تحرير الدرهم … كل ما يجب معرفته

نظام الصرف المعمول به والانعكاسات المحتملة للإصلاح والمتدخلون في مجاله أعاد إعلان الحكومة انطلاق التحرير التدريجي لسعر صرف الدرهم النقاش حول الانعكاسات المحتملة للإجراء على الاقتصاد الوطني والأسعار والقدرة الشرائية للمواطنين. ويتساءل العديد من المغاربة عن التحولات المرتقبة بعد الشروع في تنفيذ الإصلاح ابتداء من اليوم (الاثنين). ويتضح، من خلال التعاليق المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي، أن هناك شبه إجماع على أن التحرير التدريجي ستكون له انعكاسات وخيمة على القدرة الشرائية للمواطنين ويستندون في ذلك إلى ما وقع بمصر. فما هي طبيعة نظام الصرف المعتمد بالمغرب؟ وكيف يتم تحديد قيمة الدرهم؟ وما هي الجهات التي تتدخل في مجال الصرف؟ وما هي الانعكاسات المحتملة للتحرير التدريجي للدرهم؟ أسئلة ستحاول "الصباح" الإجابة عنها باللجوء إلى ذوي الاختصاص لتقديم التوضيحات اللازمة. سيسمح الإصلاح الذي شرعت السلطات في تنفيذه ابتداء من اليوم (الاثنين) بتحرير تدريجي لسعر الصرف، أي أن السلطات المسؤولة عن مجال الصرف ستظل تتدخل في تحديد السعر، والمستجد في العملية أنها سمحت بهامش أوسع لتغير سعر السوق عن السعر المحدد، أي بدل أن يرتفع أو أن ينخفض سعر صرف الدرهم بنسبة 0.3 % عن السعر المحدد من السلطات المالية، أصبح هامش التغير، حاليا، أوسع أي يمكن أن ترتفع قيمة الدرهم بنسبة 2.5 % صعودا ونزولا. نظام الصرف المعتمد هناك العديد من أنظمة الصرف المعمول بها عبر العالم، لكن يمكن تجميعها في صنفين أساسيين، الصنف الأول يطلق عليه نظام الصرف الثابت، والثاني يعرف بنظام الصرف المعوم. ويكون سعر الصرف في الحالة الأولى محددا من قبل سلطات الصرف، التي تكون ملزمة بضمان صرف الدرهم مقابل العملات الأجنبية بالسعر الذي تحدده، في حين أن السعر في الحالة الثانية يتوقف على السوق أي بناء على الطلب والعرض على العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية ولا تتدخل السلطات في هذا الحال في تحديد السعر. المتدخلون في الصرف هناك ثلاثة فاعلين أساسيين في تحديد سياسة الصرف وتنفيذها والتشريعات الخاصة بهذا المجال. ويتعلق الأمر بوزارة الاقتصاد والمالية المخول لها وحدها إقرار سياسة الصرف، التي تتضمن تحديد نظام الصرف (ثابت أو مرن) ومعدل الصرف، ويتولى بنك المغرب تنفيذ سياسة الحكومة وتتبع تطور العملات التي ترتبط بها العملة الوطنية من أجل تحديد سعر صرف الدرهم مقابل هذه العملات. ويتدخل مكتب الصرف في مجال تشريع الصرف، إذ يسهر على إعداد مجموع القوانين والدوريات التي تتعلق بالولوج إلى العملات الأجنبية، وكل ما يتعلق بالتدفقات المالية بين المغرب والخارج. سعر صرف الدرهم تحدد الحكومة، ممثلة في وزارة الاقتصاد والمالية، نظام الصرف، وقد اختار المغرب العمل بنظام سعر الصرف الثابت مع ربط تحديد قيمة الدرهم بتطور قيمة العملات المرجعية المشكلة لسلة العملات المعتمدة، التي تتضمن، في حالة المغرب، عملتين أجنبيتين هما الدولار الأمريكي والأورو، العملة الأوربية الموحدة، وتتشكل هذه السلة من 60 % من العملة الأوربية الموحدة و 40 % من الدولار الأمريكي، ويتم تحديد هذه التناسبية بناء على المبادلات الخارجية للمغرب، إذ أن نسبة الأورو داخل هذه الثنائية النقدية كانت تصل في السابق إلى 80 % بفعل أن التعاملات المغربية كانت تتم بنسبة كبيرة مع البلدان الأوربية، قبل أن تنخفض هذه النسبة إلى 60 % بعد تنويع المغرب لتعاملاته الخارجية، لترتفع حصة الدولار الأمريكي إلى 40 %. وهكذا، إذا ارتفعت قيمة الدولار مقابل الأورو، فإن قيمة الدرهم المغربي تنخفض مقارنة مع الدولار، في حين ترتفع قيمته تجاه العملة الأوربية الموحدة. تتولى وزارة الاقتصاد والمالية، أيضا، تحديد معدل الصرف، أي سعر الدرهم بالعملات الأجنبية، لكن بتعاون وتنسيق مع بنك المغرب، الذي يتولى تنفيذ سياسة الصرف المحددة من قبل الحكومة. وإذا كان القانون يخول للحكومة تحديد سياسة الصرف، فإن بنك المغرب يلعب دور مستشارها في مجال الصرف باعتبار أنه يتابع بشكل يومي تغيرات أسعار الصرف في أسواق العملة العالمية. وهكذا يتابع بنك المغرب، بشكل يومي الأسواق، ويعمل على تحديد السعر المناسب للدرهم بناء على تطور العملات الأجنبية، خاصة الدولار والأورو. ويتم تحويل العملة الوطنية إلى عملات أجنبية بناء على السعر الذي يحدده بنك المغرب في إطار تنفيذ سياسة الصرف المعتمدة من قبل الحكومة. التحرير التدريجي ومخاطر الصرف رغم أن المغرب يعتمد سعر الصرف الثابت، حاليا، فإن السلطات المسؤولة عن تنفيذ سياسة الصرف تسمح بتغير سعر صرف الدرهم داخل شريط في حدود 0.6 % من القيمة المحددة، أي يمكن أن يرتفع بنسبة 0.3 % أو ينخفض بالنسبة ذاتها. وهكذا، فإن المصدرين والمستوردين يظلون معرضين إلى مخاطر تقلب معدلات الصرف في هذه الحدود. وارتفعت مخاطر الصرف أكثر عند دخول إصلاح نظام الصرف حيز التنفيذ اليوم (الاثنين)، إذ تم توسيع شريط تغير الدرهم إلى 5 %، بدل 0.6 %، سابقا، أي أن قيمة الدرهم يمكن أن ترتفع بنسبة 2.5 % عن السعر المحدد أو تنخفض بالنسبة ذاتها. وسيؤدي اتساع هامش تغير سعر صرف الدرهم إلى مخاطر أكبر بالنسبة إلى المصدرين والمستوردين. فإذا افترضنا أن مستوردا اتفق مع ممون أجنبي لتوريد بضائع بقيمة 100 مليون درهم على أن يتم الأداء بعد ستة أشهر بالعملة الأوربية الموحدة الأورو، وانخفض الدرهم، خلال هذه الفترة، فإن المستورد سيؤدي في ظل النظام السابق، الذي لم يكن يسمح بنزول قيمة الدرهم بأزيد من 0.3 % عن سعر صرفه المحدد، مبالغ إضافية في حدود 300 ألف درهم . لكنه سيدفع، في ظل النظام الجديد، مبلغا إضافيا بقيمة مليونين و 500 ألف درهم. وتختلف الانعكاسات، حسب تطور سعر الدرهم وحسب الفئات، فإذا انخفضت قيمة الدرهم، فإن كل الواردات التي تؤدى بالعملة التي انخفض الدرهم مقابلها ستعرف ارتفاعا، وبما أن المغرب يتوقف بشكل كبير على السوق الخارجي، فإن أي انخفاض في قيمة الدرهم سيؤدي إلى ارتفاع بالتسلسل للعديد من البضائع والخدمات وسواء تلك التي تستورد بضائع جاهزة، أو مواد أولية لإنتاج بضائعها. لكن بالمقابل، سينعكس انخفاض قيمة الدرهم على تنافسية الصادرات المغربية، التي سيصبح سعرها في الأسواق الدولية أقل مما كان عليه. كيفية تحديد قيمة الدرهم يحدد بنك المغرب، وفق مقتضيات القانون رقم 03-76 بمثابة قانون أساسي لبنك المغرب، العلاقة بين الدرهم والعملات الأجنبية في إطار نظام الصرف وسعر تبادل الدرهم، المحددين بمقتضى نصوص تنظيمية. من جهة أخرى يشير المرسوم رقم 2-06-267، المتعلق بتطبيق القانون الأساسي لبنك المغرب، إلى أن نظام الصرف وسعر تبادل الدرهم (Parité du dirham) يحددان بقرار للوزير المكلف بالمالية، بعد استطلاع رأي بنك المغرب. وتحدد قيمة الدرهم مقابل العملات الأجنبية من قبل السلطات النقدية على أساس السعر المرجعي للعملات المشكلة لسلة العملات الأجنبية، وذلك وفق تناسبية محددة في (60 % للأورو و 40 % للدولار، وذلك منذ أبريل 2015)، وتحدد هذه التناسبية وفق أداءات المغرب مع الخارج. الاحتياطات المتوفرة رغم أن نسبة التغير تظل محدودة، فإن تغيرا ولو بنسبة محدودة يطرح بعض مخاطر الصرف بالنسبة إلى الفاعلين الاقتصاديين الذين يتعاملون مع الخارج، إذ يمكن لارتفاع أو انخفاض سعر صرف الدرهم أن تكون له انعكاسات سلبية على مداخيلهم أو نفقاتهم بالعملات الأجنبية. لذا يتدخل مكتب الصرف عبر دوريات، ليتيح للبنوك تقديم آليات مالية وفق شروط، إذ يمكن للمستوردين أو المصدرين أن يحددوا مبلغا معينا بالعملات الأجنبية بسعر صرف ثابت، أي لا يتغير رغم تغير قيمة صرف الدرهم مقابل الأورو أو الدولار، العملتين اللتين تشكلان السلة المرتبط بها صرف الدرهم. عبد الواحد كنفاوي

تحرير الدرهم … كل ما يجب معرفته

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تحرير الدرهم... كل الاحتمالات واردة

دركي وشرطي يعتديان على سائق "طاكسي"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات