الصبار: سنعيد الحوار مع المعتقلين السلفيين

الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان دعا إلى إعادة النظر في مؤشرات إعداد التقارير الدولية حول المغرب أكد محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أنه يجب إعادة النظر في المؤشرات المعتمدة في التقارير الدولية حول المغرب، وأوضح أن مسودة خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان حصلت فيها قضايا خلافية بسبب القناعات غير المشتركة مثل مراجعة بعض مقتضيات مدونة الأسرة، منبها في حوار مع «الصباح» إلى أن المقاربة الأمنية غير كافية في التعامل مع ملف السلفية الجهادية. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: مصطفى شاكري - تصوير: (عبد المجيد بزيوات) < أفرج مصطفى الرميد عن مشروع خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان 2018 2021-، التي أقرت بعدد من الاختلالات في مجال الخدمات الاجتماعية. ما هي ارتساماتكم حول الخطة؟ < تأخرنا في إصدار خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، كما تأخرنا في التفاعل مع توصية خاصة في هذا الباب صدرت عن مؤتمر فيينا 1993 لحقوق الإنسان. اليوم توجد مسودة جاهزة تحتاج لتعديلات سيتم تحيينها وتقديمها في الأيام القليلة المقبلة. هنالك طبعا قضايا أدمجت في الخطة لأول مرة وقضايا خلافية لم تحصل فيها قناعات مشتركة، مثل مراجعة بعض مقتضيات مدونة الأسرة وإلغاء عقوبة الإعدام والمصادقة على نظام روما المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية، وهي قضايا مفتوحة في صلب النقاش العمومي للوصول إلى فهم وقناعة مشتركين. < أين وصل «برنامج المصالحة» داخل السجون الذي استهدف المحكومين المتهمين بالقضايا الإرهابية، والذي شارك فيه المجلس الوطني؟ < طبعا كان هنالك برنامج للمصالحة شارك فيه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى جانب المندوبية العامة لإدارة السجون والرابطة المحمدية للعلماء، وهو برنامج يستهدف تقوية المراجعات الفكرية والدينية لأشخاص سجنوا بسبب تورطهم في قضايا إرهابية، أسفر عن استفادة 14 معتقلا من صنف السلفية الجهادية. ربما سنكرر النسخة الثانية من البرنامج في أفق إيجاد مخارج فعلية لملف السلفية الجهادية، الذي اعتقل إثره أزيد من ألف شخص. < أثار «برنامج المصالحة» استياء عدد من شيوخ السلفية الجهادية بسبب عدم إشراكهم، بل ونفت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين وجود هذا البرنامج. هل يمكن أن تطلعونا على أسباب الخلاف؟ < الموضوع فيه تقديرات مختلفة، ومن حق أي شخص أن يعبر عن رأيه، لكن هذه الخطوة فتحت نقطة ضوء من أجل إيجاد مخارج ممكنة لهذا الملف. < دعت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين الدولة إلى ما أسمته «الحل الفوري والنهائي لملف السلفية الجهادية» في المغرب. هل ترون أن هذا الملف مازال يطرح تحديات أمنية للمملكة إلى غاية الآن؟ < نتحدث عن أشخاص صدرت في حقهم أحكام قضائية، والقانون المغربي يتضمن تدابير وإجراءات تهم إطلاق سراح المعتقل سواء في إطار الإفراج المقيد أو الاستفادة من العقوبة، فضلا عن مقاربات سياسية أخرى من قبيل برنامج المصالحة. < لكن المقاربة الأمنية غير كافية لمعالجة الملف؟ < نحن أمام حالات مشابهة في دول ديمقراطية مثل بلجيكا التي اتخذت إجراءات غلب عليها الطابع الزجري لمواجهة هذه التحديات الأمنية. بالفعل المقاربة الأمنية غير كافية، لذا يتعين العمل على خلفية ثقافية تستحضر كل وسائل التنشئة الاجتماعية لنبذ ثقافة العنف وإقصاء الطرف الآخر. الاصطدامات مع الأفارقة أمر طبيعي < ألا ترى أن المواجهات العنيفة بين المواطنين المغاربة والأفارقة في المحطة الطرقية أولاد زيان تستدعي إعادة النظر في سياسة الهجرة التي يتبناها المغرب؟ < نحن أمام تنوع هوياتي وثقافي. من الطبيعي في المراحل الأولى أن تكون هنالك اصطدامات وعدم اقتناع البعض بأهمية استقطاب الهجرات التي تفد على المغرب بسبب اختلاف المرجعيات والثقافات، وهذا يقع حتى في الدول الأوربية العريقة. ما وقع في محطة أولاد زيان كان موضوع متابعة من قبل المجلس الوطني على المستوى المركزي أو الجهوي، ويوجد اليوم تفكير في إيجاد حلول لبعض المشكلات التي يعاني منها المهاجرون الأفارقة. لابد أن يعلم الجميع أننا لسنا بسلطة تنفيذية أو تشريعية أو قضائية. نحن مؤسسة استشارية نبدي النصح ونقدم آراء استشارية ومقترحات وحلولا للجهات المعنية ونتابع أيضا مآل هذه التوصيات. أعتبر أن ما يقوم به المجلس إلى حد الآن مقنع. يوجد تفاوت في التفاعل من قبل المؤسسات المعنية، وهو أمر طبيعي إذا استحضرنا الإكراهات السياسية للحكومة. طبعا حين تولى المجلس رئاسة لجنة الطعون، فهو يتوفر على تراكم وتقارير موضوعاتية حول الموضوع، وإرادة سياسية سامية في ما يتعلق بوضع مقاربة إنسانية جديدة للهجرة. إذن الأمر يتعلق بضرورة التصدي لهذه القضايا سواء الجوهرية أو الجانبية المرافقة لاستقرار الأفارقة. < هنالك من يرى أن هذه الأحداث تسائل قيم نبذ العنصرية والتعايش في المجتمع المغربي، وأن الأمر يرتبط بعوامل سوسيو ثقافية أكثر منها قانونية. هل تتفقون مع هذا الطرح؟ < طبعا هنالك عوامل سوسيو ثقافية. لا ننفي وجود جماعات منغلقة لا تستعد للانفتاح والحوار في بلادنا، ولا يمكن أن نقبل بالأمر كحقيقة، بل لابد من تغيير العقليات وتكريس قيم حقوق الإنسان وتعزيز قيم التسامح والتعايش بين الأفراد والمجموعات. ما هي توصيات المجلس من أجل تعزيز التربية على حقوق الإنسان والحق في الاختلاف؟ قدمنا بطبيعة الحال عددا من الآراء حول الموضوع، ونعمل مع وزارة الجالية ووزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان وبعض القطاعات الوزارية التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بموضوع الهجرة. حققنا نقطا إيجابية جدا في مجال التسوية، بقي فقط موضوع المصاحبة والمرافقة من أجل إدماج المهاجرين بشكل فعلي في النسيج المجتمعي المغربي. هكذا نتعامل مع الشكايات < هل قام المجلس الوطني لحقوق الإنسان بأي تدخل في قضية الشباب المغاربة المحتجزين في ليبيا؟ < يوجد عدة متدخلين في قضية المهاجرين المغاربة العالقين في ليبيا، إذ هنالك الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، وقد انطلقت رحلة من أجل عودة هؤلاء المهاجرين، كما أن وزارة الجالية لها التزام بطبيعة الحال لإعادتهم وحل الموضوع في أقرب وقت ممكن. يتابع المجلس الوطني الموضوع، لكن ليس له أي فعل واضح وملموس نظرا لإمكاناته المحدودة، ولوجود متدخلين آخرين لهم من الإمكانات ما يسمح بالقيام بمهامهم وأدوارهم المكفولة لهم قانونا. < كيف تتعاملون مع الشكايات؟ < توجد طبعا مسطرة واضحة في هذا الباب بهدف فحص ومعالجة الشكايات الواردة من المواطنين من الناحية الشكلية، ثم يشترط أن تكون لها علاقة باختصاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وإذا ثبت ذلك تفتح المصالح المختصة أبحاثا وتحريات ويتم الاستماع للجهة المشتكية، وإن اقتضى الحال استدعاء الشهود وفحص المستندات، وآنذاك يتم تكييف الخرق وفق المنظومة الدولية لحقوق الإنسان كما ورد في الدستور المغربي، ثم نرفع توصياتنا للجهات المختصة. < أثارت القمة الخامسة للاتحاد الإفريقي الأوربي قضية الهجرة الإفريقية. فما هو تصور المجلس لمسألة الهجرة بين البلدان الإفريقية؟ < كان المجلس الوطني حاضرا في القارة الإفريقية رغم أن المغرب لم يكن عضوا في الاتحاد الإفريقي، وواصل عمله في مجال حقوق الإنسان، بل إنه كان يرأس الجمعية الفرنكوفونية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، إلى غاية الأسبوعين الأخيرين، وبالتالي كان هنالك نوع من الامتداد داخل القارة الإفريقية. طرحت الهجرة بشدة في القمة الخامسة للاتحاد الإفريقي الأوربي، إذ تم التركيز على تشخيص التحديات الأربعة الكبرى التي يتعين على القارتين الانكباب على معالجتها وهي استتباب الأمن والتنمية الاقتصادية والتغيرات المناخية والهجرة وتنقل الأشخاص. < وماذا عن تحركات المجلس في ما يخص الهجرة من إفريقيا إلى الدول الأوربية؟ < شكل المغرب نقطة جذب للمهاجرين المتحدرين من جنوب الصحراء والساحل بسبب الفقر والمجاعات والحروب الأهلية، لذلك ينزحون إلى المغرب بطموح عبور الضفة الأخرى، لكن خلال السنوات الأخيرة نتيجة السياسة الأوربية في مواجهة الهجرة السرية، تحول المغرب إلى بلد استقرار. سبق للمجلس الوطني أن أصدر تقريرا حول الهجرة واللجوء. حاولنا أن نهتم بهذه الفئة الهشة لأن وضعها غير النظامي يسهل انتهاك حقوق الإنسان، فتقدمنا بتوصية ترمي إلى تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين واللاجئين في المغرب، وابتدأت المرحلة الأولى بتسوية 92 في المائة من الطلبات المقدمة ونحن الآن في المرحلة الثانية، وهي تسوية غير مسبوقة على المستوى الإقليمي والقاري، رغم الإمكانيات المحدودة، لكن المغرب حاول أن يرسي مقاربة إنسانية وكانت هنالك توجيهات ملكية في هذا الصدد مباشرة بعد صدور التقرير. لابد من مأسسة الإحسان < أعادت فاجعة الصويرة التي راح ضحيتها أزيد من 15 امرأة أثناء عملية توزيع المساعدات الغذائية على الأسر المعوزة، دعاوى توقيف عمليات الإحسان العمومي. ما رأيكم في المسألة؟ < أصدر صاحب الجلالة، بعد فاجعة الصويرة، تعليماته لرئيس الحكومة ولوزير الداخلية، قصد التأطير الحازم لعمليات الإحسان العمومي وتوزيع المساعدات على الأسر المعوزة. عقد اجتماع بين ستة وزراء تبلور عنه مشروع قانون يؤطر الإحسان العمومي، إضافة إلى إجراءات أخرى مثل فتح تحقيق قضائي تحت إشراف النيابة العامة والمفتشية العامة للإدارة الترابية. أعتقد أن هذا الموضوع يؤرق الضمير المجتمعي، ولابد من مأسسة قواعد الإحسان العمومي كي لا تتكرر هذه الأحداث. < لكن ألا تتحمل بعض جمعيات «العمل الإحساني» جزءا من المسؤولية خصوصا أنها تستغل المساعدات لخدمة أهداف انتخابية وحزبية دون أن تطولها المراقبة؟ < هذا ما يرجح التفكير في مأسسة الإحسان العمومي ووضع قوانين تؤطر المساعدات، التي تقدمها الجمعيات، حتى لا يستخدم لغير الأهداف المنتظرة من قبل عمليات الإحسان العمومي. لاوجود للعبودية في المغرب < أعادت أسواق بيع البشر في ليبيا قضية العبودية في الدول العربية إلى الأذهان، إذ كشف مؤشر العبودية العالمي 2017 الصادر عن منظمة «وولك فري» عن عدد الأشخاص الواقعين تحت العبودية في المغرب، والذين وصل عددهم إلى 220 ألفا، محتلا بذلك الرتبة السادسة. هل تتفقون مع ما جاء في التقرير؟ < لا أتفق مع ما جاء في التقرير لأن العبودية انقرضت في المغرب منذ زمان، إلا إذا كانت حالات معزولة لسنا على اطلاع عليها، لكن ما وقع في ليبيا شكل امتعاضا من قبل الحكومات، ولاحظنا كيف تفاعل رؤساء الدول مع هذه الظاهرة كي لا تنبعث مجددا في أرجاء المعمورة. < اعتمد التقرير في تصنيفه للمغرب على ما أسماه أشكال العبودية المعاصرة مثل تهريب البشر والدعارة القسرية واستغلال الأطفال في تجارة المخدرات. هل ما زالت هذه الأنواع من العبودية حاضرة بقوة في المغرب؟ < معلوم هي موجودة، التجارة بالبشر تكاد تخترق جميع القارات خاصة في المشرق وآسيا، ثم هنالك الابتزاز الجنسي والقهر الجسدي للعديد من المهاجرين الذين كانوا ضحية لشبكات إجرامية دولية. مواجهة هذه الظاهرة تتطلب مجهودا وطنيا ودوليا من أجل محاصرة هذه الظاهرة المشينة. < إذن هذه الأشكال من العبودية توجد بالفعل في المجتمع المغربي؟ < لا يمكن أن أجزم لأنه لم يسبق لنا أن تلقينا أي شكاية في الموضوع. أحيانا تستعرض الخادمات المنزليات المغربيات أو الأجنبيات معاناتهن، لكن الأمر لا يصل إلى العبودية كما هو متداول في القاموس السياسي والحقوقي. < ما تقييم المجلس لحصيلة الحكومة في مجال حقوق الإنسان تزامنا مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان؟ < المجلس بصدد تهييء تقرير حول الموضوع، وسنجرد مجمل الأنشطة التي قمنا بها، كما سنقيم السياسات العمومية ذات الصلة بحقوق الإنسان. < هل يمكن أن تطلعنا على خلاصة التقرير؟ < لا يمكن الآن، لننتظر إلى حين صدوره. < كيف يتعامل المجلس الوطني مع التقارير الدولية حول المغرب كيفما كان نوعها؟ < يعتبر المجلس الوطني كل التقارير الدولية الحكومية وغير الحكومية وثائق مرجعية، إذ يحاول دراستها واستخراج الخلاصات، وإدماج الملاحظة الوجيهة في تقريره السنوي. < ألا ترى أن بعض التقارير الدولية تكون قاسية في بعض جوانبها؟ < يحتل المغرب مراتب غير مرضية في حرية الرأي والتعبير، وهي تقارير تنجزها منظمات مثل مراسلين بلا حدود. يجب إعادة النظر في المؤشرات المعتمدة في هذا الباب. < كيف تفسرون استمرار سوء المعاملة والتعذيب في المغرب، بعد كل تلك الجهود التي بذلتها الدولة في القطع مع ممارسات الماضي؟ < التعذيب في المغرب ليس بسياسة ممنهجة، وهذا ليس فقط رأي المجلس الوطني بل فاعلين حكوميين ومدنيين. توجد حالات معزولة أحيلت على القضاء، كما أن هنالك مذكرات وزارية صدرت من وزير العدل السابق والوزير الحالي، وأخرى صدرت عن المديرية العامة للأمن الوطني تحث على عدم ممارسة أي شكل من أشكال التعذيب وسوء المعاملة وتجنب انتزاع الاعترافات عن طريق التعذيب. في سطور - من مواليد 1955 بالرباط. - أستاذ سابق بوزارة التربية الوطنية. - حاصل على شهادة الإجازة في علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. - حاصل على شهادة الإجازة في القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط. - زاول مهنة المحاماة. - عضو سابق باللجنة المركزية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. - نائب سابق لرئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. - رئيس سابق للمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف لولايتين.

الصبار: سنعيد الحوار مع المعتقلين السلفيين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"خفيف ظريف": رجوي

ماسكيرانو يحسم في وجهته المقبلة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات