في بيتنا مجرم … الشعباني: غياب القصد الجنائي

< ما هي قراءتكم لظاهرة ارتكاب أشخاص جرائم القتل داخل البيوت المغربية؟ < يمكن أن تقع الجرائم في أي مكان إذا ما توفرت الشروط لارتكابها سواء داخل البيت أو خارجه، وما بين الأصول والفروع، أو ما بين الآخرين. لا يكون داخل العائلات القصد الجنائي ولا الترصد كما يقع داخل الجرائم الأخرى، لأن معظم الجرائم التي تقع داخل البيوت أحيانا تكون نتيجة الخطأ ونتيجة الغلو في الغضب ونتيجة للانتقام لكن لا يكون من وراءها الإصرار والقصد الجنائي. ما عدا بعض الحالات التي تتعلق بجرائم الشرف، كالأب الذي يقتل ابنته عندما ترتكب الفاحشة أو الأخ الذي يقوم بهذا العمل ضد أخته التي تتحدى القيم الاجتماعية داخل الأسرة، أو حينما يتعرض للضغط الخارجي عن طريق المضايقة من المجتمع ونعته بنعوت معينة، وهو ما يضطره لقتل الشخص الذي تسبب له في ذلك الضغط والإحراج. هذه بعض الحالات لكن أن يكون هناك تعمد وسبق الإصرار والترصد فإنه هذه المميزات لا تكون إلا في الجرائم الأخرى التي تعرف تضاربا في المصالح الاقتصادية أو الاجتماعية أو الاختلاف الإيديولوجي أو الفكري أو غيرهما. < هل يمكن القول إن انتشار هذا النوع من الجرائم دليل على أن المنظومة القانونية فشلت في تحصين المجتمع من هذه الظاهرة؟ < لا يمكن للمنظومة القانونية لوحدها أن تمنع من ارتكاب الجرائم، وإلا يمكن أن نغلق السجون، إذا هيأنا القوانين. لا يمكن للقانون أن يمنع ارتكاب الجريمة، هذا شيء مفروغ منه، وتجاوز النقاش طرح هذه المسألة. المنظومة القانونية قد تنظم الحياة وقد تقلص هذا السلوكات غير السوية، لكن هناك عوامل أخرى لا بد من توفرها وهي التي يمكن أن تساعد أيضا على تقليص حجم ارتكاب الجرائم، من بينها التركيز على القيم ورفع مستوى الوعي لدى الناس، ودفعهم إلى تقدير المسؤولية واستحضار العواقب التي يمكن أن تحدث نتيجة ارتكاب جريمة معينة. ولا بد أيضا من صيانة كرامة الإنسان وتوسيع حريته وإصلاح وضعه الاقتصادي والاجتماعي ومحاربة فقره وأميته. هذه مسؤولية المجتمع أيضا، لأن الشخص الذي يرتكب الجريمة قد يحتاج الأمن النفسي ويسرق لأن هناك أشياء تدفعه للسرقة، إما الحاجة أو لأنه يبحث عن مداخيل لا حق له فيها، فأي جريمة تكون وراءها أسباب معينة. المشكل يمكن محاربته بالمنظومة القانونية لكن أيضا بالمنظومة الأخلاقية والثقافية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية، وهي كلها منظومات يجب أن تكون مجتمعة لمحاربة الجريمة عوض الاعتماد على جانب واحد منها. < ما هي انعكاسات الظاهرة على المجتمع؟ < أي جريمة كانت سواء عادية أو غيرها، لا بد أن يكون لها انعكاس على استقرار المجتمع وأمنه. تحدث الجريمة زلزالا بالمجتمع وداخل الأسرة وداخل الحي، إذ تحور الطريق تماما وتغير كل ما كان تتطلع إليه تلك الأسرة التي ارتكبت داخلها تلك الجريمة. وفي المجتمع كذلك كلما كثرت الجرائم كلما كان هناك تسيب واضطراب واختلال في الأمن وقلق. إذ كيفما كان نوع الجريمة سواء تعلق الأمر بجريمة الفروع أو الأصول أو التي تقع بين الأغيار فإن لها انعكاسات سيئة جدا على الحياة الاجتماعية والاستقرار في المجتمع والراحة النفسية لكل أعضائه. المواطن الذي لا يشعر بالأمن لا يمكن له أن ينجز عملا مفيدا لبلده. المجتمع الذي لا يتوفر فيه الأمن لا يمكن أن يتطور ولا يمكن أن تستقر فيه الحياة، ولا أن يطمئن الإنسان فيه لكي يعيش. أجرى الحوار : محمد بها * أستاذ باحث في علم الاجتماع

في بيتنا مجرم … الشعباني: غياب القصد الجنائي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ملف: في بيتنا مجرم

في بيتنا مجرم ... صباغ يقتل أمه وأخاه وابني أخته

مقالات ذات صلة