مياه المجاري … الإشاعة والحقيقة

رئيس الحكومة يستعين بالخبراء والأطر وينظم زيارة ميدانية لمحطة معالجة مياه أبي رقراق رفض المغاربة الاستفاقة من صدمة " الإشاعة" التي انتشرت بأن ما يشربونه من الماء المتدفق من صنابيرهم، ملوث، جراء تسرب مقذوفات المياه العادمة من سجني العرجات 1 و2، ومن مجاري المناطق المجاورة، وتساءل الجميع هل حقا يشرب 7 ملايين من المغاربة القاطنين بين سلا والبيضاء، مياها بها ميكروبات، وملوثة وضارة بالصحة.ولتفادي استمرار مضاعفة حكايات الإشاعة أن الماء أصاب 40 مواطنا بالتسمم، اضطر سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، رفقة كاتبتي الدولة، شرفات أفيلال، المكلفة بالماء، ونزهة الوافي، المكلفة بالتنمية المستدامة، التنقل رفقة مجموعة من الصحافيين إلى محطة معالجة مياه أبي رقراق لتدقيق المعطيات. إنجاز: أحمد الأرقام - تصوير: (عبد المجيد بزيوات) نفى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الإشاعات حول عدم سلامة مياه الشرب المنتجة انطلاقا من سد سيدي محمد بن عبد الله بالرباط، مؤكدا أنه شخصيا، يشرب ماء الصنبور في منزله، كاشفا أن عددا من الوزراء أكدوا له أنهم يقومون بالشيء نفسه، وأعاد ترديد الكلام نفسه الذي شدد عليه في آخر اجتماع لمجلس الحكومة. شبكة منذ 1969 قال العثماني إن المحطة المذكورة هي الأكبر والأولى في المغرب وتمنح المياه لخمس سكان البلاد، ولم يسبق أن حدثت فيها أي مشاكل في ما يخص طبيعة الماء الشروب، مشيرا إلى أنها تعمل بشكل جيد منذ تأسيسها 1969، معتبرا أن المحطة تقوم بعملها في المستوى المطلوب من قبل أطر وخبراء مغاربة أكفاء، لافتا الانتباه إلى أن المياه التي تصل إلى الصنبور بالمنازل وراءها عمل مستمر وكفاءات لا تكل ولا تمل تشتغل بدون توقف. وأكد العثماني أن المحطة تتضمن مختبرا يشتغل بمعايير دولية ويعد مفخرة للمغرب، يخضع المياه للتحليل في كل أقسامه بطريقة حديثة للحرص على جودتها وفق معايير الجودة العالمية، وبتنسيق مع وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.وتابع قائلا " نريد تبديد الإشاعات بخصوص جودة المياه بسد سيدي محمد بن عبد الله، فهنا داخل المحطة يمنع إدخال قنينات المياه المعدنية، والأطر العامة هنا تشرب المياه المنتجة بالمحطة، وهذا دليل الثقة في ما يخص جودة المياه". ولرفع منسوب الثقة قال العثماني " أنا أشرب مياه الصنبور في منزلي والوزيرة أفيلال أيضا، وعدد كبير من الوزراء إلا في بعض الحالات، فتحية لكل الكفاءات والأطر المغربية الساهرة على هذا الورش منذ خمسين عاما، رغم أنهم مجهولون لدى الرأي العام" مردفا "اطمئنوا فهذه المياه في أياد آمنة". وأضاف العثماني أنه وخلافا لما تدعيه بعض الإشاعات، فإن المياه المتحدث عنها، صالحة للشرب ولا تشوبها أي شائبة، موضحا أن المحطة المذكورة تعمل منذ مدة طويلة، كما أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يعمل على تزويد كل مناطق المغرب بالمياه الصالحة للشرب منذ عقود، وهو يعمل بشراكة مع وزارة الصحة لمراقبة جودة المياه، وكذلك مع منظمة الصحة العالمية، إذ تخضع مياه الشرب لمراقبة دقيقة ومستمرة. خط أحمر من جهتها، قالت شرفات أفيلال، كاتبة الدولة المكلفة بالماء، إن الهدف من زيارة منشآت إنتاج الماء الصالح للشرب انطلاقا من سد سيدي محمد بن عبد الله، هو إطلاع الإعلام على مراحل إنتاج الماء في أهم مؤسسة إستراتيجية للمياه بالبلاد. ورفضت أفيلال، كل ما نشر حول تلوث مياه سد سيدي محمد بن عبد الله الذي يزود 7 ملايين من المغاربة في الشريط الساحلي من الرباط إلى البيضاء، بالماء الصالح للشرب، مؤكدة أن الجدل الكبير الذي رافق تداول أخبار حول تلوث بحيرة سيدي محمد بنعبد الله، أخذ منحى غير صحيح وفي بعض الأحيان خطيرا، أثار الفزع والهلع والارتباك وسط السكان، مضيفة أنها تشرب ماء» الروبيني» ولم تصب بأي أذى. وأضافت أفيلال، أنها غير مسؤولة عن تسرب المياه العادمة من سجن العرجات 1 و2، وأن مهمتها منحصرة في أن يتناول المواطنون ماء صالحا للشرب، ومع ذلك أخذت على عاتقها أن تتحمل المسؤولية وتحل الإشكال القائم، رغم كل الضربات التي تتعرض لها، مشيرة إلى أن كل سدود العالم تعرف تلوثا، لكنه ضئيل عبارة عن نقطة في بحر، موضحة أن الأصعب هو المس بالفرشة المائية من قبل شركات تنفث مواد سامة مضرة بالبيئة. وأوضحت المتحدثة أن الطاقة الاستيعابية لسد سيدي محمد بن عبد الله، تبلغ 900 مليون متر مكعب، وحقينته 700 مليون متر مكعب، وتتم مراقبة مياهه بشكل دوري من قبل الجهات المسؤولة، مشيرة إلى أن ما حدث في الأيام الأخيرة هو جرد مصادر تلوث لم تقتصر فقط على سجني العرجات 1و2، لكنها امتدت إلى كل الجماعات الترابية المجاورة للسد التي تفتقد لأنظمة التطهير السائل، مضيفة أن السجنين المذكورين بنيت بهما محطتان لمعالجة مياههما العادمة، إلا أن ارتفاع أعداد السجناء بعد تنقيل نزلاء سجن سلا تسبب في ارتفاع المياه العادمة التي يصدرها السجنان بشكل يفوق الطاقة الاستيعابية لمحطتي التطهير في السجنين. وأكدت أفيلال أن العرجات 1 شهدت ارتفاعا في عدد السجناء من 1200 إلى 2300 سجين، والعرجات 2 من 500 إلى 2300، ما أدى إلى تسرب المياه العادمة، لأن محطة المعالجة المنجزة خصصت لعدد السجناء المتوقع وليس المرتفع، مضيفة أن الفائض عن محطتي التطهير المذكورتين بلغ 0.2 مليون متر مكعب، تم قذفه في حقينة تتجاوز 700 مليون متر مكعب قائلة «لست هنا بصدد تبرير وضعية شاذة، لكن أثر نسبة التلوث منعدمة على جودة المياه»، مؤكدة أن هذه النتيجة استنتجت من قبل أفضل المختبرات المعترف بها من قبل منظمة الصحة العالمية، مؤكدة أن جودة مياه المحطة مطابقة للمعايير الدولية، وتمر عبر مختبر يعتبر مرجعا على المستوى الوطني. وقالت أفيلال إن المختبر يتوفر على كفاءات جيدة جدا وله تقنية عالية وحاصل على شهادة الجودة ISO 9001، معتمدة بشهادة ISO 17025 للمختبرات التي تتمتع بمصداقية، مضيفة «ممكن أن نقبل كل شيء إلا الإضرار بسلامة المواطنين، لذلك فجودة المياه هنا مضمونة وتتوفر على المعايير الوطنية والدولية». كيفيات المعالجة قال عبد الرحيم الحافظي، المدير العام بالنيابة للمكتب الوطني للكهرباء والماء، خلال جولته رفقة الصحافيين إن عمليات المراقبة في عموم محطات المعالجة بالمغرب تبدأ انطلاقا من مصدر المياه، والتي تتمثل في الرباط ببحيرة سد سيدي محمد بن عبد الله ، إذ تأكد عبر تحاليل خاصة من أن المياه غير ملوثة بشكل أساسي، بخلاف التلوث العضوي الذي يضم بعض البقايا العضوية التي يمكن معالجتها في المحطة. وبعد جلب المياه تبدأ عمليات التنقية الأولى، يقول الحافظي، تم بعدها تأتي التصفية الميكانيكية لإزالة الشوائب والعوالق، ثم المرور إلى الترشيح باستعمال الرمال الدقيقة، تليها المعالجة الكيميائية للتأكد من خلوها من البكتيريا بشكل نهائي، ليتم بعد ذلك التأكد من الجودة عبر سلسلة من التحليلات المخبرية. وأضاف الحافظي، أن المياه المنتجة انطلاقا من سد سيدي محمد بن عبد الله والتي تمر بعدة مراحل للمعالجة انطلاقا من محطة أبي رقراق، تخضع لمراقبة صارمة في جميع المراحل حتى نقط التسليم للموزعين، مشددا على أن مراقبة الجودة تتم بشكل منتظم طبقا للمعايير المتعلقة بمراقبة الماء داخل قنوات التزويد العمومية. نتائج التحاليل أكد الحافظي، كما العثماني وأفيلال ومجموعة الخبراء العاملين بمحطة المعالجة أن «المياه المعالجة بهذه المحطة صالحة للشرب مائة في المائة، ولا تشوبها أي شائبة، وليست ملوثة، ولا تضر بالصحة العامة، وتحترم المعايير الوطنية والدولية في تزويد المواطنين بالماء الصالح للشرب»، مؤكدا أن المياه المنتجة لتزويد منطقة الساحل الأطلسي، الممتد من سلا إلى البيضاء مرورا بالرباط وتمارة والصخيرات وبوزنيقة والمحمدية، تخضع لبرنامج مستمر لمراقبة جودتها انطلاقا من مأخذ المياه الخام بحقينة السد، مرورا بجميع مراحل المعالجة بمحطة أبي رقراق، ووصولا إلى مختلف نقط التزويد بالمدن، مشددا على أن نتائج التحاليل المنتجة على سد سيدي محمد بن عبد الله أظهرت مخبريا أنها صالحة للشرب، ولم تعرف أي تدهور أو تغيير في جودتها، أو لونها أو طعمها، وأنها صالحة لصحة المستهلك. وقال الحافظي إن مدخل السد يصل إلى 60 مترا في العمق، ويمر على مستويات مراقبة لضمان جودة الماء بصفة دقيقة قبل دخول محطة المعالجة، التي تعد أكبر محطة بإنتاج يصل إلى 9 أمتار مكعبة في الثانية التي تساوي 9 آلاف لتر في الثانية، وسيتم الاحتفال بذكرى 50 سنة على إنشائها، وسيتم انجاز محطة جديدة بمنطقة أم عزة بإنتاج يصل إلى 5 أمتار مكعبة في الثانية ما يوازي 5 آلاف لتر في الثانية. ويتكون فريق المختبر المركزي من 86 إطارا، دكاترة في العلوم ومهندسون وتقنيون وإداريون، يعملون على مراقبة جودة المياه التي يشربها المغاربة. إجراءات احترازية قال عبد العزيز الزروالي، مدير وكالة الحوض المائي أبي رقراق، إن حجم المياه العادمة التي كانت صادرة عن سجن العرجات لا تتجاوز في أقصى حد 200 ألف متر مكعب، من أصل 721 مليون متر مكعب، أي أن النسبة 0.0283 بالمائة من إجمالي المياه الموجودة في السد، ما يعني أنها لا تشكل أي خطر على صحة المواطنين، مؤكدا في الوقت ذاته أن تدابير اتخذت لوقف التسرب. وأكد الزروالي أن مكتب الوكالة يدبر عملية تزويد الشريط الساحلي لمدة عامين بدون إشكال، مع الحرص على مراقبة جودة المياه أربع مرات في السنة، والمعالجة بواسطة الكلورعلى مدى كيلومترين من محطة الضخ، إلى محطة المعالجة، مضيفا أن المياه التي توجد في السد تعتبر خاما وتتراوح بين المتوسطة والحسنة من حيث جودة المياه على مدى 10 كيلومترات مربعة. وقال الزروالي إن الأهم يتمثل في غياب منطقة صناعية ترمي مقذوفات سامة وحصل أن تم إيقاف مشروع لرمي النفايات الملوثة، إذ قدمت وكالة الحوض المائي اعتراضها ، لكن هذا لم يمنع من وجود تلوث منزلي، لذلك حرصت الدولة على وضع برنامج تطهير السائل منذ 2005، من منطقة مريرت لمعالجة المياه العادمة والتي ستعمم بالمغرب كله، مضيفا أن منطقة سيدي علال البحراوي منذ نصف قرن ومياهها العادمة تصب في السد وهي نسبة طبيعية غير ضارة بصحة المواطنين، لأنها عمليا تطهر نفسها بنفسها وهي تنتقل وسط الطبيعة، لذلك سيتم تثمين المياه العادة، لإعادة استعمالها في سقي المساحات الخضراء. وبخصوص منطقة الكاموني، أكد الزروالي أن إشكالية غياب محطة معالجة المياه العادمة كانت سابقة على التحول الديمغرافي والحضري، إذ تتجاوز مقذوفاتها أربع مرات، مقذوفات سجن العرجات، و تم انجاز الدراسة وهيئ التمويل، ولم تتمكن وكالة حوض الماء من إيجاد وعاء عقاري، إذ وعدت الجماعة بذلك. تجهيز محطات السجنين حصل اتفاق مع مندوبية إدارة السجون، ومصالح المكتب الوطني للماء والكهرباء، لأجل تسريع وتيرة المحطتين اللتين ستكونان جاهزتين في ظرف شهر بالنسبة إلى المركز السجني الأول، وثلاثة أشهر بالنسبة إلى المركز السجني الثاني، وإنجاز حوض اصطناعي غير منفذ للفرشة المائية لتصريف المياه العادمة الصادرة عن السجنين المذكورين، وتنقية ومعالجة المجال الطبيعي الذي توجد فيه المياه العادمة، وتفريغ الفائض من المياه العادة عبر المعالجة بواسطة شاحنات صهريجية وصرفها في قنوات شبكة الصرف الصحي، يؤكد الزروالي، مضيفا أن هناك دراسة علمية لإمكانية استعمال المياه العادمة المعالجة في مكانها، قبل التسرب في سقي المساحات الخضراء، بدل طرحها في الطبيعة. وأنشأت محطة أبي رقراق منذ حوالي 50 سنة، وتعد أول وأكبر محطة معالجة المياه في المغرب لأنها تزود حوالي 7 ملايين مواطن بالماء الصالح للشرب، أي ما يعادل خمس المغاربة، إضافة إلى وجود محطات معالجة أخرى في مناطق مختلفة تزود المواطنين بالماء الشروب.

مياه المجاري … الإشاعة والحقيقة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

هذه هي المناطق التي ستشهد أمطارا اليوم

الاصابة بالسرطان ... الكشف المبكر يخفض تكلفة العلاج

مقالات ذات صلة