السلطة التقديرية عطلت الرقمنة

الفيلالي الكاتب العام للمركز المغربي للحكامة والتسيير أكد صعوبة إدماج موظفين يقاومون التغيير كشف يوسف كراوي الفيلالي، الكاتب العام للمركز المغربي للحكامة والتسيير، عن تمركز العامل البشري معيقا رئيسيا حال دون نجاح التحول الرقمي. موضحا أن الموظف العمومي الذي يقاوم التغيير، يصعب إدماجه في التجارب الرقمية، مشددا على أن العقلية الكلاسيكية، المبنية على السلطة التقديرية للمسؤول العمومي، تظل محفزا أساسيا على الفساد الإداري، الذي تسعى الإدارة إلى محاربته عبر الرقمنة والولوج الإلكتروني للخدمات، مشيرا في حوار مع "الصباح"، إلى أن ضعف التنسيق وغياب التقييم المرحلي وتكوين الموظفين والمرتفقين، عوامل أفشلت مجموعة من التجارب الرقمية. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: بدر الدين عتيقي كيف تقيمون الإستراتيجية الرقمية للإدارة العمومية اليوم؟ لا يمكن الحديث عن تقييم نهائي للإستراتيجية الرقمية للإدارة قبل حلول 2020، لكن نلاحظ رغم ذلك، إنجاز مجموعة من المشاريع المتعلقة بإجراءات تبسيط المساطر وتحسين الاستقبال العمومي، بغض النظر عن الإكراهات اللوجستيكية والبشرية، فبالنسبة إلى دعم الإدارة الإلكترونية، تظهر بعض المنجزات، المتمثلة في بوابة الخدمات العمومية، التي تتضمن ما يناهز 170 خدمة إلكترونية، والجائزة الوطنية السنوية للإدارة الإلكترونية "امتياز"، التي تحفز على تطوير الخدمات الإلكترونية العمومية المخصصة للمواطنين، عبر مباريات تنافسية توجت 26 خدمة إلكترونية إلى غاية السنة الماضية. هذه المنجزات تظل قاصرة عن تحقيق المطامح والأهداف المسطرة، وتؤشر على بطء في تنفيذ مشاريع الإستراتيجية على أرض الواقع، إذ نلاحظ بعض الأعطاب التقنية لفئة معينة من الخدمات العمومية، التي تستوجب الفهم الدقيق للعطب التقني، وذلك لمعالجته بصفة جذرية وعبر برامج معلوماتية ذكية مبنية على الاستباقية، وكذا إدماج مختلف السيناريوهات الإلكترونية الخدماتية. فالأمر يتعلق بنجاعة البرمجة المعلوماتية، لإرضاء المستعمل النهائي وإنجاح التحول الرقمي الإداري. ما هي أهم النقائص التي شابت التجارب الرقمية للإدارة؟ بطبيعة الحال، ظهرت مجموعة من النقائص خلال الفترة الماضية، أذكر منها ضعف نجاعة التنسيق وغياب التقييم في منتصف الطريق، رغم وجود هياكل مخصصة للتتبع والمواكبة، سواء تعلق الأمر بالحكومة الإلكترونية، أو "المغرب المكان الرقمي"، وأقصد هنا الركن الثالث من "الإستراتيجية الوطنية الرقمية 2015-2020". ويمكن اعتبار التجارب الرقمية مجموعة من الوسائل والآليات، التي تهدف إلى تسهيل المعاملات الإدارية والاقتصادية وتقليص العامل البشري بالخصوص. وبالتالي، فإن العمليات الرقمية ستخضع ضمن الإستراتيجية المذكورة لنظام بيئي وطني، يتكون من نسيج من المتدخلين، يضم السياسيين والإدارة والمجتمع المدني، وكذا الخواص والمدارس العليا للهندسة المعلوماتية، الذين يتفاعلون في ما بينهم قصد تحقيق تحول رقمي مندمج، يغطي مختلف القطاعات الخدماتية. تعرض مخطط المغرب الرقمي لمجموعة من الانتقادات من المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي. أين يقع الخلل من وجهة نظركم؟ الخلل يكمن في التأخر في إنجاز المشاريع المبرمجة. هذه الإشكالية مرتبطة بانعدام مقاربة تشاركية حقيقية بين مختلف المتدخلين. وبالتالي فإن ما يتعين القيام به، هو تفعيل التجانس والالتقائية بين مختلف المشاريع، قصد الرفع من الحكامة، وذلك عبر تحديد الأولويات وإعطاء الأسبقية للمشاريع المستعجلة والهيكلية ذات البعد الجهوي والترابي، وعبر تخطيط زمني واقعي ومعقلن لمختلف مراحل انجاز المشاريع الرقمية. هل تعتقدون أن للعامل البشري دورا في فشل التجارب الرقمية؟ أظهرت التجارب الماضية في رقمنة الإدارة، تمركز العامل البشري في حالات عديدة، معيقا رئيسيا حال دون نجاح التحول الرقمي. لأن الموظف العمومي الذي يقاوم التغيير، وفي بعض الأحيان يرفضه تماما، سيكون من الصعب إدماجه في التجارب الرقمية، إذ يعتبر تدخله الشخصي سلطة وقيمة مضافة لا محيد عنهما. إن العقلية الكلاسيكية المبنية على السلطة التقديرية للمسؤول العمومي أو الموظف بصفة عامة، عطلت الرقمنة في أغلب الحالات، وظلت محفزا أساسيا على الفساد الإداري، الذي تسعى الإدارة إلى محاربته عبر الرقمنة والولوج الإلكتروني للخدمات، فالطابع اللامادي للتجربة الرقمية هو العامل الجديد، الذي سيفرض قواعد معاملات نزيهة، تضطلع بدور المرفق العام لتحسين وتجويد القطاع الخدماتي، الموضوع رهن إشارة المواطنين. هل المواطن والموظف مؤهلان بما يكفي لولوج التجربة الرقمية؟ هناك نقطة مهمة يجب الإشارة إليها في هذا الشأن، فالتكوين الرقمي لا يخص الموظف وحده، بل يهم أيضا المواطن، باعتباره المستفيد من الخدمات الإلكترونية. وبالنسبة إلى الموظف، يقتضي منه الولوج إلى التجربة الرقمية الاستفادة من دورات تكوينية متخصصة، حسب طبيعة ومجال عمله، وأذكر من بين وحدات التدريب والتكوين، النظام المعلوماتي، والبرمجة المعلوماتية، واستغلال الأنظمة والمساعدة التقنية. أما بالنسبة إلى المواطن، فالشرط الأساسي ألا يكون أميا، أي يجيد القراءة والكتابة، لكن، لابد من تكوين ذاتي حول كيفية الولوج والاستفادة من الخدمة الإلكترونية. إذ يتعين على الإدارة إنجاز وثيقة لتبسيط الاستعمال لفائدة المرتفق. ومن جهة أخرى، فالأمر يتعلق أيضا بالتوفر على حاسوب واشتراك في شبكة الأنترنت، وحسب المعلومات المتوفرة، فنسبة الولوج إلى الشبكة العنكبوتية تظل في حدود 46 %، وفق أحدث الإحصائيات، وسيكون من الأجدر تفكير الإدارة في تنظيم ورشات تكوينية عمومية جهوية، حسب الإمكانيات المتاحة، لتبسيط استعمال التطبيقات الذكية أو البوابات الإلكترونية، بما يتيح تقريب المواطن من الإدارة، وتفادي مجموعة من الإشكاليات المرتبطة بالاستعمال العمومي الرقمي. الجهل يفقد الثقة ألا ترون أن غياب الثقة لدى المرتفق حد من نجاعة الرقمنة؟ يظل انخراط الجميع أهم نقطة في التحول الرقمي، فإذا كانت الإدارة ستنفق اعتمادات مالية مهمة في عملية الرقمنة، فيما لن يستعمل المواطن الخدمات الإلكترونية، فمن الأجدر بها تحويل الميزانية لتغطية عجز آخر. لكن، نلاحظ في المقابل، تحولا جوهريا متعلقا بإجبارية الولوج الرقمي إلى مجموعة من الخدمات، لكي ينجز المواطن أغراضه، وبالتالي فعامل الثقة مرتبط بتواصل الإدارة مع المواطن بشكل سليم، ذلك أن الجهل يفقد الثقة، وعليه فإنه يجب توعية المرتفق حول فوائد الخدمة اللامادية ومزايا اقتصاد الطاقة وربح الوقت، وكذا البعد البيئي الذي يشجع على التحول الرقمي. غياب حكامة رقمية هل نستطيع القول إن المغرب يتوفر على حكامة رقمية بالمفهوم العلمي للكلمة؟ لا يمكن الجزم بتوفر المغرب على حكامة رقمية، بالنظر إلى حجم التحديات التي تنتظر التنزيل السليم لـ"الإستراتيجية الرقمية الجديدة 2015 - 2020"، عبر إجراءات عملية، مرفوقة بالمزيد من التنسيق الأفقي بين مختلف المؤسسات، والعمودي بين الإدارة المركزية والوحدات الترابية، مع وضع المواطن في صلب المعادلة، لأنه هو المستفيد النهائي من نجاح التحول الرقمي. في سطور > من مواليد 1984 بالرباط > دبلوم في علوم التدبير من معهد العلوم التطبيقية (IGA) > شهادتا ماجستير في رقابة التدبير والافتحاص والتسيير وإدارة المقاولات > شهادة دولية من المدرسة الوطنية للإدارة بفرنسا > شهادة دولية في الحكامة الجيدة من الأكاديمية الدولية ببرلين

السلطة التقديرية عطلت الرقمنة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

هجوم بالسيوف على مستشفى بالبيضاء

أمن فاس يتعقب المجرمين على الأنترنت

مقالات ذات صلة