“البام” يتصدع

صمت الكبار و صراع بين رجال الصف الثاني لملء فراغ كرسي الزعامة بغض النظر عما إذا كان إلياس العماري، الأمين العام للأصالة والمعاصرة، قدم استقالته تلقائيا أو إعمالا لنصيحة نزلت عليه من عل، فقد حقق قائد “الجرار” نتائج انتخابية مهمة، برئاسة مئات الجماعات والبلديات، و 5 جهات، ورئاسة مجلس المستشارين، الذي يعد الرتبة الثالثة في هرم الدولة. ويجمع المتتبعون على أن سبب كبوة “البام” أنه أراد أن يضم كل الحساسيات السياسية دفعة واحدة، ليعبر عن فئات المجتمع، من اليساري الذي هرم في هامش المدينة، والمثقف المتحمس للتغيير، والأعيان خبراء الفوز الانتخابي، ومجموعة من الانتهازيين، وأصحاب المصالح الذين يختارون دائما المسارات المضمونة، فوجد الحزب نفسه أمام تناقض أكبر مما تصوره مؤسسوه، الذين لم يخبروا دروب السياسة بمقالبها إلا أخيرا، على اعتبار أن خيوطها تشكلت في العهد السابق، لكن بطريقة سلسة قابلة للتغيير والمراجعة، خاصة في ما يتعلق بدوران للنخب أوترجيح كفة البعض ضد الآخر بعيدا عن الهيمنة لان الأعراف السياسية في المغرب تتهرب من اعتماد الصيغ الجاهزة. إن مغادرة العماري مربع السياسة دون حوادث سير في مساره، يمكن أن تحسب في مصلحة “البام”، على اعتبار أن الأمر يتعلق بسابقة في تاريخ الدولة المغربية وأجهزتها وإدارتها المخزنية، حصل فيها شخص على مفاتيح كثيرة ، وذلك بخلاف ما كان يتم العمل به في السابق، حيث كانت تمنع الدولة على “ خدامها” تجاوز الحدود المسطرة لهم، لأنهم منفذون ، وكانت مهمة صناعة القرار موكولة حصريا لرجال يمتلكون جزءا من السلطة لإصدار الأوامر، وهذا ما جعل العماري يروج عنه، أنه أكثر حظا من أي شخص آخر رافق رجالات الدولة، ما جعله محط أنظار الطامعين في تحصيل منافع سواء رجال المال والأعمال والأعيان القدامى والأعيان الجدد بلباس عصري، ونساء ورجال الثقافة والنضال، إذ تحلق حوله أشخاص اعتبروا أنفسهم أنهم ضحايا المجتمع أغلبهم معتقلون سياسيون سابقون من عائلة اليسار، نساء وناشطون في المجتمع المدني. لكن العماري رفض ممارسة المسرحية السياسية التي ألفها المغاربة مع زعماء سابقين، يقدمون استقالتهم ويرفضها المكتب السياسي، والمجلس الوطني، وتصرخ النساء المستفيدات، ويسقطن أرضا ويرفع الشباب والكهول والمسنون أصواتهم “ يا فلان ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح”، ولا “ بديل لا بديل عنك يا زعيم”، رغم أن مسببات اعتزال القيادة عند العماري تتطلب تفسيرات كثيرة وسيناريوهات ممكنة للأيام المقبلة، هل يتجه الأصالة والمعاصرة إلى دخول الحكومة بقيادة جديدة مقبولة من قبل باقي مكونات الأغلبية الحكومية؟ أم سينصهر مع التجمع الوطني للأحرار؟ أم سيقود حكومة جديدة في حال حل حكومة سعد الدين العثماني، بإقالة وزراء أو رئيسها؟ المستقبل المجهول ينتظر أعضاء “البام” وغيرهم معرفة السيناريو الأمثل الذي يتم الإعداد له، والذي يجب أن يبتعد عما يروج من حل البرلمان وإسقاط الحكومة وتطبيق حالة الاستثناء، أو حكومة وحدة وطنية، لأن ذلك سيضر بالمؤسسات الدستورية، ولن ينفع في تنقية الأحزاب بالإبقاء على النزهاء والأكفاء من أعضائها. وبرزت وجوه سياسية تستعد لخلافة العماري، من ضمنها الحقوقي الحبيب بلكوش وعبد اللطيف وهبي وحكيم بنشماش، لكن الإشكال يكمن في الكيفية التي يجب فيها تفادي تكرار عملية “ ترييف” الحزب كما حصل عندما تجمع في تأسيسه نشطاء اليسار وجمعيات زلزال الحسيمة. ولم يكن خافيا أن وهبي وبنشماش اختلفا كثيرا مع العماري وجهرا بذلك، ما جعله ينزعج كثيرا ولأكثر من مناسبة، فيما بلكوش مارس الاختلاف الهادئ دون ضجيج، وقد يظهر اسم آخر رجالي أو نسائي، لذلك فإن “الجرار” سيواصل عمله بحرث الأرض. أحمد الأرقام

“البام” يتصدع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفكيك شبكة سيوف "التشرميل"

"بيجيدي" يستعمل المحروقات لنسف الأغلبية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات