فضيحة “السيليكون” المغشوش توسوس مغربيات

قلق يستبد بنساء أجرين عمليات تجميل الصدر بالمغرب رغم تطمينات وزارة الصحة 80 في المائة من زبناء مصحات التجميل بالمغرب نساء، وأغلبهن ينتمين إلى الطبقات المتوسطة أكثر من الأثرياء، وأكثر العمليات التي يخضعن لها مرتبطة بتكبير الأثداء، لذلك كان طبيعيا أن تهتز صدورهن، وهن يطالعن أخبار «السيليكون» الصناعي الذي صدرته الشركة الفرنسية «بولي أمبلنت بروتيس» والذي يمكن أن يسبب السرطان، كما يمكن أن ينفجر في صدور حاملاته. وضعت، إذن، طالبات الحسن والجمال اليد على صدورهن توجسا. دقت قلوبهن بعنفوان طبول الترقب والرعب. تساءلن: أيمكن أن أكون واحدة من الضحايا؟ بعضهن لم تستسلم للهواجس، بل رفعت السماعة، وكل ثانية تقضيها في انتظار رفع السماعة على الجانب الآخر يعبرها شريط الاحتمالات السيئة، وعبره تمر كل أشباح الخوف متراقصة بمكر. "ألو دكتور...واش هاذ الشي بصح؟ السليكون ديالي غادي يتفجر؟ واش فيا السرطان؟ واش هاذيك الشركة هي اللي باعت ليك السيليكون؟ واش..واش..واش..". تتزاحم وتتدافع الأسئلة، فيما يتحين الطبيب الفرصة ليرد على زبوناته المذعورات. "بالفعل، تلقت المصحات المنخرطة في جمعيتنا عدة اتصالات من زبونات أجرين عمليات تكبير للثدي، وطمأنهن أطباؤهن ألا خوف عليهن، وأن مصحاتنا لا تتعامل مع الشركة المتورطة في الموضوع، هذا في ما يخص المصحات المنضوية تحت لواء جمعيتنا، أما اللواتي أجرين عمليات في عيادات تتطفل على مجال التجميل، أو في الخارج، فلا علم لنا بنوعية "السيليكون" الذي تتضمنه حشواتهن، وعليهن مراجعة أطبائهن بكل تأكيد، للخضوع لفحوصات". يقول الدكتور كمال عراقي حسني، رئيس الجمعية الوطنية لأطباء التجميل والتقويم. إلا أنه رغم كل التطمينات التي وردت على لسان رئيس الجمعية، وكذا البلاغات التي أصدرتها وزارة الصحة، فإن حالة الخوف استبدت بمجموعة من المغربيات، بعضهن أبين إلا أن يجرين فحوصات للتأكد، وبعضهن وجدن أنفسهن لأول مرة أمام سؤال الحشوات المسببة للسرطان، "منذ زمن ونحن نسمع أن مادة "السيليكون" لا تتسبب أبدا في سرطان الثدي، وكل الأطباء في العالم يؤكدون ذلك، لأول مرة نسمع أنه يمكن أن تكون سببا في السرطان، لأول مرة أسمع أيضا أن هناك "سيليكون" طبيا وآخر صناعيا؟ لأول مرة أيضا أعرف أنه لا يوجد قانون ينظم دخول المستلزمات الطبية إلى المغرب؟" تتساءل "ج" بما يشبه الفجيعة، وتضيف أنها خضعت بالفعل إلى عملية تجميل لتكبير الصدر، ورغم أن طبيبها أكد أن المصحات المغربية لم تتعامل مع الشركة المتورطة، وأن حالتها جيدة، إلا أن ذلك لم ينجح في دفع مؤشر هدوئها إلى الاستقرار، لتظل متراقصة بين اليقين والريبة، "يكفي أنهم أكدوا أنه يمكن ل"السيليكون" أن يسبب السرطان لأشعر بالقلق، وسأعاني فعلا قبل أن أتعايش مع هذا الشعور".مغربية تعتبر نفسها بالفعل ضحية، لكنها تخشى أن تلجأ إلى القضاء. وقصة الشابة أو بالأحرى مشكلتها مع إدارة المصحة التي أجرتها فيها عمليات تجميل رفقة شقيقتها لتكبير الأثداء وشفط الدهون، تفجرت قبل أن تتفجر قضية "السيليكون" الصناعي، إذ "خضعت شقيقتي إلى عملية لتكبير الثدي، لكن في الأسبوع الأسبوع احتفظ أحد الثديين بحجمه الجديد، فيما أصبح الثاني كبالون يتسرب منه الهواء على مهل، كما أصبت أنا بعدة أعراض صحية خطيرة بعد شفط الدهون، لكن حين واجهنا إدارة المصحة لجأت إلى حيلة أخرى، وذلك بمطالبتنا بأداء ثمن العمليات دفعة واحدة، بعد أن كنا وضعنا لديها شيكات على أساس صرف كل واحد على رأس كل شهر، لنفاجأ بالطبيب يدفع الشيكات دفعة واحدة ما وضع شقيقتي في وضعية المبحوث عنها، وعوض أن تطالب بحقها في معرفة هل هي ضحية خطأ طبي، أم زرع في صدرها نوع رديء من "السيليكون"، والحقيقة طبعا ضاعت مع وجود قضية شيكات بدون رصيد ضدها".لقراءة الأرقام التي تعبر عن وضعية الخوف التي عاشتها ومازالت تعيشها مغربيات أجرين عمليات جراحية في مصحات متخصصة في التجميل والتقويم للحصول على صدور بارزة، أجرت "الصباح" عدة اتصالات هاتفية بمركز محاربة التسمم واليقظة الدوائية، إلا أنه تعذر الحصول على رقم تقريبي لعدد الاتصالات الهاتفية التي تجريها يوميا مغربيات بهذه المصلحة على رقم أخضر خصصته وزارة الصحة للمغربيات لطرح استفساراتهن وأسئلتهن في الموضوع، خاصة اللواتي أجرين عمليات تكبير صدر في الداخل والخارج. رسميا، ليس هناك خوف على المغربيات اللواتي أجرين عمليات تكبير لأثدائهن، لأن الشركة التي سوقت السرطان في حشوات الجمال لم تنفذ إلى أسواقنا، رغم أنها سبق أن عرضت منتوجها على أطباء التجميل ولم تحظ بحيز في مساحة، عدد المتخصصين فيها، يعد على رؤوس الأصابع، فيما لا يعرف عددهم في سوق التجميل السوداء. وإن كانت وزارة الصحة ألحت ودعت النساء اللواتي خضعن إلى هذه العمليات بمراجعة أطبائهن، فإنها أكدت أن دائرة الشك تحيط بخصور اللواتي أجرين منهم هذه العمليات في الخارج، وعليهن بكل استعجال عرض أنفسهن على الأطباء الذين أجروا لهن هذه العمليات.هذا ما ظهر رسميا، لكن بشكل غير رسمي، فإن ما تؤكده الجمعية الوطنية لأطباء التجميل والتقويم، لا ينطلي على أطباء العيادات التي تتعاطى مهنة لها قواعدها وأصولها، وهنا يكمن الشبح، لأن عشرات المغربيات أجرين عمليات تجميل في عيادات غير متخصصة، لأنها تعرض خدماتها بأسعار أقل. وهنا يجب أن تفتح الوزارة تحقيقا وأن تطلع على ما يجري داخل هذه العيادات، فلا أحد يعرف مع من تتعامل، خاصة بعد تأكيد رئيس الجمعية الوطنية لأطباء التجميل والتقويم، أن عمليات التجميل هي كباقي العمليات الجراحية الأخرى، "طبيب التجميل هو جراح بالدرجة الأولى كباقي الجراحين"، بمعنى، يضيف المختص نفسه، أن ما يمكن أن يحدث من مضاعفات في عمليات جراحية أخرى يمكن أن يحدث حتى في عمليات التجميل، ولذلك على الطبيب إخبار مريضته بجميع مخاطر العملية الجراحية.رغم الإقبال المتزايد على عمليات التجميل، وما يعنيه ذلك من استخدام لمستلزمات طبية تستورد في الغالب من الخارج، إلا أن مقترح قانون ينظم هذه العملية مازال في رفوف الأمانة العامة للحكومة، رغم ما يشكله من أهمية قصوى، "المستلزمات الطبية ضرورية في مجموعة من العمليات، ليس فقط التجميلية، ولابد من تنظيم عمليات الاستيراد كما هو الحال بالنسبة إلى الأدوية، ونحن نرى مثلا ما يستورد من الصين من مواد مغشوشة تستخدم طبيا، لكن لا أحد يحرك ساكنا"، تقول مصادر مطلعة، مضيفة أن عدم إخضاع هذه المواد إلى معايير الجودة يفتح الباب للغش. ض.ز

فضيحة “السيليكون” المغشوش توسوس مغربيات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مديرية الجمارك بدون أي وحدات طبية أو مختبر

مشروع قانون للحد من فوضى المستلزمات الطبية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات