مؤامرة

لاشك أن المكلفين بالجريمة بمواقع التواصل الاجتماعي بالمديرية العامة للأمن الوطني من أكثر الفرق الأمنية «إنهاكا»، في الآونة الأخيرة، فعشرات المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي تبث أشرطة فيديو حول لصوص يشهرون سيوفهم بالشارع، وآخرون يسلبون المارة ممتلكاتهم، ومجرمون يذبحون أو يغتصبون في واضحة النهار، في مشاهد مقززة تثير الغثيان. طبعا، هناك فرق شاسع بين الأمن والإحساس به، والأكيد أن هناك جهات تسعى إلى تبخيس ما تقوم به المؤسسة الأمنية لدى الرأي العام، وإثارة إحساس بفشلها في توفير الأمن. الأكيد أن انتشار مثل هذه الأشرطة، في الآونة الأخيرة، بشكل مكثف، يكشف حجم استهداف المؤسسة الأمنية، وخلق شعور بعجزها عن مواجهة تنامي الجريمة في الشارع، وصب الزيت على النار بدفع بعض «الفيسبوكيين» إلى ردود أفعال أكثر خطورة، أحد تجلياتها انتشار تدوينات تحث المغاربة على الاستعانة بالسكاكين والسيوف للدفاع عن النفس، فالشارع، في نظر هؤلاء، ليس آمنا، بدليل وقوع حالات اعتداءات في الآونة الأخيرة بأكادير والبيضاء وفاس، حسب اعتقادهم. لكن كيف تواجه المصالح الأمنية هذه الأشرطة؟ ومن يقف وراء انتشارها بشكل متعمد؟ إن انتشار فيديوهات الجريمة بهذه الكثافة والتضخيم و»الفبركة» عمل استخباراتي بامتياز لا يحتاج إلى نباهة للتأكد منه، والجزائر التي تتضايق من استتباب الأمن بالمغرب تسعى كل أجهزتها إلى إذكاء إحساس المغاربة بانعدام الأمن، وتكفي زيارة موقع «توتير»، الذي «تحتكره» الاستخبارات الجزائرية، لكشف الحملة وخلفياتها ومروجيها. لابد من الاعتراف أن المديرية العامة للأمن الوطني واجهت، إلى حد الآن، كل أشرطة الفيديو بالحزم، فكذبت المفبركة منها، واعتقلت المتهمين في أخرى، واستمعت إلى الضحايا، وسخرت كل إمكانياتها لاعتقال مجرمين يتوعدون بالقتل أو يسرقون أموال المارة تحت تهديد السيوف. إنها عملية إنهاك مدروسة تتداخل فيها مصالح الاستخبارات الأجنبية و«كارتيلات» المخدرات التي خسرت سوقها في المغرب، وترفض الرضوخ أمام الحزم الأمني، إذ أصيبت في مقتل، بعد نجاح الأمن والدرك الملكي في تفكيك عصابات كانت تنشط بالمغرب برقم معاملات يقدر بالملايير. البديهي أن يستنفر انتشار الفيديوهات المجتمع لتجنب الانسياق وراء «اللعبة» الاستخباراتية، فأغلبها إما قديم أو لا يعكس حقيقة الأحداث، ومسؤولية المغاربة تتمثل في التبليغ عن المجرمين وتقديم الشكايات، ورفض الخضوع لمنطق الابتزاز، لكن الأهم أن يتحمل الجسم القضائي بعض العبء، فلا أحد يستسيغ الآن صدور أحكام مخففة على تجار «القرقوبي» واللصوص بدعوى «مراعاة ظروفهم الاجتماعية»، ولا يقبل عودة «المشرملين» إلى غزواتهم بالشوارع، بعد شهور قليلة من سجنهم، تحت يافطة «انعدام سوابقهم القضائية»، فالحزم في تطبيق القانون، وسد الثغرات القانونية مسؤولية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، لإعلان ألا تساهل مع المجرمين.

مؤامرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وزير في قلب فضيحة اعتداء بالرباط

العثماني يواجه ثورة الوزيرات

مقالات ذات صلة