقب مرتكبه من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة ما بين 2000 درهم و10 آلاف. واعتبرت المسودة متحرشا «كل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية، أو غيرها، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية، وكل من وجه رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صورا ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية»، وتتضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الفعل زميلا في العمل، أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية أو غيرها. وترتفع العقوبة من سنة إلى ثلاث سنوات إذا ارتكب التحرش الجنسي من قبل أحد الأصول أو المحارم أو من له ولاية أو سلطة على الضحية أو مكلف برعايتها أو كافل لها، أو إذا كان الضحية قاصرا. كما يمكن للمحكمة أن تحكم، إضافة إلى ذلك، بمنع المحكوم عليه من الاتصال بالضحية أو الاقتراب من مكان وجودها أو التواصل معها بأي وسيلة لمدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ انتهاء العقوبة المحكوم بها عليه، أو بخضوع المحكوم عليه، عند الاقتضاء في تلك المدة، إلى علاج نفسي ملائم، قد يكون بشكل مستعجل، رغم أن الحكم لم يصبح نهائيا، «إذ يمكن أن يتضمن المقرر القضائي بالمؤاخذة الأمر بتنفيذ الخضوع للعلاج النفسي مؤقتا، بالرغم من استعمال أي طريق من طرق الطعن». كريمة مصلي

قانون العنف … انتصار للكرامة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الوزراء يحكمون السيطرة على "بيجيدي"

الصقلي: القوانين تغير العقليات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات