ميلود العضراوي: ما يجري في تونس من تفاعلات سياسية واجتماعية

ما يجري في تونس الآن من تفاعلات سياسية واجتماعية، يدخل في دينامية الربيع العربي التي اندلعت في شهر دجنبر 2011 ومستقبل النظام السياسي في تونس على ضوء ثورة الياسمين. مستقبل النظام السياسي في تونس هو مستقبل الديمقراطية في هذا البلد وفي العالم العربي ككل، وتفاعلات المواقف الدولية والإقليمية من ذلك ، تقف شاهدة على مآل التحول المقبل في هذا البلد وما ينتظر المؤسساتية والمدنية من تغيير. تونس مهد الثورة الربيعية ومستقبلها الديمقراطي، واالعربي وتبنيبة الدولة المدنية في تونس ترعرعت في البداية متدرجة بحصيلة إيجابية.انتظر العالم من تونس أن تحمي مكتسبات ثورة الربيع العربي وتبني مؤسسات الدولة المدنية وليدة الثورة الربيعية.النظام السياسي الذي جاء بعد الثورة في تونس عكس الإحباطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الذاتية والموضوعية للشعب التونسي، وكان من الطبيعي أن يكون لها مضاعفات إقليمية عربية واسعة نظرا لتأثيرها على النظامين السياسي العربي والإقليمي بسبب تركيزها على قضايا التحرر والإصلاح الداخلي بشكل دقيق ودون إيلاء الأهمية لأي مطالب أخرى تتعلق بالسياسات الخارجية، مما أخاف القوى الإقليمية وخصوصا الأنظمة العربية الخليجية التي تهيبت من ردود الفعل الاجتماعية لديها ومواقف المعارضة ، فخاضت حرب آراء متناقضة من ثورة الربيع العربي وصلت حد محاولة إجهاض الديمقراطيات الناشئة في بعض الدول العربية التي تنتمي إلى ظاهرة الربيع العربي. مؤثرات موازين القوى الإقليمية كيفت الوضع السياسي في تونس بعد الثورة وساهمت في قيام نظام انتقالي ديمقراطي قاده محمد المرزوقي،تبني المنهج الديمقراطي لوضع الأسس الأولى لبناء الدولة المدنية في تونس،أفرزت التجربة القيادة السياسية التي تولت الحكم الانتقالي،حتى قيل أن الدينامية التونسية في تفعيل مقتضيات الثورة كانت مثالية، نحن بصدد ديمقراطية فعلية في تونس، عملية أغاضت مرتزقة القلم في الخليج وأذيالهم في المؤسسات الإعلامية الموجودة في أوروبا الذين وظفوا الفشل الذي لقيته الثورة في كل من ليبيا وسوريا واليمن ليطعنوا تجربة الربيع العربي ويبخسوا نتائجها.من المعلوم أن الانتفاضات عموما لا تسفر نتائجها بالضرورة عن تغيير فوري في السياسة الداخلية للدول والشعوب المعنية،كما أن الحكومات الجديدة المنتخبة التي تجد نفسها عرضة للضغوط السلبية من قبل القوى الرجعية، غير قادرة على القيام بواجبها وتحقيق التحولات الداخلية التي يحلم بها الشارع في مجالات شتى،غير أن نجاح صوت الشارع في التغيير يشعره بالتمكين من الحقوق المكتسبة التي طالب بها قبل الانتفاضة، المثل من المغرب أولا ومن تونس التي انتهجت نفس الطريق وبدرجة أقل في مصر التي تعرضت لانتكاسات متكررة غيرت مجرى التحول نحو الديمقراطية. لكن ماذا يجري في تونس الآن ؟ قبل أيام قام محمد المرزوقي الرئيس السابق للجمهورية التونسية والنائب البرلماني في قوى المعارضة السياسية الآن، يدعو إلى تكوين" جبهة سياسية ديمقراطية لمواجهة سياسة الرئيس الحالي"على حد تعبيره ،جبهة سياسية معارضة تقف في وجه القائد السبسي والتحالف السياسي الذي ينتمي إليه تيار الأغلبية الذي تراجع ويتراجع باستمرار عن مكتسبات الثورة ونتائج الربيع العربي في تونس، وذلك من خلال إقرار مشروع قانون المصالحة الإدارية".المرزوقي الذي تجمعه مع الطبقة السياسية اليسارية في المغرب علاقات نضالية منذ السبعينات زار المغرب وأكد على ربط الاتصال بين المسؤولين التونسيين عن مشروع تأسيس وتنزيل القوانين الدستورية المتعلقة ببنية الدولة المدنية في تونس بعد المرحلة الانتقالية واقتباس تجربة إنصاف والمصالحة من المغرب واعتمادها سبيلا لتحسين أداء المؤسسات الدستورية في تونس وإقامة مصالحة شاملة مع الشعب عن طريق جبر الضرر. التونسيون اجتمعوا بنظرائهم المغاربة في الهيئات المدنية في المغرب منذ سنوات للاستفادة من التجربة المغربية في مجال المصالحة المجتمعية، لكن الحكومة التونسية في الوقت الحالي تفرض نوعا من المصالحة تحت ضغط الوصاية الإدارية وتسلطية النظام السياسي الحاكم، مما يجعل المقاربة غير مجدية تماما ولا تمت بصلة للفهم السياسي المجتمعي إزاء مصالحة ترضي الجهات المتضررة. المرزوقي الذي تشبع بثقافة ديمقراطية تحررية وذات بعد إصلاحي ،رفض الطرح الحكومي من أساسه مستبعدا قانون "المصالحة الإدارية" الذي لا يرقى إلى مستوى توصيات بنزكري في هيئة الإنصاف والمصالحة وأسس جبهة ديمقراطية لمواجهة ما سماه بالتراجع عن مكتسبات الثورة في تونس.

ميلود العضراوي: ما يجري في تونس من تفاعلات سياسية واجتماعية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

معين الطاهر: خطاب عباس.. صوت مرتفع ومطالب منخفضة

سلا تستعد لمهرجان المرأة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات